"داعش" يسلم شرق دير الزور إلى "قسد"... وينسحب نحو البوكمال

27 أكتوبر 2017
تتسابق قوات النظام و"قسد" للسيطرة على البوكمال(جورج أورفليان/فرانس برس)
+ الخط -

تتواصل المعارك الثلاثية في مدينة دير الزور وريفها بين عناصر تنظيم "داعش" من جهة، وكل من قوات النظام ومليشياتها، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) من جهة أخرى، وسط مؤشرات عدة على رجحان الكفة لصالح "قسد"، المدعومة أميركياً، والتي استحوذت بالقتال أو بالاتفاقات من تحت الطاولة مع "داعش" على مساحات أكبر مما حصلت عليها قوات النظام، خصوصاً على صعيد حقول النفط. في هذا الوقت، تواصل قوات النظام الاصطدام بمقاومة قوية من جانب التنظيم في أحياء دير الزور، رغم تمكنها أخيراً من انتزاع حي الصناعة من يد "داعش" بعد معارك طويلة، منيت خلالها بخسائر فادحة.

وقالت مصادر محلية إن "داعش" انسحب بكامل سلاحه، الخفيف والثقيل، من منطقة الجزيرة شرق دير الزور، نحو مدينة البوكمال على الحدود السورية -العراقية، إذ من المنتظر أن تدور معركة كبيرة مع قوات النظام خلال الأيام المقبلة، بينما استحوذت "قوات سورية الديمقراطية" على المناطق التي انسحب منها عناصر التنظيم. وأوضحت المصادر أن الانسحاب جاء نتيجة اتفاق سري بين "قسد" وشيوخ العشائر في المنطقة، وأسفر عن انسحاب التنظيم من مساحات واسعة من منطقة الجزيرة شمال الفرات، بما في ذلك حقل التنك النفطي في شرق دير الزور، ليضاف إلى حقل العمر الذي سلمه "داعش" إلى "قوات سورية الديمقراطية" قبل أيام. وأوضحت أن الاتفاق يقضي بتسليم مناطق سيطرة التنظيم إلى "مجلس دير الزور العسكري" و"بيارق الشعيطات" التابعين إلى "قسد"، حتى منطقة هجين ومن الشحيل إلى ذيبان. ومع هذه التطورات باتت "قسد" على بعد نحو 17 كيلومتراً فقط عن الحدود السورية- العراقية في ريف دير الزور الشرقي. وكانت وزارة الدفاع الروسية اتهمت في وقت سابق "قوات سورية الديمقراطية" والتحالف الدولي بالتواطؤ مع التنظيم ضد قوات النظام، ونشرت صوراً لعربات أميركية منتشرة في مناطق سيطرة "داعش".

ويتسابق كل من النظام و"قسد" للسيطرة على آخر معاقل تنظيم "داعش" في أقصى شرق دير الزور، ومدينة البوكمال على الحدود السورية – العراقية، حيث تشن قوات النظام عملية عسكرية في محيط محطة "T2" جنوب دير الزور. وأعلن الإعلام الحربي التابع للنظام السوري، ظهر أمس الخميس، سيطرة قوات النظام على هذه المحطة الاستراتيجية. كما ذكرت قوات النظام أنها وصلت إلى مشارف قرية جديدة عكيدات في ريف دير الزور. وذكرت وكالة "سانا" التابعة إلى النظام السوري أن "وحدات من الجيش خاضت اشتباكات عنيفة مع مجموعات إرهابية من تنظيم داعش في منطقة حويجة صكر انتهت بالسيطرة على نقاط جديدة في المنطقة". ونقلت الوكالة عن مراسلها في المنطقة أن وحدات من جيش النظام حققت تقدماً في الضفة الشرقية لنهر الفرات على محور الريف الشمالي الشرقي، باتجاه منطقة الجديدة، حيث دمرت آخر تجمعات تنظيم "داعش" في محيط بلدة خشام، في حين قصف سلاحا الجو والمدفعية مواقع التنظيم في أحياء الحميدية والعرضي والجبيلة وكنامات.



وكانت قوات النظام قد سيطرت، أول من أمس، على حي الصناعة في مدينة دير الزور. ورأت مصادر محلية أن السيطرة على حي الصناعة قد تكون بداية لمعركة سيطرة النظام على بقية أحياء مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة "داعش"، وأهمها الحميدية. ونعت صفحات موالية للنظام السوري ثائر إسماعيل، وهو قائد اقتحام في قوات سهيل الحسن الملقب بـ"النمر". وكان إسماعيل يشغل منصب قائد الاقتحام في "مجموعات الليوث" التابعة لمجموعات "النمر"، وهي من أبرز المجموعات المقاتلة في صفوف قوات النظام. وتتزامن عمليات قوات النظام في المدينة، مع تقدم أحرزته في الأيام الماضية جنوب المحافظة، سيطرت خلاله على مدينة الميادين، أحد آخر المعاقل الرئيسية للتنظيم في المحافظة، وتقول إنها باتت الآن في طريقها إلى مدينة البوكمال على الحدود العراقية، وهي آخر معقل كبير لـ"داعش" في سورية.

وقال نشطاء من أبناء المنطقة إن قوات النظام غيرت من خطتها الرامية للسيطرة على مدينة دير الزور بشكل كامل، بعد أن حاولت التقدم من حويكة صكر ولم تفلح، وبعد أن أحكمت حصارها على مقاتلي التنظيم داخل المدينة. وأشارت شبكة "فرات بوست" الإعلامية المحلية إلى أن قوات النظام والمليشيات التابعة لها وصلت إلى جامع الغزالي، ومن المتوقع أن تتجه إلى حاجز "جميان"، ومن ثم تحاول السيطرة على حويجة صكر، وذلك بعد أن سحبت مجموعات من مقاتليها من مدينة الميادين شرق مدينة دير الزور. وتتقاسم قوات النظام السيطرة مع "داعش" على أحياء مدينة دير الزور، إذ تخضع أحياء الجورة والقصور ومساكن عياش وأجزاء من أحياء الموظفين والعرفي والجبيلة في الجانب الغربي من المدينة لسيطرة النظام، فضلاً عن سيطرته على حيي هرابش والطحطوح في الجانب الشرقي، في حين يسيطر التنظيم على أحياء الحميدية والشيخ وياسين والحويقة الشرقية والعرضي وكنامات، وأجزاء من أحياء أخرى.

وعلى الجانب العراقي من الحدود، بدأت القوات العراقية المشتركة عملية للسيطرة على قضاءي راوة والقائم، الخاضعين لتنظيم "داعش"، عند الحدود مع سورية. وكان الجيش العراقي أعن أنه استعاد السيطرة على منفذي ربيعة واليعربية الحدوديين مع سورية، بعد انسحاب مليشيا "حزب العمال الكردستاني" منهما باتجاه الأراضي السورية. ونفت مصادر محلية أنباء عن تقدم قوات النظام نحو مدينة البوكمال وملاقاتها القوات العراقية في منطقة عكاشات. وأكدت المصادر أن قوات النظام السوري ما زالت تشتبك مع تنظيم "داعش" على أطراف مدينة الميادين، وهي تتعرض لضغوط عسكرية من جانب التنظيم و"قسد" بما لا يسمح لها حالياً بالتقدم نحو البوكمال، ولا حتى من جهة البادية. من جهته، هدد "جيش مغاوير الثورة"، التابع للمعارضة السورية، والمدعوم من قبل أميركا، بالرد على أي هجوم تتعرض له مناطق سيطرته. وقال الفصيل، في تدوينة على حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، إن "أي محاولة تعدٍ من أي جهة كانت على الحدود الإدارية ستلقى رداً قاسياً"، وذلك بعد أن حاولت قوات النظام أخيراً التقدم إلى المنطقة المحيطة بمعبر التنف والذي يتمركز فيه الفصيل، لكنها تراجعت بعد تهديدات أميركية.