"الإرهاب" والهجرة طريق عودة ساركوزي للإليزيه

15 سبتمبر 2016
ساركوزي: لن أكون مرشح التسويات حول الهجرة(توماس سامسون/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن الرئيس الفرنسي السابق، زعيم المعارضة اليمينية، نيكولا ساركوزي، مصمماً على أن يجعل من موضوع "محاربة الإرهاب" حجر الزاوية في حملته الانتخابية وحلبة مبارزة ضد خصمه الاشتراكي، الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند. وكثف ساركوزي، في الأيام الأخيرة، عبر خطاباته وحواراته الصحافية، من تناول موضوع الإرهاب إلى حد أنه صار يهمل الحديث عن مواضيع أخرى كانت تحتل الصدارة في اهتمامات اليمين المحافظ مثل الاقتصاد ومحاربة البطالة والضرائب.

ويعتبر ساركوزي أن على فرنسا تكييف الجهاز القضائي مع التهديدات الإرهابية ولو أدى ذلك إلى تعديل في الدستور والتضحية ببعض المبادئ الديمقراطية وبالحريات الفردية وتغيير جوهري لمفهوم "دولة القانون". وهذا الكلام يتناقض تماماً مع دعوة هولاند إلى "محاربة الإرهاب في دولة القانون من دون التضحية بالأسس الديمقراطية"، كما جاء في خطابه الأخير حول "الديمقراطية في مواجهة الإرهاب".

ولا يكف الرئيس السابق عن تقديم الاقتراحات في ما يخص محاربة الإرهاب منتقداً بشدة عجز هولاند والحكومة الاشتراكية عن حماية الفرنسيين من الاعتداءات الإرهابية. وصرح، الأسبوع الماضي، أنه لن "يكون مطلقاً رئيساً يجسد العجز". وقال في تجمع أمام أنصاره إن "فرنسوا هولاند يؤكد أن أولويته من الآن فصاعداً هي دولة القانون، أما أنا فإن أولويتي هي أمن الفرنسيين. أريد أن أكون رئيساً للجمهورية يحمي الفرنسيين ويدافع عن فرنسا".

وضاعف، أول من أمس الإثنين، من هجومه على هولاند في خطاب ذي نبرة حربية متوعداً بشن حرب شاملة على الإرهاب، واصفاً تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بالطاعون الأسود. وقال "من أجل حماية حرية الفرنسيين يجب أنْ أحُدّ من حرية الإرهابيين. إنهم يريدون إبادتنا ولا مناص لنا من خوض الحرب الشاملة ضدهم. أجدادنا حاربوا الطاعون والآن نحن في مواجهة الطاعون الأسود الذي يمثله لون علم "داعش". ولإقناع الفرنسيين بهذا الخطاب، يشهر ساركوزي باستمرار تجربته كرئيس دولة ووزير داخلية سابق وخبرته الطويلة في الشؤون الأمنية.



بموازاة الحرب ضد الإرهاب، وحتى يكون أكثر انسجاماً مع نفسه في محاولاته استمالة ناخبي اليمين المتطرف، يركز ساركوزي على "الإرهاب الإسلامي" وينتقد بشدة كل ما له صلة بالإسلام. فبالإضافة إلى مطالبته بالاعتقال الوقائي لكل المشتبه بهم بالتشدد الإسلامي من دون المرور عبر القضاء، يدافع بقوة عن حظر "البوركيني" (لباس البحر للمسلمات). ويطالب بمنع الحجاب في الجامعات، وإلغاء قانون لمّ الشمل لدى المهاجرين، وحتى حظر وجبات الطعام البديلة لتلك التي تحتوي على لحم الخنزير في المدارس. وأوضح "لن أكون مرشح التسويات وإخفاء الحقائق وأنصاف الحلول حول الهجرة، نحن لا نريد مظاهر انتماء خارجية تدل على ديانة في بلادنا. أنا أدافع عن نمط عيش الفرنسيين".

والواقع، أن ساركوزي يريد ضرب عصفورين بحجر واحد، لأن موضوع الإرهاب لن يميزه فقط عن خصمه هولاند في أفق مبارزة ثنائية في رئاسيات 2017، بل سيساعده، أيضاً، على التميز عن منافسيه في صفوف المعارضة اليمينية الذين رشحوا أنفسهم للانتخابات التمهيدية في حزب "الجمهوريون الأحرار"، خصوصاً ألان جوبيه، الذي يحظى بشعبية جيدة في استطلاعات الرأي التي تعطيه تفوقاً على ساركوزي.

لهذا، فإن الأخير يريد التميز عن بقية المرشحين اليمينيين في أفق 21 سبتمبر/أيلول الحالي، موعد انطلاق الحملة رسمياً لهذه الانتخابات غير المسبوقة لليمين، في 20 و27 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وبالإضافة إلى ساركوزي وجوبيه من المرجح أن ينحصر عدد المتقدمين الذين يلبون معايير صارمة للمشاركة بثمانية منهم، امرأة واحدة هي ناتالي كوسيوسكو موريزيه التي تدافع عن "يمين حديث" معتدل، وبرونو لومير، وفرنسوا فيون الذي شغل منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012.

وإذا كان خيار ساركوزي بالتركيز على محاربة الإرهاب واتخاذ مواقف متطرفة ضد المسلمين في فرنسا قد يمنح فرصة للتفوق على خصومه في صفوف اليمين، فإن الخطر الذي يتهدده يتمثل في متاعبه المتكررة مع القضاء. فقد طلب الادعاء العام، أخيراً، محاكمته رفقة 13 متهماً آخرين في قضية تجاوز سقف التمويل المسموح به في الحملة الانتخابية عام 2012. وفي حال قرر قضاة التحقيق إحالة القضية إلى المحكمة قبل الانتخابات التمهيدية في حزب "الجمهوريون الأحرار"، فإن ذلك يهدد طموحه بالعودة إلى قصر الإليزيه.