البرلمان التونسي يصوت بحجب الثقة عن حكومة الصيد

تونس

أمينة الزياني

avata
أمينة الزياني
31 يوليو 2016
87320868-CAF6-4E15-A6DC-262A7FAE70F9
+ الخط -
أعلن مجلس النواب التونسي (البرلمان)، مساء السبت، سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد، وذلك بعد جلسة دامت ساعات، وعقب أسابيع من السجال السياسي عقب إعلان الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، مبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وصوت لصالح حجب الثقة من حكومة الصيد، التي تسلمت مهامها في يناير/ كانون الثاني 2015، 118 نائباً، فيما تحفظ 27، وصوت لصالح بقائها 3 نواب فقط.

وأعلنت كل من كتلة "الجبهة الشعبية" و"الكتلة الاجتماعية الديمقراطية" ونواب "التيار الديمقراطي"، ونواب "حراك الإرادة" و"تيار المحبة" و"حركة الشعب"، امتناعهم عن التصويت.

وقد تشبث الصيد بعدم تقديم استقالته، بعد مطالبته بذلك من أحزاب الائتلاف الحاكم، مفضلاً اللجوء للبرلمان لتجديد الثقة في حكومته، غير أنه غلب الانفعال والانتقاد الحاد على جلسة اليوم، حيث تبادل البرلمانيون، من الأغلبية والمعارضة، الاتهامات، كما واجه رئيس الحكومة خطاباً حاداً، واتهم خلاله بـ"الإخفاق". 

وقال نواب ووزراء، إن عدداً كبيراً من مداخلات النواب افتقدت لـ"الأخلاق" في مخاطبة رئيس الحكومة، إذ تجاوز عدد المداخلات التي أعقبت كلمة الصيد خمسين مداخلة، وصفت خلالها حكومته بـ"الإخفاق والفشل واللامهنية"، كما اتهم بـ"الخروج على واجب التحفظ، وكشف بعض أسرار الحكم وكواليس التعامل بينه وبين الأحزاب الحاكمة، ما يجعله فعلاً غير مؤهل لقيادة المرحلة"، وفق بعضهم، قبل أن يتقرر حجب الثقة عنه وعن حكومته.  

وبمجرد انتهاء التصويت وعدم منح الثقة لمواصلة حكومة الحبيب الصيد أشغالها، أمضى رئيس البرلمان مراسلة رسمية، أحيلت لرئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، لإعلامه بنتائج التصويت، حتى ينطلق في التشاور مع الأحزاب والائتلافات في أجل عشرة أيام لتكليف الشخصية الأقدر بتشكيل حكومة، في أجل أقصاه شهراً وفق ما صرح به الناطق الرسمي باسم رئاسة البرلمان، حسان الفطحلي، لـ"العربي الجديد".


وفيما كان تصويت حزب النهضة والنداء والوطني الحر وآفاق، في اتجاه حجب الثقة كما أعلن عنه سابقاً، أعلن رئيس كتلة الجبهة الشعبية، أحمد الصديق، أن نواب الكتلة لن يشاركوا في عملية التصويت، ويعتبرون أنفسهم غير معنيين بذلك. فيما أعلن نواب حركة الشعب ونواب التيار الديمقراطي ونواب الكتلة الاجتماعية ونواب حراك الإرادة ونواب تيار المحبة، الامتناع عن المشاركة في التصويت، باعتبارها مسألة شكلية حسمت سياسياً قبل المجيء للمجلس على حد تعبير النائب زهير المغزاوي.


وعلق رئيس كتلة الجبهة الشعبية، أحمد الصديق، في حديث لـ"العربي الجديد"، على التصويت قائلاً، "إنها لا تعدو أن تكون مسرحية هزلية استخف فيها نواب الائتلاف الحاكم بعقول التونسيين، وهو ما لم ترده الجبهة الشعبية لذلك امتنعت أصلاً عن المشاركة في هذا الحدث الذي لا يعدو أن يكون تصفية حسابات مع رئيس الحكومة لا ترسيخاً لأعراف دستورية حقيقة".

وأضاف الصديق، أن تصويت نواب الائتلاف يدخل في إطار عملية إعداد لحكومة مقبلة طيعة ومطيعة واستخدام شخصية أكثر ليونة من الصيد.

واعتبر رئيس كتلة نداء تونس، سفيان طوبال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "خطاب المعارضة متضارب حيث سبق، وأن قالت في جلسة منح الثقة للصيد السنة الماضية أنه لا يملك برنامجاً وغير قادر على قيادة المرحلة، ولم تمارس دورها الوطني اليوم".

وقال طوبال، إن "الحبيب الصيد، قدم الكثير من المغالطات اليوم، ولم يقنع النواب في حين  كانت الكتلة تأمل لو أنه قدم حقائق عن الوضع الاقتصادي الكارثي، ولكنه فضل تقديم مغالطات سيتحمل مسؤوليتها أمام التاريخ".

أما حزب النهضة، الذي تراوح موقفه بين تعداد إنجازات الصيد وبين انتقاده، فإن تصويتها لم يكن موحداً، حيث امتنع بعض النواب عن التصويت على الرغم من أن القرار في الحزب كان بالتصويت برفض تجديد الثقة وهو ما يؤكد أن الحركة اضطرت لتقديم الصيد فدية لانسجام الائتلاف الحاكم.

وعقّب القيادي بها حسين الجزيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الحركة اختارت أن تتخلى عن الصيد وإن هناك الكثير من المبالغة أحيط بها خروج الحبيب الصيد رغم أنه حدث عادي وطبيعي. مشيراً إلى أن الحكم صار ثقيلاً في القصبة بفضل الدستور الذي يمنح صلاحيات عدة لرئيس الحكومة وصل حد لي الذراع بينه وبين بقية مكونات السلطة".

وفيما منح ثلاثة نواب فقط ثقتهم للحبيب الصيد وطاقمه، فإن ذلك يأتي انسجاماً مع مبادئهم وموقفهم بمنحها الثقة عند شروعها في العمل لا سيما وأن المسألة رمزية على الرغم من يقينهم بأنه سيتم إعفاءه اليوم، وفق ما عبر عنه النائب المستقل رياض جعيدان لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أن الصيد لم يخفق، وأن الإشكال يكمن في النظام البرلماني المعدل الذي اعتمده الدستور التونسي والذي لا يتناسب تماماً والطبقة السياسية التونسية.

أما رئيس الحكومة المعفى من مهامه، فقد رد على النواب، قبيل التصويت مشدداً على أن هناك العديد من النجاحات كما يوجد العديد من الإخفاقات في ظل وضع تعيش فيه البلاد وضعية خاصة يجب مجابهتها، وأن الحكومة قامت بواجباتها في ميادين حدة.

وذكر الصيد النواب مجدداً، على أن هدفه من المجيء إلى البرلمان كان التسريع في المرور إلى المرحلة القادمة عبر إجراء دستوري لا التشبث بمنصب رئيس الحكومة وأنه "كان بالإمكان الإعداد لعملية المغادرة بعيداً عن الشوشرة التي حدثت في البلاد" على حد قوله.

وأكد في هذا السياق، أن الحكومة الحالية خلال فترة تصريف الأعمال، ستعد العدة كاملة لفائدة رئيس الحكومة القادم لتسهيل عمله من خلال تقديم تقرير مفصل وشامل، مشيراً إلى أن أي حكومة لن تنجح إلا بالتنسيق مع مجلس نواب الشعب.

وقال وزير التجارة المنتمي لحزب الاتحاد الوطني الحر، محسن حسن لـ"العربي الجديد"، في هذا الصدد، إن الجلسة اليوم كانت مؤشراً على الديمقراطية وممارسة راقية.

فيما عبر وزير التنمية المحلية الندائي، وأحد المرشحين لرئاسة الحكومة، يوسف الشاهد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الأهم الآن هو المسار الدستوري الذي ستتخذه مبادرة قائد السبسي، وأن ما حدث للحكومة التي ينتمي إليها من "سنن الديمقراطية".

أما الوزراء غير المتحزبين، والذين تم إعفاؤهم فقد اعتبروا أنهم لم يتم إنصافهم كما ينبغي من قبل النواب، لكن ذلك لا يمنع ألّا يرحبوا بقرار سحب الثقة وفق ما عبر عنه وزير الحوكمة ومكافحة الفساد كمال العيادي لـ"العربي الجديد". مشيراً إلى أن بعض النواب صدحوا بكلمة حق كان لابد أن يصرحوا بها في هذه المناسبة، حيث أكدوا أن لها نجاحات تحسب لها، وهناك وزراء عملوا بجد وقدموا نتائج وما يأملونه أن تأخذ عنهم الحكومة المقبلة المشعل بمواصلة البرامج والمخططات التي وضعوها وعملوا عليها.



ذات صلة

الصورة
خالد أبو حصيرة

منوعات

يستغل الشاب الفلسطيني خالد أبو حصيرة (34 عامًا) استقرار أجواء البحر والمناخ في أوقات مختلفة من العام، للغوص في أعماق بحر غزة لجمع اللؤلؤ من المحار المتواجد في أعماق البحر، مستعينا بإمكانياته البسيطة ومعداته البدائية.
الصورة
أهوار العراق (رويترز)

اقتصاد

كان السكان المحليون يتمتعون بالاكتفاء الذاتي في المناطق شاسعة المساحة التي تغطيها المياه العذبة في الأهوار، ويملؤون شباكهم بأنواع مختلفة من الأسماك ويربون قطعان الجاموس.
الصورة
اعتصام مفتوح لجبهة الخلاص التونسية (العربي الجديد)

سياسة

أكدت قيادات من جبهة الخلاص الوطني، اليوم الجمعة، الدخول في اعتصام مفتوح بأحد مقرات الحزب، بداية من الأسبوع المقبل، للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين السياسيين والنشطاء المعتقلين، حتى توضح النيابة العمومية أسباب الاعتقالات.
الصورة
منظمات في قراءة للمسار الإنتخابي: برلمان ذكوري وتقوية نفوذ الرئيس

سياسة

قدّمت منظمات تونسية قراءة نقدية للمرسوم عدد 55 ومسار القانون الانتخابي، مؤكدة أن الاقتراع على الأفراد معمول به، ولكن وفق شروط ومعايير لم تتوفر في تونس، ولم يتم احترام تقسيم الدوائر، مشيرة إلى أن البرلمان المقبل سيكون برلماناً ذكورياً ومشتتاً.