بوصلة فلسطينية مشوّهة

22 يناير 2016
يسعى عباس لمخاطبة إسرائيل أكثر من سعيه للمصالحة الفلسطينية(Getty)
+ الخط -
يصر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في أدائه الغريب، على مفاجأة الناس، كل الناس، بلقاءات غريبة وتعويل غير مفهوم على مخاطبة "المجتمع الإسرائيلي" لدحض دعاية نتنياهو ضده، والتأكيد على أنه هو الشريك الأمثل للسلام وأن نتنياهو هو من يرفض اللقاء به، والدليل أنه لم يتلقَّ بعد أي رد من ديوان نتنياهو على طلبه اللقاء به، ومع ذلك فإن الاتصالات، على مستوى الموظفين بين الديوانين؛ ديوان نتنياهو وديوان عباس، مستمرة. كما أن عباس يحرص على بقاء التنسيق الأمني.

رسائل عباس هذه الموجهة للرأي العام الإسرائيلي، جاءت خلال لقاء له أمس الأول الخميس مع الصحافة الإسرائيلية، وهو من اللقاءات الدورية التي ينظمها ديوان الرئيس ومسؤول التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، ضمن مسعى دائم "لاختراق" المجتمع الإسرائيلي، عله يفيق من سباته ويضغط على قيادة حكومته لتجنح للسلام. هذا الجهد الذي لا نجد ما يوازيه ولو حتى نصف حجمه للتواصل مع الشعب الفلسطيني نفسه، وللوصول إلى مصالحة فلسطينية أولاً، يكتسب زخماً كلما دقّ الكوز بالجرة، أي كلما صرخت إسرائيل وأبواقها بأنه لا شريك فلسطينياً في المفاوضات، وكلما اتهمت عباس بأنه يحرض على الإرهاب.

هذا الأسبوع، وقع عباس تحت هجوم من كافة الأطراف الإسرائيلية، ولعل هذا ما يفسر حالة الطوارئ التي استدعت استضافة الصحافة الإسرائيلية ديوان عباس في رام الله. ومن موشيه آرنس، الأب الروحي لنتنياهو، يتسحاق هرتسوغ زعيم المعسكر الصهيوني، خرجت التصريحات بأن عباس ليس عنواناً لأنه مثلاً، بحسب أرنس، لا يملك الصلاحية ولا القدرة على تمرير اتفاق تسوية مع إسرائيل يشمل الإعلان عن نهاية المطالب. أما هرتسوغ، فقد وزع مسؤولية الجمود في العملية السلمية، بالعدل، على كل من نتنياهو وعباس... محزن جداً أن يشعر الإنسان وأن يرى أن ما يهم رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في الرد على هجوم الإسرائيليين عليه، هو التحرك لتحسين صورته أمام جلاوزة الاحتلال ومحاولة إقناعهم بأنه هو الشريك الأفضل، وأنه قادر وليس "ممعوطَ الريش" بدلاً من الاهتمام بسبل إنهاء الانقسام وتوحيد الصفوف وتصحيح البوصلة نحو التحرير والاستقلال.