المغرب: حكومة العثماني تنحني أمام عاصفة مشروع قانون "تكميم الأفواه"

03 مايو 2020
التراجع عن مناقشة القانون قد يخفف الضغط على الحكومة(الأناضول)
+ الخط -

انحنت حكومة سعد الدين العثماني، بشكل مفاجئ، لعاصفة الانتقادات الحادة التي طاولت، خلال الأيام الثلاثة الماضية، ما بات يُعرف في المغرب بمشروع قانون "تكميم الأفواه"، بعد أن أعلن وزير العدل محمد بنعبد القادر، مساء الأحد، عن تأجيل العمل في صياغة المشروع.

وقال بنعبد القادر، في بيان له، إنه "اعتباراً للظرفية الخاصة التي تجتازها بلادنا في ظل حالة الطوارئ الصحية، فقد قررت أن أطلب من رئيس الحكومة وأعضاء اللجنة الوزارية تأجيل أشغال هذه اللجنة، بخصوص مشروع القانون 22.20 إلى حين انتهاء هذه الفترة".
وكشف الوزير أن طلبه سيشمل إجراء المشاورات اللازمة مع كافة الهيئات المعنية، وذلك "حتى نبقى جميعاً حريصين على أن تكون الصياغة النهائية لهذا المشروع مستوفية للمبادئ الدستورية ذات الصلة، ومعززة للمكاسب الحقوقية في بلادنا".
وكان تسريب مسودة مشروع القانون المتعلق باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي قد فجّر ردودَ فعل أحزاب سياسية وفاعلين نقابيين وحقوقيين، ورواد شبكات التواصل الاجتماعي، تراوحت بين الرفض والغضب لـ"توقيت طرحه"، ولمضامينه.
وفيما كان لافتاً إطلاق عريضة إلكترونية تعلن الرفض المطلق للمشروع، لما يشكله من "خطورة واضحة على منظومة حقوق الإنسان، وعلى حق التعبير"، ولما يتضمنه من "قواعد قانونية فضفاضة يترتب على خرقها جزاءات حبسية مشددة وغرامات مالية ثقيلة، وخوفاً من استغلال الحكومة لظروف غير عادية لتمرير قانون ضار بالحقوق الفردية والجماعية، وماسّ بسيادة القانون ودولة المؤسسات".




وربطت مصادر في المعارضة، في حديث مع "العربي الجديد"، بين طلب وزير العدل تأجيل مناقشة المشروع وبين اللقاء الذي جمع، أول من أمس الجمعة، بين إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مع رئيس الحكومة، مشيرةً إلى أن قادة الائتلاف الحكومي وجدوا أنفسهم في وضع لا يُحسد عليه في ظل الإجماع على انتقاد المشروع، وإن كان كل واحد منهم حاول تبرئة ساحته.

ووفق المصادر، التي فضّلت عدم كشف هويتها، فإن تراجع وزير العدل ينطبق عليه المثل العربي "مكرهٌ أخاك لا بطل"، معتبراً أنه على الرغم من أن التراجع عن المناقشة قد يُخفف الضغط على الحكومة ويسكت، مؤقتا، أصوات المنتقدين، إلا أن انعكاسات سلبية لما حصل على صورة أحزاب الأغلبية ستبقى ممتدة لفترة من الزمن.
وحسب المصادر ذاتها، فإن خطوة وزير العدل يمكن أن توضع في سياق مخرجات اللقاء، الذي لم يُعلن عنه بين رئيس الحكومة وحليفه، من أجل احتواء عاصفة مشروع القانون وتأثيراتها على انسجام مكونات الائتلاف الحكومي وتجنيبه أزمة جديدة.

ووسط الجدل الكبير الذي أثاره مشروع القانون باعتباره ردة حقوقية، ومحاولة لتقييد حرية الرأي والتعبير، بدا واضحاً أن قضية التسريب أدخلت التحالف الحكومي في أزمة جديدة، بعد أن وصف "الاتحاد الاشتراكي" قيادات "العدالة والتنمية" بأصحاب "المزايدة بالبطولة الوهمية والابتزاز والاستبداد على شركائهم، وأنهم أصحاب الانقلاب على المواقف، بعدما سحبوا تعديلاتهم على القانون الجنائي، سواء في ما يتعلق بالحريات الفردية أو الإثراء غير المشروع".

ويأتي إعلان وزير العدل تأجيل مناقشة المشروع بالتزامن مع دعوة الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي، اليوم الأحد، إلى تأجيل النص، وتوسيع المشاورات لتجويده. 




وقال حزب العدالة والتنمية، في بيان، وصل إلى "العربي الجديد"، إن الموقف المبدئي لحزب العدالة والتنمية يقضي بأن أي تشريع في هذا المجال يجب أن يراعي ضمان ممارسة الحقوق والحريات الأساسية في نطاق المسؤولية، ومن ضمنها حرية الفكر والرأي والتعبير بكل أشكالها، ورفضها لأي مقتضيات تشريعية تتعارض مع ممارسة هذه الحريات المقررة، والمكفولة دستوريا، داعيا الحكومة إلى تأجيل عرض المشروع بعد تعديله نهائيا من قبل اللجنة الوزارية المكلفة.

وشددت الأمانة العامة للحزب الحاكم على أهمية سعي الحكومة إلى توسيع التشاور المؤسساتي بشأن المشروع، من خلال إشراك المؤسسات الدستورية المعنية، لما له من فائدة مرجوة على جودة النص، فضلاً عن أهمية العمل على تبديد كل المخاوف المشروعة، والمتفهمة، التي عبرت عنها الكثير من فئات المجتمع، وفعالياته المختلفة.​