"عزل صنعاء" بين مساعي الشرعية و"مناورات" تحالف الانقلاب

14 ديسمبر 2016
ينظم تحالف الانقلاب فعاليات باستمرار في صنعاء(عبدالرحمن عبدالله/فرانس برس)
+ الخط -

تواصل الحكومة اليمنية الشرعية، مدعومة من التحالف العربي، جهود عزل العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفاؤها في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في إطار إجراءات تشديد الحصار على العاصمة سياسياً واقتصادياً بالدرجة الأولى، وفي ظل توجه نحو ترسيخ عدن كـ"عاصمة مؤقتة". في موازاة ذلك، يسعى تحالف الانقلاب في صنعاء، ومن خلال الحكومة الانقلابية التي تألفت باتفاق الحوثيين وحزب صالح، إلى تحريك المياه الراكدة خصوصاً من خلال التحركات التي تتولاها هذه الحكومة فضلاً عن عدد من الأنشطة السياسية الأخرى.

وأكدت مصادر سياسية يمنية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أن التحالف يواصل رفض فتح مطار صنعاء الدولي الذي جرى إغلاقه منذ مطلع أغسطس/ آب الماضي. وأشارت المصادر إلى وجود العديد من الشخصيات السياسية المتواجدة داخل وخارج البلاد تنتظر منذ أسابيع إذناً من التحالف لطائرة عُمانية، من المقرر أن تنقل قيادات سياسية، ومن بينها أعضاء مفاوضون عن الحوثيين يتواجدون في مسقط، بالإضافة إلى جرحى من المتواجدين خارج البلاد إلى مطار صنعاء، إلا أن التحالف لا يزال يرفض منح تصريح للرحلة.



وكان التحالف شدد الحصار السياسي والاقتصادي على العاصمة اليمنية صنعاء منذ أغسطس الماضي، بمنع جميع الرحلات الجوية من وإلى صنعاء، قبل أن يستثني في وقت لاحق، الرحلات الخاصة بمنظمات الأمم المتحدة الإنسانية. وتسبب إغلاق المطار بأزمة أثّرت بدرجة كبيرة على مدى تحركات ممثلي الانقلابيين بين الداخل والخارج، لكن آثارها في المقابل لم تستثن المدنيين اليمنيين الذين وجدوا أنفسهم ممنوعين من مغادرة صنعاء أو العودة إليها.

ويعد المرضى الذين يسعون إلى العلاج خارج البلاد والطلاب وأصحاب الأعمال أبرز الفئات المتضررة من استمرار إغلاق مطار صنعاء.
وكانت الرحلات من وإلى مطار صنعاء منذ بدء عمليات التحالف، محدودة بالأصل، ومقتصرة بين صنعاء والقاهرة (مصر)، وعمْان (الأردن)، مع توقف إجباري للطائرات للتفتيش في مطار بيشة السعودي. أما الوفود السياسية فتتنقل في العادة، عبر طائرات عُمانية تقوم بنقلهم من صنعاء إلى مسقط بالتنسيق مع التحالف، وهو ما حصل مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، عندما انتقل وفد الحوثيين برئاسة محمد عبد السلام، على متن طائرة عُمانية إلى مسقط، لعقد لقاءات مع الأميركيين. وقبل ذلك، بقي وفد الحوثيين وصالح قرابة ثلاثة أشهر في مسقط، بانتظار تصريح من التحالف يسمح بعودته إلى صنعاء.
ويعد إغلاق مطار صنعاء، واحداً من أوجه الحصار والعزلة التي تسعى الحكومة الشرعية والتحالف لفرضها على مناطق سيطرة الانقلابيين، جنباً إلى جنب مع العمليات العسكرية والحصار الاقتصادي، بما في ذلك نقل مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن. كما وجهت الشرعية أكثر من مرة دعوة للسفارات العربية والأجنبية التي أغلقت أغلبها أبوابها منذ فبراير/ شباط 2015، إلى نقل مقراتها إلى عدن. وتسعى الشرعية حالياً، وفقاً لمصادر حكومية تحدثت مع "العربي الجديد"، إلى إقناع منظمات دولية وشركات تجارية بنقل مقراتها من صنعاء.

وعلى الرغم من العزلة التي تعيشها صنعاء، بعد أن كانت مركز الحركة السياسية والدبلوماسية في البلاد، إلا أن الانقلابيين يسعون لتحريك الجمود السياسي فيها. وبالإضافة إلى وجود سفارة روسيا التي تنشط بلقاءات متكررة، استعادت صنعاء نوعاً من الحراك السياسي منذ الاتفاق بين تحالف الانقلاب الذي سمح بعودة عمل مجلس النواب، أغسطس/ آب الماضي، إذ بات المجلس يعقد جلساته أخيراً بصورة مستمرة، فيما جاء تشكيل ما سُمي "حكومة الإنقاذ الوطني"، ليعزز هذا الجو، مع الاجتماعات والأنشطة اليومية للشخصيات المنضوية في حكومة الانقلابيين.

يذكر أن أغلب البعثات الدبلوماسية أغلقت أبوابها منذ فبراير/ شباط عام 2015، بعد أن أصدر الحوثيون ما عُرف بـ"الإعلان الدستوري"، الذي حلوا بموجبه مؤسسات الدولة وسلموا السلطة لما يسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، التي استمرت كأعلى واجهة لسلطة الأمر الواقع الانقلابية، حتى يوليو/ تموز العام الحالي، عندما وقع تحالف الانقلاب (الحوثيون وحزب صالح) اتفاقاً لتشكيل ما سُمي بـ"المجلس السياسي"، المؤلف من عشرة أعضاء بالمناصفة بين الطرفين، وسمح الاتفاق بعودة البرلمان قبل أن يقدم لاحقاً على تشكيل حكومة برئاسة محافظ عدن السابق، عبدالعزيز بن حبتور.
وتخوض القوات الموالية للشرعية معارك مع الحوثيين وحلفائهم في مديرية نِهم، شرق صنعاء، والتي تسعى من خلالها الشرعية للزحف نحو العاصمة منذ ديسمبر/ كانون الأول 2015، غير أنها تلقى مقاومة شديدة تحد من تقدمها، فيما تواصل المقاتلات الحربية التابعة للتحالف غاراتها الجوية على ضواحي صنعاء ومواقع داخل العاصمة. وقد ارتفعت وتيرة الغارات أخيراً بعد هدوء نسبي الأسابيع الماضية.