لم تمنع الوعود التي قطعها الرئيس الجزائري المنتخب قبل أسبوع، عبد المجيد تبون، من خروج المواطنين الجزائريين الرافضين للانتخابات في مسيرات كبرى عبر كل من العاصمة الجزائرية وعدة ولايات، للتعبير عن رفضهم الإبقاء على ناشطين من الحراك الشعبي في السجون، ومطالبين بإطلاق سراحهم.
وانتقلت المظاهرة المركزية للحراك الشعبي، اليوم، إلى مدينة وهران، غربي البلاد، حيث تركزت المظاهرات الشعبية في المدينة بعد وصول أعداد من المتظاهرين إلى هناك للمشاركة في مسيرة اليوم دعما لنشطاء الحراك والمتظاهرين الذين تعرضوا لقمع شديد، يوم الجمعة الماضي، ما خلف صدمة كبيرة نتيجة التعامل العنيف لقوات الشرطة ضد المتظاهرين.
وقال الناشط هشام قفة إنه انتقل رفقة عدد من النشطاء إلى وهران، منذ أمس الخميس، "تضامنا معها، ولدعم الحراك هناك بعد قمع الشرطة والعنف الذي مورس على المتظاهرين، الجمعة الماضي، بسبب إعلانهم التضامن مع منطقة القبائل وتحية سكانها عقب مقاطعتهم الساحقة للانتخابات الرئاسية، التي جرت الخميس قبل الماضي"، موضحا أن انتقال المتظاهرين إلى وهران "هو رسالة شعبية وسياسية إلى السلطة بتلاحم الحراكيين وتضامن المدن الجزائرية في ما بينها ورفض سياسة التفرقة التي تنتهجها السلطات".
وبدت هذه الممارسات مقلقة بالنسبة للكثيرين، في غياب أي تحول في السياسات الأمنية تجاه الحراك والمظاهرات السلمية، برغم الوعود التي قطعها الرئيس تبون، وتعهده بالحفاظ على السلم والأمن وحرية التعبير، والقطيعة مع الفترة الماضية وتعزيز الثقة بين الجزائريين.
وفي العاصمة الجزائرية، نزل الآلاف إلى الشوارع، لتتواصل المسيرات والمظاهرات في الجمعة الـ44 رفضا لمن سماه المتظاهرون "رئيسا غير شرعي"، وأطلقوا هتافات تطالب بحوار مكتمل الأركان مع مختلف مكونات الحراك الشعبي، ولكن عقب إطلاق سراح المعتقلين من السياسيين والناشطين الموقوفين في السجون. وجابت المسيرات شوارع العاصمة الجزائرية، مرورًا بشارع الشهيد ديدوش مراد، نحو ساحة "موريس أودان" نحو البريد المركزي. وشدد المتظاهرون على المحافظة على سلمية الحراك، كما أدوا بطريقة رمزية اليمين الدستورية على مواصلة الحراك حتى تفي السلطة بمطالب المتظاهرين.
وأعلن متظاهرون "إصرارهم على مواصلة الحراك الشعبي رغم الخطاب اللين الذي أبانه الرئيس تبون"، كما قال العياشي، (54 سنة)، لـ"العربي الجديد"، موضحا "نحن لا نريد الوعود؛ نحن نريد المحاسبة وإطلاق سراح الناشطين وعدم تكميم الأفواه، وإحقاق العدل والمساواة بين الجزائريين"، وشدد الناشط في الحراك الشعبي على "ضرورة الحفاظ على وحدة الشعب"، داعيا إلى "التلاحم بين أبناء الوطن ونبذ التفرقة التي تحاول بعض الأطراف إذكاءها باسم المناطقية والهوية".
وأظهر المشاركون في مظاهرات الجمعة رفضهم للانتخابات الرئاسية ومخرجاتها، ورددوا "ماكانش الشرعية"، و"رئيس مزور جاء به العسكر"، و"سلمية سلمية حتى نقتلع العسكر من المرادية" (مقر قصر الرئاسة)، في إشارة إلى دور الجيش في صعود الرئيس الجديد عبد المجيد تبون إلى سدة الحكم، ورفعت لافتات تعبر عن موقف مماثل، وأكد المحتجون أنهم "لن يدخلوا بيوتهم حتى تتحقق جميع المطالب، وأن تشكل حكومة يقبلها الشعب الجزائري ولا تعود وجوه قديمة بأشكال جديدة فقط"، كما تقول سليمة حراث لـ"العربي الجديد".
وسارت مسيرات الجمعة الـ44 بوجود تعزيزات أمنية مشددة ككل جمعة، غير أن الأمن تلافى الاحتكاك بالمتظاهرين، الذين رفعوا اليوم صور الشهيد عميروش وتحت شعار "احنا ولاد عميروش للوراء ما نولوش"، أي أننا "أبناء الشهداء لن نتراجع عن مطالبنا".
ورفع المتظاهرون صورة الأمين العام السابق لجبهة القوى الاشتراكية المرحوم حسين آيت أحمد، المعروف بمواقفه من أجل إحلال الأمن ونبذ التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، في ذكرى وفاته، لمنع "ضياع عشرة أشهر من المقاومة الشعبية والخوف على مستقبل البلاد"، بحسب ما قال الناشط بوجمعة غدير لـ"العربي الجديد"، والذي اعتبر أن هناك انتظارات كثيرة للشعب الجزائري، من أجل إيجاد حل عاجل للأزمة التي ما زالت تترنح منذ مدة طويلة.
كما خرج المتظاهرون في عدة ولايات، أهمها قسنطينة وجيجل وميلة وباتنة وأم البواقي وعنابة وقسنطينة، شرقي الجزائر، ووادي سوف وأدرار وورقلة، جنوبي الجزائر، ويرجح أن تستمر المسيرات حتى تحقيق أهم مطالب الحراك الشعبي المتعلقة بإطلاق سراح الموقوفين من رموز الحراك الشعبي وخاصة المجاهد والقائد الثوري لخضر بورقعة.