قامت القوات العراقية، مدعومة بألوية من مليشيا "الحشد الشعبي"، اليوم الأحد، بعملية عسكرية واسعة لتمشيط مناطق جنوب مدينة كركوك (240 كم شمال العاصمة بغداد)، وملاحقة عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي المتواجدين في منطقة الرياض، فيما تعتزم القوات شن حملة تفتيش مكثفة، بحثاً عن مطلوبين للقضاء العراقي، من خلال مراجعة تدقيق أسماء من عادوا إلى مدنهم بعد النزوح.
وقال ضابط في الفرقة التاسعة المدرعة بالجيش العراقي، إن "مناطق جنوب كركوك لم تثبت فيها القوات الأمنية بعد تحريرها من داعش، فقد تم تحريرها وتركها من دون أن تضع القيادة العسكرية فيها قواعد ونقاطا أمنية"، مبينا أن "منطقة الرياض ما زالت تضم العشرات من عناصر داعش، وتمثل مصدر قلق للقوات الأمنية والحشد الشعبي".
وأضاف الضابط، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أكثر من نصف عناصر داعش المتواجدين في منطقة الرياض هم انتحاريون، وهذه مشكلة ستواجهنا خلال العملية الأمنية، فقد يهاجمنا عدد منهم، لا سيما وأن العملية انطلقت من أربعة محاور على المنطقة، فلم يعد هناك منفذ يُمكن للإرهابيين الهرب من خلاله".
يذكر أن قوة من مليشيا "الحشد الشعبي" تعرضت، في 20 من شباط/فبراير الماضي، للوقوع في كمين نفّذه عناصر تنظيم "داعش"، أدى إلى مقتل 27 عنصراً من "الحشد" وخطف آخرين، بقرية السعودية في منطقة الحويجة غربي مدينة كركوك، الأمر الذي دفع قياديين في المليشيات إلى التوعد بملاحقة المنفذين والقصاص منهم "وأخذ الثأر"، فيما أكدوا أنهم سيسعون إلى استعادة الجثث المخطوفة خلال الحادثة.
من جهته، بيَّن القيادي في "الحشد الشعبي" (محور الشمال)، علي الحسيني، أن "العملية انطلقت بناءً على دعوات من أهالي المنطقة المتأثرين بالوضع الأمني المتردي، بسبب وجود خلايا إرهابية نائمة في مناطق جنوب محافظة كركوك"، مشيرا إلى أن "منطقة الرياض التي اقتحمتها القوات الأمنية اليوم تحوي عشرات الإرهابيين من داعش".
وقال الحسيني، لـ"العربي الجديد"، إن "الإرهابيين يمتلكون أسلحة خفيفة قد يقاومون من خلالها الجهود الأمنية التي ستنتشر هناك"، لافتا إلى أن "غالبية الدواعش ليسوا من أهالي منطقة الرياض، إنما لفيف من الإرهابيين المحليين مجتمعين من محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى".
بدوره، حذّر الصحافي والناشط في مجال حقوق الإنسان، وديع البياتي، من "تعنيف" بعض الأهالي من قبل قوات مليشيا "الحشد الشعبي" المشاركة في العملية، بعد خسارتهم العشرات من المتطوعين في صفوفهم، خلال الأسابيع الماضية، في نفس المناطق.
وقال البياتي، لـ"العربي الجديد"، إن "مناطق كثيرة في كركوك ما تزال غير مستقرة، فالانفلات الأمني في بعضها سببه تواجد فلول داعش، وهذا الأمر يمكن معالجته من خلال المتابعة الأمنية والمستمرة وتقوية الجهود الاستخباراتية. كذلك الصراع بين حكومتي بغداد وأربيل للسيطرة على كركوك هو أمر آخر في عدم استقرار المدينة"، مستدركاً أن "قوات الحشد الشعبي، لا سيما من فصيل بدر المسلح، خسرت العشرات من مقاتليها في منطقة الرياض والقرى المحيطة بها، وهناك خطر محتمل على الأهالي هناك أن يتعرضوا للتعنيف من قبل عناصر الحشد، بحجة أخذ الثأر".
وكان المتحدث باسم القوات الكردية (البشمركة)، هلكورد حكمت، قد أكد، أمس السبت، أن تنظيم "داعش" بدأ بترتيب أوراقه لإعادة نشاطه في محيط كركوك ونينوى.
وقال لمحطة تلفزيونية كردية، إن "نشاط مسلحي داعش في الحويجة ومحيط كركوك وجبال حمرين ومناطق أخرى قرب مدينة الموصل، مما لا شك فيه، يثبت أن تنظيم داعش يرتب أوراقه عسكريا بعدما نفّذ هجمات في تلك المناطق".
ويأتي هذا بعدما شهدت محافظتا نينوى وكركوك، في الأسابيع الماضية، هجمات دامية استهدفت الجيش و"الحشد الشعبي" وقوات أمنية أخرى، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى.
يشار إلى أن القوات الأمنية أعلنت، في الخامس من تشرين الأول 2017، تحرير ناحية الرياض بالكامل. وقال قائد عمليات تحرير الحويجة، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، في حينها، إن "قطعات الفرقة المدرعة التاسعة ولواء السادس والعشرين من الحشد الشعبي، تمكن من تحرير ناحية الرياض بالكامل وفتح طريق الفتحة - الرياض".