تونس: مصير حكومة الشاهد يُحسم الجمعة المقبل

22 اغسطس 2016
أعلن الناصر خلال مؤتمر صحافي جلسة تحديد الثقة(العربي الجديد)
+ الخط -
حدّد رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر، يوم الجمعة المقبل، موعداً لعرض حكومة يوسف الشاهد على التصويت لمنحها الثقة. وتشهد تركيبة الحكومة جدلاً متواصلاً من الأحزاب والشخصيات المشكلة للحكومة، والتي عبر بعضها عن تحفظه حول عدد من الأسماء.

وخلال مؤتمر صحافي، أعلن الناصر، اليوم الاثنين، أن الجلسة العامة المخصصة لعرض حكومة الشاهد على التصويت لمنحها الثقة، ستكون الجمعة المقبل، لافتاً إلى أن الحكومة ستقدم برنامجاً موجزاً عن عملها، يعقبها نقاش يتواصل إلى السبت، ليتم التصويت في ختام الجلسة على منح الثقة للحكومة من عدمه.

ويواجه الشاهد، تحفظات بالجملة على تركيبة الحكومة التي أعلن عنها، أول من أمس السبت؛ ووصلت هذه التحفظات حدّ التلويح بالاستقالة من قبل بعض الأحزاب، ومطالبتها بجولة جديدة من المشاورات حول الحكومة.

ويلتقي الرئيس المكلف اليوم، عدداً من الأحزاب الرافضة للتشكيل، بغاية إقناعها، وسط ترجيحات بانتقال أزمة التعيينات إلى داخل هذه الأحزاب.

وعقب إعلان الشاهد عن تشكيلته الحكومية، التي بدا أنها تحظى بدعم الرئيس الباجي قائد السبسي، ظهر تململ واسع وسط الأحزاب السياسية المشاركة في الائتلاف الحاكم، الذي تغيرت ملامحه بمقتضى التركيبة الحكومية الجديدة، إذ غادرها حزب "الاتحاد الوطني الحر" العمود الرابع للائتلاف.

وتتالت، أمس الأحد، المواقف الصادرة عن الأحزاب الحاكمة المشاركة في حكومة الوحدة، لتبدي امتعاضاً من نسبة تمثيلها في حكومة الشاهد وإقصاء أسماء منها، وفيما عقد حزب "نداء تونس" اجتماعاً لكتلته البرلمانية، لوحّ خلالها 19 نائباً بالاستقالة منها في حال لم تعدل التركيبة الحكومية.

واعتبر المشاركون في الاجتماع، أن الشاهد تجاهل مطالب الكتلة ووزنها، بل وذهب أبعد من ذلك، باتجاه إرضاء حزب "النهضة" بعدد من الوزارات، يعادل ما تحصل عليه "النداء"، وإقصاء وزراء ندائيين لم ترض عنهم، وفق ما أفادت به مصادر من كتلة النداء لـ"العربي الجديد".

غير أن عضو لجنة التفاوض مع الشاهد، والنائب في كتلة "النداء"، منصف السلامي في حديث لـ"العربي الجديد"، أوضح أنّ المسألة لا تعدو التلويح بالاستقالات، ولا صحة لخبر تقديم استقالات فعلية من كتلة "النداء" لرئيسها سفيان طوبال، مبيناً أن هذا "الموقف يعود لعدم الرضا عما أفضت إليه المشاورات الحكومية من تشكيلة أعلن عنها الشاهد، وعدم إصغائه لمطالبها، وفي مقدمتها عدم إعفاء وزير الصحة سعيد العايدي من مهامه والإبقاء عليه".

وكشف السلامي، أنّ وفداً من الكتلة النيابية لـ"النداء"، سيتوجه اليوم، للقاء الشاهد ليطالب بتعديل في القائمة المقترحة للوزراء وإعادة العايدي إلى التشكيلة الحكومية.

أمّا "آفاق تونس"، فأعلن في بيان صادر عن مجلسه الوطني المنعقد، أمس الأحد، دعمه حكومة الشاهد، معتبراً أن مشاركته فيها واجب وطني في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد، ومبدياً في الآن نفسه، تحفظاته على مستوى التمثيلي الذي اتخذته مشاورات تشكيل الحكومة وتركيبتها.

وكلف "آفاق تونس" فريق التفاوض بالعودة إلى رئيس الحكومة المكلف لفتح باب النقاش من جديد ولمدّه بالنقاط الخلافية العالقة، مشيراً إلى أن القرار النهائي حول مشاركته في الحكومة لم يتخذ بعد ورهين النقاش مع الشاهد.

بدوره، بيّن القيادي في الحزب والوزير المعفى من مهامه، نعمان الفهري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحزب يقدر أهمية المشاركة في الحكومة في هذه الفترة إلا أن عدداً من التحفظات يجب إبلاغها لرئيس الحكومة من بينها الاعتراض على توزيع الحقائب، واستغراب أن تقدم وزارة تكنولوجيا الاتصال لجهات افتعلت مشاكل من أجل الحصول عليها.

وأردف الفهري أن وفداً من "آفاق تونس" سيتوجه للشاهد لتحسين شروط التفاوض وإعلامه بالنقاط التي لا تحظى بموافقة الحزب، مؤكداً إيجابية الحزب في التعامل مع الحكومة. وأوضح أن الموقف الرسمي للحزب الذي صدر عن مؤسساته وهي مجلسه الوطني، أما المواقف الشخصية فلا يجب الأخذ بها.

وكان رئيس الحزب ياسين إبراهيم كتب على "تويتر"، أن حكومة تتضمن كلاً من عبيد البريكي ومهدي بن غربية، لا يمكن أن تحمل مكافحة الفساد كشعار لها، وسارع لمحوها إثر انتشارها وتواتر ردود الأفعال عنها.

من جهتها، رأت حركة "النهضة" إثر الدورة الاستثنائية لمجلس الشورى، أن التركيبة الحكومية تترجم مبدأ الوحدة الوطنية نظراً لأنها وسعت قائمة الأحزاب المشاركة فيها، وحُيّدت وزارات السيادة الحساسة، لكنها أكّدت أيضاً أنها ستتجه للشاهد لإبلاغه بتحفظاتها على بعض الأسماء لتطلب منه تعديلها رغم أن ذلك لن يغير من موقفها الأساسي الداعم لحكومة الشاهد.

في المقابل، وصف أمين عام حراك "تونس الإرادة" (يتزعمه الرئيس السابق المنصف المرزوقي) عدنان منصر، التشكيلة الحكومية بـ "الفكاهية"، معتبراً أن هناك "معارضة قد انتهت"، وذلك بعد قبول أحزاب معارضة المشاركة في التشكيلة.

وقال منصر، في تدوينة على صفحته الرسمية، أمس الأحد، إنّ "المعارضة قبضت من بن علي قبل فراره، وحاولت إنقاذه ليلة فراره، وكانت الأعلى صوتاً بحماية الداخلية... التي ولدت في مكاتبها"، مضيفاً أنّ "الرئيس السبسي، مثل بن علي، يعرف حقاً كم يساوون في السوق".

وانتقد منصر أحزاب المعارضة التي شاركت في التشكيلة، معتبراً أنّها "ستدفع الثمن مع بعضها"، خاتماً بالقول "شكراً سي الباجي لأنك وضعتهم في سفينة واحدة... سهلت الأمر على الطوفان القادم".

وكان الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي المعارض محمد عبّو، قد تساءل في حديث مع "العربي الجديد" عن موقف الحزب "الجمهوري" حول قانون المصالحة الذي يعارضه، بعد دخوله إلى الحكومة، معتبراً أنّ بعض الأحزاب الموجودة في حكومة الشاهد "لا وزن لها، ولن تكون فاعلة"، معرباً عن اعتقاده بأنّ "السبب في إشراكها بالحكومة هو لإثبات أنّ رئيس الجمهورية لم يخطئ في مبادرته حول حكومة الوحدة الوطنية".

ويرى مراقبون أن الشاهد الذي عمل خلال الفترة الماضية من المشاورات تحت ضغط هائل من الأحزاب السياسية لا سيما "نداء تونس"، المهدد بالانقسام لعدم ترضية شق واسع فيه بحقائب وزارية؛ سيواجه خلال الأيام المتبقية لعرض الحكومة على البرلمان ضغطاً أكبر أشبه بسلاح ذي حدين.

وبحسب المراقبين، فإن ذلك الضغط قد يفرض على الشاهد الرضوخ إلى طلبات الأحزاب، ما يفقده مصداقيته ويكشف عن شخصية غير قادرة على قيادة المرحلة لضعفها أمام الأحزاب، ويؤكد شبهة المحاصصة والترضيات على الحكومة، وقد يهدد رفضه حل الإشكاليات العالقة معها الحكومة بأكملها التي قد يعصف بها تعنت الأحزاب الثلاثة، خاصة "النداء" الذي قد يشهد انشقاقاً واسعاً يربك الساحة السياسية ويفقدها التوازن.