وقالت المصادر المطلعة على تفاصيل ما حدث ليلة الاثنين الماضي، لـ"العربي الجديد"، إن الإدارة الأميركية أدت دوراً غير مباشر في الموقف الذي اتخذه حفتر، لكنه كان الأكثر تأثيراً، بحسب تعبير المصادر، بعد تنسيق جرى بين واشنطن والقاهرة وأبو ظبي. وأوضحت المصادر أن تفاصيل واتفاقات غير معلنة ضمن بنود الاتفاق الذي جرى بتنسيق روسي تركي، كانت وراء إقناع الإدارة الأميركية من جانب حاكمي مصر والإمارات بضرورة التدخل وعرقلة إتمام الاتفاق.
وأضافت المصادر أن مسؤولاً بارزاً في الإمارات اتصل بحفتر ليلة الاثنين الماضي، وقبل انقضاء المهلة التي طلبها من الجانب الروسي حتى صباح الثلاثاء، وأكد عليه عدم التوقيع، وأن ذلك جرى بالتنسيق مع الإدارة الأميركية وبضوء أخضر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصياً، وذلك لقطع الطريق على تضخم النفوذ الروسي في تلك المنطقة. وأوضحت أن ضمن البنود غير المعلنة، التي كشف عنها حفتر لحلفائه في الخليج، إقامة قاعدة عسكرية ضخمة في الجنوب الليبي، وهو ما يعني تحول روسيا إلى صانع القرار الرئيسي وتضاؤل النفوذ الأميركي في القارة الأفريقية.
وأشارت مصادر أميركية في القاهرة إلى أن تنسيقاً أوسع بين القاهرة وأبوظبي والرياض وواشنطن بدأ منذ مطلع الأسبوع الماضي، بعدما ارتأت الإدارة الأميركية التراجع عن تقديم غطاء ودعم سياسي لحفتر، في أعقاب عدم قدرته على الحسم في فترة وجيزة. ولفتت المصادر إلى أن الدور الروسي أعاد توجيه بوصلة القرار الأميركي ليعود مجدداً إلى محور داعمي حفتر.
ولفتت المصادر إلى أن البنود غير المعلنة وحّدت الموقف الأميركي الخليجي مجدداً، إذ ترفض كل من الإمارات والسعودية منْح دور كبير لتركيا في المنطقة، فيما تعارض الولايات المتحدة ترك الساحة لروسيا. واستبعدت المصادر التوصل إلى تسوية شاملة في ليبيا بالقريب العاجل، في ظل التجاذبات الدولية الكبيرة، وتحوُّل الأزمة الليبية إلى ورقة ضغط لبعض القوى الكبرى تلعب بها لخدمة ملفات أخرى في المنطقة، مشيرة - على سبيل المثال - إلى أن التوافق التركي الروسي كان على هذه القاعدة، بحيث تتوافق أنقرة وموسكو على تبادل المصالح والمنافع وتقييمها بين الملفين السوري والليبي.
وحول مؤتمر برلين ومدى إمكانية مساهمته في التوصل إلى حل للأزمة، استبعدت المصادر هذا الأمر، مرجحة مزيداً من التعقيد خلال الأيام المقبلة، في ظل بوادر انهيار وقف إطلاق النار، قائلة: "أقصى حل مؤقت يمكن الذهاب إليه في الوقت الحالي هو تثبيت وقف إطلاق النار لفترة أطول تحت مراقبة دولية، مع بقاء الحال على ما كان عليه قبل بدء حفتر هجومه على العاصمة في إبريل/ نيسان الماضي". وكشفت المصادر أنه في أعقاب تراجع حفتر عن التوقيع، بدأت تركيا في التصعيد من أجل تضييق الخناق مجدداً عليه، مؤكدة أن أنقرة سمت قائداً لقواتها في ليبيا، هو خليل سويسال الذي قاد القوات التركية في العملية العسكرية التي شنتها أنقرة على الشمال السوري أخيراً. يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي، إن تركيا لا تنوي الانسحاب من ليبيا، ولا تعتبر وجودها احتلالاً.