تترقّب الأحزاب الرئيسية في ولاية هيسن الألمانية، غداً الأحد، نتائج الانتخابات التي سيقترع فيها أكثر من 4 ملايين ناخب لرسم خارطة التمثيل الحزبي داخل برلمان الولاية للسنوات الخمس المقبلة، في ظل المنافسة الشديدة بين حزب المستشارة أنجيلا ميركل، المسيحي الديمقراطي وبين الخضر والاشتراكي الديمقراطي. وتكتسب نتائج هذه الانتخابات أهمية خاصة لكونها قد تهدد مصير قيادات حزبية وتضعف الائتلاف الحاكم في برلين، الذي بات يدور بطروحاته حول نفسه مع تغير المزاج الشعبي تجاهه.
ويبدو أن الخضر الذي أصبح ثاني أكبر قوة في هيسن بنسبة 21 في المائة، يعتمد تكتيكاً انتخابياً، فيه الكثير من الحنكة السياسية عبر التكتم على أرجحية تحالفاته في بناء ائتلاف حكومي جديد في الولاية. وهذا ما سيمكنه من استقطاب ناخبين من الحزبين التقليديين المسيحي الديمقراطي، الأوّل بنسبة 27 في المائة، والاشتراكي ثالث الترتيب بنسبة 20 في المائة، وهم المستاؤون أساساً من قادة أحزابهم. ويحاول الخضر رفع أرقامه لمبارزة الأحزاب الشعبية بقوة، ما قد يسمح لمرشحه الرئيسي، نائب رئيس الحكومة الحالي طارق الوزير بالفوز بمنصب رئيس وزراء الولاية في ائتلاف جديد. بالتالي يكون الخضر قد تربع على رئاسة ثاني مجلس وزراء بعد ولاية بادن فورتمبيرغ. مع العلم أن الحزب يبلي بلاء حسناً في حملته الانتخابية، ويخوضها بكثير من التعقل والمصداقية التي تؤشر إلى نوايا واضحة للتغيير وليصبح القوة الرائدة ليسار الوسط.
في السياق، طالبت المستشارة قبل أيام من انتخابات هيسن، أعضاء حزبها بالتوقف عن مناقشة نتائج الانتخابات السيئة في بافاريا وسياسة اللجوء، معتبرة أن "هذا الأمر يهدد وضع الاتحاد المسيحي كحزب الشعب". ودعت إلى العمل على "سياسات مستقبلية موجهة لأن الناس يريدون منا أن ننظر إلى المستقبل بثقة من دون رسم العالم بشكل جميل، والخوف ناصح سيئ".
في موازاة ذلك، يسعى الاشتراكي الذي حكم الولاية حتى نهاية التسعينات، إلى تدعيم حيثيته بعدما اتُهم بالوهن والمرونة، وتحقيق أقصى الممكن لتحصيل منصب رئيس الوزراء من خلال التصويب على شريكي الائتلاف في الحكومة الحالية: الخضر والمسيحي. وفي هذا الإطار، هاجم المرشح الرئيسي للاشتراكي تورستن شيفر غامبل، الخضر، ولفت في حديث لصحيفة "دي فيلت" أخيراً، إلى أن "الخضر يتحدثون دائماً عن ضرورة مكافحة أسباب التغير المناخي، فيما التقدم في مجال الطاقة المتجددة بسيط في الولاية، عدا عن الإهمال في السياسة التعليمية ومشكلة الديزل من قبلهم". كما دعا في تصريحات أخرى إلى "أن يركز حزب الخضر في طروحاته على فرص العمل والوظائف"، قائلاً إن "العمل والبيئة يكمّلان بعضهما البعض". كل ذلك يحصل فيما يتهم الخضر الاشتراكي بمحاولات عدم التواصل، وأنه لم يتضح بعد ما يريد فعله في القضايا الاجتماعية والتعليم أو البنى التحتية والضرائب.
ويراقب البعض الخطوات التي سيقوم بها الخضر، الذي قد يعمد إلى أخذ زمام المبادرة وخوض مفاوضات مع الاشتراكي الديمقراطي واليسار، ما قد يشكل ضربة لمرشح المسيحي الديمقراطي فولكر بوفييه وميركل. وسجّلت تصريحات لنائب في حزب ميركل، وفق ما ذكرت "دي فيلت"، مفادها أن "فشل بوفييه وفقدانه لمنصبه، قد يكلف المستشارة زعامة الحزب"، مشيراً إلى أنه "لا ضمانة لشيء إذا ما جاءت الأرقام مخيّبة في هيسن. وعلى بوفييه أن يكون قادراً على الاستمرار، وإلا فإن كل شيء قد يتغير، في ظلّ الحديث عن غليان لدى القاعدة، المتريثة على مضض، وعندها لن يكون أي شيء آمنا لميركل، وستضطر إلى إفساح المجال بفعل الضغط المتزايد وتعزف عن الترشح لتجديد زعامتها للحزب، خلال المؤتمر الحزبي المقرر انعقاده في ديسمبر/كانون الأول المقبل في هامبورغ، خصوصاً أن نوابا كثرا يطالبون بدم جديد داخل قيادة الحزب، وتوفير آفاق أفضل للحفاظ على السلطة وامتصاص النقمة الحزبية، وبعدما بات هناك خوف وجودي على المسيحي الديمقراطي".