لا تزال الاشتباكات مستمرة بين تنظيمي "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) من جهة، وتنظيمات متشددة أخرى منضوية تحت غرفة عمليات "فاثبتوا" في مقدمتها تنظيم "حراس الدين" من جهة أخرى، منذ اندلاعها مساء الثلاثاء في مدينة إدلب وعلى أطرافها، وأدت لإصابات بين صفوف الطرفين والمدنيين ضمن مناطق الاشتباكات.
واندلعت الاشتباكات مساء اليوم، بعد أن شنت الفصائل المناوئة لـ"هيئة تحرير الشام" هجوماً على السجن المركزي الذي تسيطر عليه الهيئة قرب مدينة إدلب، فيما ردت الهيئة بهجوم على قرية عرب سعيد غربي المدينة.
وانتقلت المواجهات إلى داخل أحياء المدينة ولا سيما الغربية منها، ما أدى لبقاء المدنيين في منازلهم في ظل الاشتباكات بين الطرفين اللذين استخدما الأسلحة الثقيلة والرشاشات المتوسطة، فيما دخلت الدبابات على خط المواجهة مع تزايد حدة المواجهات.
وأصيب خمسة مدنيين على الأقل، إثر تبادل إطلاق النار بين الطرفين غربي مدينة إدلب، فيما لم يسجل وقوع أي قتلى سواء بين الطرفين المتحاربين أو المدنيين.
وقالت مصادر لـ "العربي الجديد" إن جهوداً من داخل إدلب تسعى للتوسط بين الطرفين بالتزامن مع احتدام القتال بهدف إيقافه، وأشار المصدر إلى أن تلك الجهود تلقت إشارات إيجابية على أمل توقف القتال خلال الليلة الحالية.
وقال مسؤول العلاقات الإعلامية في "هيئة تحرير الشام" تقي الدين عمر، في تصريح عممه على وسائل الإعلام، إن تنظيمي "حراس الدين وأنصار الدين قاما اليوم بنشر عناصرهما في بعض المناطق وقطع الطرقات، ونصب الحواجز وتعدى ذلك التدقيق على المجاهدين وتفتيشهم. ونحن نتساءل إلى ماذا يهدفون بهذه الأعمال الاستفزازية غير المسؤولة؟!".
مضيفاً: "لقد باتت الحقيقة تتكشف للجميع، بأن قراراً اتُّخذ عند هؤلاء بكسر حالة الانسجام وتوحيد القرار العسكري لدى الفصائل العاملة على الأرض، وأن الأمر لا علاقة له بملف أبي مالك التلي أو أبي صلاح الأوزبكي، وإنما اتخذوهما شماعة، مع تنويهنا بأن ملف الشيخ أبي مالك يتعلق بإنشاء الجماعات الجديدة والتي ستعود بالساحة إلى مراحل ماضية تجاوزتها الثورة، ونحن ضد النزاع والتفرقة والعودة إلى المخاصمة، خاصة ونحن الآن في مرحلة جديدة تجتمع فيها الفصائل ضمن غرفة عمليات واحدة، تجمع كامل الإمكانيات وتوحد الرؤية والقرار".
وتصاعد التوتر بين "الهيئة" وفصائل غرفة عمليات "فاثبتوا" بعد تشكيل الغرفة، إثر انشقاق العديد من أقطابها عن الهيئة في أوقات متفرقة سابقة من بينهم جمال زينية الملقب بأبو مالك التلي، الذي كان عضواً في مجلس شورى الهيئة قبل انشقاقه وتشكيله لـ "لواء المقاتلين الأنصار" قبل تشكيل الغرفة المذكورة التي ضمت خمسة فصائل، هي "تنسيقية الجهاد"، "لواء المقاتلين الأنصار"، جماعة "أنصار الدين"، جماعة "أنصار الإسلام"، وتنظيم "حراس الدين".
إلا أن الهيئة قامت باعتقال التلي والقيادي في غرفة "فاثبتوا" أبو صلاح الأوزبكي ومرافقين للأوزبكي يوم أمس الإثنين، الأمر الذي أجج مزيداً من الخلاف، وأصدرت فصائل الغرفة بياناً طالبت فيه الهيئة بالإفراج عن المعتقلين مهددةً إياها بشكل غير مباشر، لافتة إلى أنها لم تستجب، بل أصدرت تعميماً تمنع بموجبه كافة أعضاء الفصيل (قادة وجند) من الانشقاق عنها قبل مراجعة لجنة المتابعة والإشراف العليا حصراً، وهددت الهيئة في تعميمها أن من ينشق عنها دون إذن سيتعرض للمحاسبة.
وتقول مصادر إن اعتقال أبو مالك التلي جاء بناء على عدة أسباب، من بينها معارضة الاتفاق الروسي التركي واتهامه باختلاس أموال وحث مقاتلي الهيئة على الانشقاق والانضمام إلى التشكيل الجديد الذي يشغل فيه التلي منصب "أمير اللجنة العسكرية".