في إطار الاستهداف المتواصل لمنطقة غور الأردن، والمخططات الإسرائيلية لإخلائها من الفلسطينيين، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي، تعليماته لنحو 300 فلسطيني يعيشون في شمال غور الأردن، بإخلاء بيوتهم، وهي المرة الأولى التي يُطلب من فلسطينيين فيها إخلاء مناطق سكنهم، بذريعة أن تلك المباني "غير مرخصة".
ولم يتم تسليم الأوامر لأي من السكان الفلسطينيين بشكل مباشر، ولكن جنود الاحتلال وضعوها على الشوارع المتاخمة للبيوت صباح الخميس الماضي، بحسب ما ذكرت صحيفة "هآرتس"، في عددها الصادر اليوم الأحد.
وتم توقيع الأوامر من قبل ضابط جيش الاحتلال في الضفة الغربية روني نومه.
وتحظر الأوامر على أي شخص الإقامة في المنطقة التي تم تحديدها، بهدف البناء أو حتى إدخال أي نوع من الممتلكات، وتقضي بإخلاء المكان خلال ثمانية أيام من موعد إعلان التعليمات.
في وحدة منسق أنشطة حكومة الاحتلال بالأراضي الفلسطينية، زعموا أن الأوامر تستهدف البناء وليس الوجود في تلك المناطق، لكنهم لم يفسروا أين يمكن أن يسكن السكان الفلسطينيون الذين سيتم إخلاء أملاكهم.
ولا تحدد الأوامر عدد من يجب عليهم إخلاء بيوتهم أو من هم تحديدا، لكن الخارطة المرفقة، توضّح أن الحديث عن نحو 300 فلسطيني، يسكنون في بيئة غالبيتها من الرعاة وتعتمد على تربية المواشي، كبلدتي ام جمال وعين الحلوة في الأغوار الشمالية، وتمتد على مساحة 550 دونما تقريبا. ويقوم السكان هناك بتربية نحو 4000 رأس غنم، 200 جمل و600 بقرة.
أما ملكية الأراضي، فتنقسم بين أراض فلسطينية خاصة، وأخرى تابعة للكنيسة اللاتينية. وقلة هي المباني السكنية التي تقع خارج نطاق المنطقة التي حددها الاحتلال ويستهدفها في أوامره.
الأمر الإسرائيلي لإخلاء المنطقة، ينص على أنه لا يسري على "المسجلين في السجل السكاني للمنطقة"، أي على الفلسطينيين، رغم أن خارطة الإخلاء تشير إلى مساكنهم، ولذلك يرى المحامي توفيق جبارين، الذي يمثل الأهالي، أن إعلان الإخلاء باطل بكل المفاهيم، وعليه أرسل كتابا للضابط العسكري، يعلمه فيه بذلك، من خلال المستشار القانوني لجيش الاحتلال.
كما شدد جبارين، على أن عدم تسليم الأوامر مباشرة للسكان الفلسطينيين المتضررين، ونشرها في المنطقة بدلا من ذلك "إنما يدل على نوايا مبيّتة، لسلبهم حق حضور جلسة استماع أو تقديم اعتراض على الأمر أو الإعلان".
كذلك، لفت جبارين إلى أن الحديث عن "أمر طرد جماعي للسكان الفلسطينيين، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي".
ورغم التأكيدات بأن السكان لم يستملوا الأوامر، تزعم وحدة منسق أنشطة حكومة الاحتلال بالأراضي الفلسطينية، بأنه تم تسليم الأوامر وفق الإجراءات المتبعة، بما في ذلك التسليم الفعلي في المنطقة التي ينطبق عليها الأمر.
ونقلت الصحيفة العبرية عن بعض سكان عين الحلوة في الأغوار الشمالية، أنه قبل نحو أسبوعين، شاهدوا جنودا في منطقة سكنهم، طالبوهم بمعاينة بطاقات هوياتهم، دون تقديم أي تفسير. كما قام جنود الاحتلال باستخدام طائرة صغيرة لتصوير الرعاة ومساكنهم، وهي الخطوات التي عادة ما تسبق قيام جيش الاحتلال والإدارة المدنية الإسرائيلية بإخلاء وهدم مبان.
وبحسب بعض الشهادات، قام جنود الاحتلال بوضع الأوامر تحت حجارة في تلك المنطقة والتقطوا الصور للأوراق التي وضعوها. وعندما علم بعض السكان بشأن تلك الأوامر التي كانت باللغتين العربية والعبرية، ساورهم الخوف والإرباك الشديد.
يشار إلى أن الفلسطينيين الذين تستهدف الأوامر مناطق سكناهم، في هاتين البلدتين وقرى أخرى، يعيشون في تلك المناطق منذ عشرات السنوات، ولا تسمح لهم دولة الاحتلال بربط بيوتهم بالبنية التحتية، كما لا تسمح لهم بإنشاء المزيد من المباني، رغم تزايد عددهم بفعل الزيادة الطبيعية، ولا تأبه للحد الأدنى من احتياجاتهم الإنسانية.
كما تمنع إسرائيل السلطة الفلسطينية، من تسجيل أسماء هذه البلدات في بطاقات هوية السكان، في الخانة المخصصة لتسجيل مكان السكن.
وإذا ما كان قد سبق للاحتلال إصدار أوامر هدم أو مصادرة او إخلاء، من قبل، لكنها المرة الأولى، وفق ما أوردته الصحيفة العبرية، التي يُصدر فيها أمراً جماعياً يشمل كل السكان، لا سيما وفق البنود الواردة في ذلك القرار.