أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير لها اليوم الإثنين، بأن الأزمة الخليجية تُصدّع إدارة دونالد ترامب الأميركية، وأنّ المسؤولين الأميركيين بدأوا يشعرون بقلق متنامٍ حيالها، معتبرة أن النزاع الخليجي دق إسفيناً عميقاً بين أهم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولا يبدو أن الإدارة الحالية قادرة على التوصل إلى حل في المستقبل القريب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي، قوله إن الولايات المتحدة لديها الكثير لتخسره في الخليج، مشيراً إلى أن الشركات الأميركية بدأت تبلّغ عن عمليات إلغاء عقود بسبب توتر المناخ السياسي في المنطقة، فيما القواعد العسكرية المشاركة في الحملة على الإرهاب معرّضة للخطر، والحصن العربي الوحيد المتماسك ضد إيران آخذ في التضعضع. وذكر مسؤول آخر أن "مسألة من هو المحق ومن المخطئ في هذه الأزمة أصبحت غير مهمة الآن بالمقارنة مع الخطر الذي يمثله استمرار النزاع".
وأشارت الصحيفة أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لم يكن قد حسم أمره من ضرورة وقف الصراع حتى أيام قليلة فقط، بعد أشهر من رجاء وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع، جيم ماتيس، له، حيث أشار مسؤول في البيت الأبيض إلى أن ترامب "يسعى نحو حل الخلاف بأسرع وقت، قبل أن يبدأ بالتأثير على العمليات العسكرية".
وبحسب الصحيفة، فإن ترامب كان أول من أشعل النار بعد تأييده العلني للحملة الموجّهة ضدّ قطر، حيث أشاد بـ"حكمة" الملك السعودي بعد صفقة الأسلحة الشهيرة، واعتبر أن قطر حليف يمكن الاستغناء عنه. وتنقل الصحيفة عن مصادر استخباراتية إن السعودية والإمارات كانتا تخططان لشنّ هجوم طويل ضدّ قطر، حتى قبل زيارة ترامب إلى الرياض في مايو/أيار الماضي، متوقعة أن تحصل على تعاطف ترامب، وهو ما أصابت به.
وذكرت الصحيفة أن تيلرسون خرج عن الخط الرسمي وعبّر عن انحيازه لقطر، معتبراً مطالب مبادرة دول الحصار الأربع التي تقودها السعودية غير معقولة، وموقعاً مع الدوحة على مذكرة تفاهم جديدة حول تمويل الإرهاب.
واعتبرت الصحيفة أنه بالرغم من اتهامات بعض المسؤولين لقطر بالتراخي في مسألة تمويل الإرهاب، إلا أن قلة فقط يعتبرون خطايا قطر قابلة للمقارنة بخطايا غيرها من الدول الحليفة للولايات المتحدة، في حين يعزو معظمهم الخلاف إلى ما سمّاه أحد الدبلوماسيين المنخرطين في جهود الوساطة "العداء الشخصي" بين الأسر المالكة في الخليج، واختلافهم حول أفضل السبل للمحافظة على السلطة.
وبينما يحتار صناع القرار الأميركيون، رأت الصحيفة أن أكبر المستفيدين من النزاع الحالي هو شركات الضغط التي يستخدمها كل طرف ضد الآخر.
ووفقاً للبيانات التي حصلت عليها "واشنطن بوست" من مؤسسة "كنتار" ميديا التي تتابع الإعلانات التلفزيونية، فإن ما يسمى لجنة شؤون العلاقات السعودية الأميركية (سابراك)، أنفقت 1.6 مليون دولار على إعلانات بُثت بين الأخبار المحلية والبرامج الشعبية، كما نقلت الصحيفة، عن "دولة واحدة في الخليج العربي تهديد الأمن العالمي" و"الرئيس ترامب، قطر لا يمكن الوثوق بها". ولجأت دول الحصار إلى هذا النوع من الإعلانات المدفوعة ذات الأغراض السياسية، بعدما فشلت حملة تشويه سمعة قطر في الغرب.
وبحسب سجلات وزارة العدل الأميركية في آب/ أغسطس الماضي، فإن مجموعة "بوديستا للإعلانات" تقدّم خدمات لعملائها السعوديين مقابل تكلفة شهرية قدرها 50.000 ألف دولار أميركي، لا تشمل تكاليف الإنتاج والخدمات الإعلامية الإضافية. ونوّهت الصحيفة أن هذه الرسوم تعتبر صغيرة نسبياً بالمقارنة مع شركات أخرى تلجأ إليها السعودية والإمارات، واللتان تدفعان منذ عدة سنوات مئات آلاف الدولارات بشكل شهري أو ربع سنوي.
أما قطر فقد ذكرت الصحيفة أنها وصلت بشكل متأخر نسبياً إلى حرب النفوذ الشاملة هذه، لكنها تقوم بالكثير من التعاقدات مؤخراً. وتركز على الإعلانات المطبوعة والإلكترونية التي تؤكد على العلاقات الأمنية والعسكرية الوثيقة مع الولايات المتحدة، بدلاً من مهاجمة خصومها الخليجيين. وتقدم شركة "نيلسون مولينز" للعلاقات العامة خدمات "بناء رأس مال سياسي" للدوحة مقابل 100 ألف دولار شهرياً منذ شهر حزيران/ يونيو، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن المدير العام للاستراتيجيات العامة في الشركة كريستوفر كوشينغ، وذلك لقاء توفير "المعلومات الصحيحة للأشخاص المناسبين".
أما شركة "أفينو ستراتيجيز"، فتتلقى 150.000 دولار شهرياً، مقابل "خدمات استشارية استراتيجية"، في حين تلقت المحامية العامة السابقة جون أشكروفت مبلغ 2.5 مليون دولار بهدف "تقييم واستقصاء وعند الضرورة تقوية برامج الامتثال المالية التي تتبعها".