ويأتي هذا في وقت قال فيه مصدر تحدث لـ"العربي الجديد" إن القاهرة تسعى إلى اتفاق يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، ويضمن حقوق الأطراف كافة، مشدداً على أن مصر أكدت حسن نياتها في أكثر من جولة، وآخرها الجولة الماضية في واشنطن، والتوقيع على اتفاق الخطوط العريضة.
وكشف المصدر عن أن أي اتفاق بشأن السد، سواء كان نهائياً أو تمهيدياً، سيكون من شأنه تدويل القرار الخاص بنهر النيل، بين دول الحوض جميعاً، بعدما ظلت مصر وفقاً للاتفاقيات التاريخية هي المتحكم الأساسي في مياه النهر، عبر أكبر حصة مائية تحصل عليها إحدى دول الحوض، المقدرة بـ55 مليار متر مكعب.
وقال المصدر إن أديس أبابا استطاعت، حتى الآن، تحقيق انتصار مهم بالنسبة إليها، حتى قبل توقيع أية اتفاقات، ويتمثل بدفعها القاهرة إلى القبول بالتنازل عن سيادتها المطلقة في القرار الخاص بنهر النيل، حتى باتت إثيوبيا متحكماً أساسياً، باعتبارها دولة المنبع الرئيسية، مشيراً إلى أن "أديس أبابا متمسكة بصياغة واضحة لحق الشعب الإثيوبي في الاستفادة من مياه النيل وحقه في تقرير الاستخدامات".
فيما كشف مصدر دبلوماسي مصري أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على هامش حضوره اجتماع الاتحاد الأفريقي الأحد في العاصمة الإثيوبية، مضيفة أن "اللقاء لم يكن رسمياً، وتخلله حديث ودي بشأن أزمة السد، والجهود المبذولة فيها".
وأضاف المصدر أن "السيسي أكد لرئيس الوزراء الإثيوبي استعداد مصر للتجاوب مع أي مقترح من شأنه تحقيق التنمية لإثيوبيا، مع تخفيضه لحجم الآثار السلبية المترتبة على مصر، جراء تشغيل السد"، متابعاً أن "أحمد أكد للسيسي أن بلاده لا تتعنت مع مصر، وأن كل ما يشغله هو تحقيق مصالح شعبه الذي يعاني منذ فترة من نقص الموارد".
من جهته، قال وزير الري السوداني، ياسر عباس، في بيان له إنّ "من المنتظر أن توقع الدول الثلاث المتأثرة بسد النهضة، بالأحرف الأولى، على مسوَّدة اتفاق في حال تجاوز القضايا مثار الخلاف".
وأوضح أن "الفرق القانونية من الدول الثلاث والمراقبين واصلوا أعمالهم في واشنطن منذ الاجتماع الأخير لصياغة الاتفاقية في شكلها النهائي".
وذكرت وزارة الري بالسودان في بيان أن الاجتماعات التي عقدت نهاية يناير/كانون الثاني الماضي بواشنطن أحدثت اختراقا كبيرا في مفاوضات سد النهضة، وأن وفد السودان لعب دوراً محورياً في الوصول لذلك، عبر الاتفاق على جدولة خطة للملء الممرحل لبحيرة السد، وكذلك الاتفاق حول آلية لملء بحيرة السد خلال فترات الجفاف.
كما أشارت الوزارة إلى أن اجتماعات واشنطن الشهر الماضي انتهت إلى الاتفاق على آلية لمراقبة تنفيذ الاتفاقية بما فيها الملء والتشغيل وحل الخلافات، والاتفاق على معالجة مسائل التشغيل الآمن للسد واستكمال الدراسات المتبقية حول تأثيراته البيئية والاجتماعية.
ويأتي هذا في الوقت الذي قال فيه سامح شكري إن اجتماع واشنطن المقبل لوزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا، سيكون آخر جلسة للمفاوضات، وهناك توجه للوصول إلى اتفاق نهائي خلال الجولة القادمة، مضيفاً، في تصريحات إعلامية: "نسعى إلى أن يكون هناك اتفاق نهائي أو شبه نهائي، وهناك إرادة ورؤية واضحة، وهناك جزء كبير أُنجز في الاتفاق الفني الذي جرى التوصل إليه، ومع المفاوضات سنركز على النواحي القانونية المتعلقة بالاتفاق"، مشيراً إلى أن "هناك تركيزاً على الجزء الفني، ولا بد من تناول مجمل مواد الاتفاق".
وأعلنت مصر، في وقت سابق من 2019، وصول مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا إلى طريق مسدود، داعية إلى الاستعانة بالولايات المتحدة كوسيط، التي دعت بدورها إلى اجتماع في واشنطن في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، واتفق خلاله على عقد أربعة اجتماعات بحضور أميركي، وتمثيل للبنك الدولي، بهدف التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث.