قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الأحد، إن العمليات العسكرية بدأت في سنجار، شمالي العراق، ضد منظمة "العمال الكردستاني"، فيما نفت قيادة العمليات المشتركة العراقية دخول أي قوات أجنبية إلى داخل حدود العراق، أو بلدة سنجار.
وأوضح أردوغان، أمام حشد جماهري بولاية طرابزون (شمال شرق تركيا)، قبيل انطلاق مؤتمر لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم: "قلنا إننا سوف ندخُل سنجار أيضاً، والآن بدأت العمليات العسكرية هناك"، ضد "العمال الكردستاني"، الذي تصنفه أنقرة "منظمة إرهابية".
وأضاف، وفق ما نقلت "الأناضول": "نحارب الإرهابيين في الداخل والخارج. لسنا دولة احتلال، وهمّنا الأكبر مكافحة الإرهابيين".
وهدد أردوغان، الإثنين الماضي، بالهجوم على قضاء سنجار بمحافظة نينوى، غربي الموصل، إن لم تقم الحكومة العراقية بإخراج عناصر "العمال الكردستاني" منه.
وأفادت مصادر محلية في محافظة أربيل ودهوك العراقية ضمن إقليم كردستان، لـ"العربي الجديد" الأربعاء الماضي، بأن الجيش التركي استقر في 19 ثكنة عسكرية داخل الأراضي العراقية ضمن قرى كردية وأخرى آشورية، وأقام حواجز حولها، ونشر دبابات ومدافع متوسطة المدى قادرة على أن تصل إلى عمق إقليم كردستان العراق، فضلاً عن مواقعه الموجودة أصلاً في نينوى عند جبل بعشيقة، التي تضم بطارية مدفعية ثقيلة يصل مداها إلى ما بعد الموصل، وذلك في إطار عمليات التحشيد العسكرية التركية على الحدود مع العراق.
يشار إلى أن مسؤولاً حكومياً عراقياً في بغداد أكد، لـ"العربي الجديد"، الجمعة الماضي، بدء انسحاب المئات من مسلحي حزب "العمال الكردستاني" من سنجار (80 كلم غرب الموصل)، بناء على طلب من الحكومة العراقية، لتجنب أي تدخل عسكري تركي يستهدف المنطقة.
كذلك أصدرت رئاسة "العمال الكردستاني"، الجمعة، بياناً أكدت فيه أن قواتها باشرت الانسحاب من مدينة سنجار بشكل كامل، وبررت ذلك بـ"ترسيخ الأمن والاستقرار بالمدينة".
رد عراقي
إلى ذلك، نفت قيادة العمليات المشتركة العراقية دخول أي قوات أجنبية إلى داخل حدود العراق، أو بلدة سنجار، مؤكدة أنّ تلك المناطق تحت سيطرة القوات العراقية.
وقال مركز الإعلام الأمني العراقي، في بيان صحافي، إنّ "قيادة العمليات المشتركة تنفي وجود أي حركة لقوات أجنبية عبر الحدود العراقية"، مؤكدا أنّ "الوضع الأمني في نينوى وسنجار والمنطقة الحدودية تحت سيطرة القوات العراقية".
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية، اللواء تحسين الخفاجي، ذكر، في تصريح أوردته وسائل إعلام عراقية، أن "الحكومة لم تبلغ وزارة الدفاع بشأن وجود عمليات عسكرية تركية في قضاء سنجار".
وأضاف الخفاجي أن "معلومات انطلاق عمليات عسكرية في القضاء المذكور غير دقيقة وقد تفتقر إلى المصداقية"، وبيّن أن "الحكومة المركزية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تدخل عسكري خارجي في العراق"، لافتاً إلى أن "العمليات التركية لو ثبتت صحتها فإن الحكومة سيكون لها علم، بالإضافة إلى وزارة الدفاع".
من جهتها، نفت مليشيات "الحشد الشعبي" وجود أي تحركات أو عمليات عسكرية تركية في بلدة سنجار، أو في محيطها، وقالت في بيان صحافي: "لم نلحظ أي تحرك عسكري تركي حتى الآن في هذه المناطق".
ودعت قوات البشمركة الكردية حكومة بغداد إلى "منع اختراق القوات التركية لسيادة أراضي كردستان".
وقال الأمين العام لوزارة البشمركة، جبار ياور، إنّ "اختراق الجيش التركي لأراضي كردستان متعلق بشأن سيادي، وعلى الحكومة المركزية الوقوف ضده"، مضيفاً أنّ "الشؤون السيادية، والمسائل المتعلقة بخرق سيادة أراضي ومياه وأجواء العراق، هي من اختصاص الحكومة الاتحادية".
وشدد: "على الحكومة الاتحادية أن تتخذ موقفاً من خرق الجيش التركي لأراضي وأجواء الإقليم".
وأوضح القيادي في التحالف الكردستاني، محسن السعدون، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "الإقليم لم يسجل أي تحرك عسكري تركي إلى غاية الآن"، مبيناً أن "المسافة بعيدة جداً من الحدود التركية إلى سنجار، وأرجّح في حال كان هناك تحرك عسكري فإنه سيكون قصفاً جوياً".
وذكر عضو البرلمان العراقي، زانا روستاي، لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث عن عملية عسكرية تركية تعني إما إنزالاً جوياً أو تنسيقاً مع بغداد، وغير ذلك مستحيل، كون المسافة بين أقرب نقطة تركية ومدينة سنجار أكثر من 100 كم، وتحتاج للوصول إلى المدينة تنسيقاً، فهناك قوات الجيش العراقي و"الحشد الشعبي"، إضافة إلى قوات البشمركة"، مبيناً أن "المدينة تغصّ بالمدنيين، وعلى الحكومة العراقية التحرك فوراً لوقف أي عملية محتملة ضد المدينة أو غيرها من مناطق العراق".
وأكد مسؤولون عراقيون أنّ "سنجار خالية من حزب "العمال الكردستاني"".
وقال النائب عن التحالف الوطني، جاسم محمد جعفر، في تصريح صحافي، إنّ "حزب "العمال" انسحب من سنجار بشكل كامل إلى بعض المناطق التركية وإلى العمق الكردي في دهوك"، مشيرا إلى أنّ "الحرب ضد حزب "العمال" لا تعطي تركيا الحق بدخول الأراضي العراقية"، داعيا الحكومة إلى "بيان موقفها من التدخل التركي، وإعلانها بدء العمليات العسكرية داخل الأراضي العراقية".
وأكد "عدم وجود أي اتفاق مسبق بين الحكومتين العراقية والتركية بشأن دخولها الأراضي العراقية".
العين على تل رفعت
وفي سياق منفصل، قال أردوغان، في كلمة ألقاها اليوم خلال مؤتمر لفرع حزب "العدالة والتنمية" في ولاية طرابزون، إن بلاده ستحقق أهداف عملية "غصن الزيتون" من خلال السيطرة على مدينة تل رفعت شمالي سورية خلال وقت قصير أيضاً.
ودعا أردوغان الولايات المتحدة إلى تسلّم السيطرة في منطقة منبج من مليشيات حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي تعتبره أنقرة الامتداد السوري لـ"العمال الكردستاني"، وتسليمها إلى "أصحابها الحقيقيين".
وأكّد الرئيس التركي أنه في حال عدم إخراج التنظيم من منبج، فإن "تركيا ستضطر إلى تحقيق ذلك بالتعاون مع سكان المنطقة".
يشار إلى أنّ الجيش التركي أعلن، أمس السبت، السيطرة على كامل قرى وبلدات منطقة عفرين، بعد أسبوع من تحرير مركزها.
وأطلقت القوات التركية عملية "غصن الزيتون" في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، بالتعاون مع "الجيش السوري الحر"، لتحرير المنطقة من المليشيات الكردية.