دعوات لتأجيل الانتخابات العراقية... وتحذير من وصول قادة المليشيات للبرلمان

27 نوفمبر 2017
نحو ثلاثة ملايين نازح داخل العراق (كارل كورت/ Getty)
+ الخط -

على الرغم من تأكيد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، على إجراء الانتخابات العامة في عموم مدن العراق منتصف مايو/ أيار المقبل، إلا أن خبراء يرون استحالة تمكن مفوضية الانتخابات من إتمام استعداداتها القانونية والفنية خلال الخمسة أشهر المقبلة، فضلاً عن اشتراط كتل وأحزاب سياسية مختلفة عودة النازحين إلى مدنهم وسحب المليشيات وتثبيت الاستقرار فيها قبل إجراء الانتخابات أو حتى البدء بالحملة الدعائية لها.

وما بين اقتراحات تأجيلها لأشهر عدة إلى حين الانتهاء من إقرار قانون المفوضية المثير للجدل داخل البرلمان العراقي، وإعادة كافة النازحين إلى مدنهم، وبين إجرائها في الأجزاء المستقرة من العراق وتأجيلها في أجزاء أخرى، تنقسم الكتل السياسية الرئيسية في البلاد حيال الانتخابات، التي تعتبر الأكثر حساسية من سابقاتها بسبب الظرف الأمني الحالي للعراق واستفتاء انفصال إقليم كردستان والتشرذم داخل التحالف الحاكم، وعدم وضوح بوصلة التحالفات بين الأحزاب الكبيرة المشاركة في السلطة.

وقال مسؤول في الحكومة العراقية، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "مسألة إجراء الانتخابات في موعدها غير مؤكدة حتى اليوم، وهناك احتمال كبير للتأجيل، في حال لم تنته المفوضية من مقومات إجراء الانتخابات. كما أن لدينا نحو ثلاثة ملايين نازح داخل العراق، وهناك نحو مليون لاجئ خارج العراق غير مسجلين ولا يعرف مكانهم، إذ لم يراجعوا السفارات العراقية بعد عام 2014 عند نزوحهم من العراق، فضلاً عن أن هناك 8 بلدات ما زالت فصائل الحشد (الشعبي) توجد فيها، وترفض أصلاً عودة أهلها، ويجري رئيس الوزراء مباحثات معها حول ذلك". وأوضح أن أميركا ودولاً أوروبية تصر على عودة النازحين إلى مدنهم وتثبيت الاستقرار وسحب المليشيات واعتماد التصويت الإلكتروني في الانتخابات، إلا أن كل تلك المتطلبات للحكم على انتخابات نزيهة لا يمكن أن تتحقق في خمسة أشهر فقط من الآن. وأشار المسؤول إلى أن "الكتل السياسية المقربة من إيران تصر على إجراء الانتخابات بأي شكل أو طريقة وترفض التأجيل، في حين أن هناك كتلاً أخرى داخل التحالف الحاكم نفسه تعتبر أن مسألة التأجيل بضعة أشهر غير مرفوضة، ويمكن النظر إليها على أنها تطعيم للانتخابات، على أن تكون الحكومة خلال فترة التأجيل حكومة تصريف أعمال لا أكثر، وكذلك البرلمان بلا صلاحيات تشريعية".

وفي هذا السياق، كشف النائب عن التحالف الوطني الحاكم، علي البديري، لـ"العربي الجديد"، عن "بوادر لتأجيل الانتخابات"، عبر ما وصفها بـ"صفقات سرية تجرى بين كتل سنية وشيعية". وأضاف "هناك كتل كبيرة في البرلمان العراقي تكون في العلن رافضة لتأجيل الانتخابات، لكن في السر تدعم وتسعى إلى تأجيل الانتخابات بسبب خسارة القاعدة الجماهيرية لها، ومحاولة كسب مزيد من الوقت لترتيب وضعها في شارعها انتخابياً"، مبيناً أن "جميع السيناريوهات مطروحة، بالتأجيل أو الإجراء حالياً، وتعتمد على تطورات مهمة مثل إقرار قانون المفوضية وترتيب وضع المدن المحررة".

من جانبه، قال القيادي عن التحالف الوطني بزعامة إياد علاوي، النائب عبد الكريم عبطان، لـ"العربي الجديد"، إن "أربعة شروط يجب أن تتوفر قبل إجراء الانتخابات كما فهمنا من رئيس الوزراء قبل أيام، وهي توفير بيئة مناسبة، وكذلك عودة النازحين، وأن يكون الاقتراع بالبصمة الإلكترونية، وعدم دخول المجاميع المسلحة في العملية الانتخابية، وهو ما لا يمكن تحقيقه خلال الفترة المتبقية" قبل الانتخابات. وأضاف "على سبيل المثال أنا اليوم لدي مئات آلاف المهجرين في جرف الصخر وفي حزام بغداد ومكيشيفه ودويليبه وسلمان بيك وبيجي ومدن أخرى وآتي لأرشح في هذه المناطق كما في المرة السابقة. أين هم السكان في هذه المدن، وماذا يمكنني أن أقدم لهم من وعود وهم يسكنون في الخيام ويفتقرون إلى الطعام؟ إذا أردت أن أكون صادقاً سأقول له لا أملك شيئاً لك ولكن انتخبني وأنت في خيمتك، وهذا غير منطقي". وتابع "في هذه الانتخابات إذا لم تتوفر هذه الشروط الأربعة، وأولها عودة النازحين، وأنا لا أعرف لماذا لم يعيدوا النازحين إلى مناطقهم وهل هناك قوة ثانية أقوى من الحكومة تمنع هذا الأمر؟ لذا لا انتخابات نزيهة ولا شفافة ولا عادلة في حال لم يتم إعادة النازحين" إلى مناطقهم.

كردياً، يقول النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، لـ"العربي الجديد"، إن "من يريد تأجيل الانتخابات له أسبابه ومبرراته، وبالتأكيد من يلتزم بالمواعيد الدستورية له أسبابه، لكن التأجيل يجب أن يستند إلى فقرة دستورية واضحة، وضمن مبررات حقيقية، كما نراها اليوم من خلو مدن من أهلها. لكن إذا أراد العبادي إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، فإن عليه العمل على ثلاثة أمور مهمة، الأول أن يكون التصويت إلكترونياً في عموم مناطق العراق، والثاني إعادة النازحين إلى مناطقهم مع إعادة الأمن والاستقرار لهذه المناطق، والثالث عدم مشاركة الفصائل المسلحة في الانتخابات، لأنها ستحسم فوز كثير ممن ينتمون إلى هذه الفصائل، وبالتي سيطرة كثير من هذه الفصائل على المشهد السياسي". وأضاف "من الصعب جداً إجراء الانتخابات في وقتها المحدد، لكن التخوف من دخول العراق في فراغ دستوري. قد يتم إجراء انتخابات، لكنها لن تعكس الصورة الحقيقية لواقع تمثيل الشعب العراقي".

من جانبه، قال القيادي في التيار المدني العراقي، حسام العيسى، لـ"العربي الجديد"، إن "إجراء الانتخابات بهذه الوضعية قد يدفع بقادة المليشيات من جهة وزعماء العشائر القبليين من المناهضين لتنظيم داعش من جهة ثانية، إلى البرلمان، وستكون لدينا انتكاسة سياسية مخيفة، وتتويج لخطاب طائفي وقبلي وابتعاد عن حلم الدولة المدنية بالعراق". وأضاف أن "الجماعات المسلحة تسيطر على المشهد ورجال الدين كذلك، والمليشيات هي من تسمح لهذا الحزب بممارسة نشاطه وترفض أحزاباً أخرى، لذا من غير المنطقي إجراء انتخابات بوضع العراق الذي خرج لتوه من غرفة الإنعاش". ولفت إلى أن "الحاجة لتأجيل الانتخابات خمسة أو ستة أشهر أخرى مهمة لاستقرار نفسية المواطن وانخفاض النفس الطائفي والديني والقبلي، ومنحه فرصة للاستقرار على شخص أو حزب معين. أما الآن، وتحت قرقعة السلاح وصور انتشال الضحايا من تحت الأنقاض فسيكون من الصعب جداً التفاؤل بانتخابات ناجحة في العراق، ومن المستحيل الجزم بنزاهتها".

المساهمون