وبعد أقلّ من ساعتين من احتجاز الناقلة البريطانية، ذكرت "رويترز" أنّ بيانات "ريفينيتيف" لتعقب حركة السفن أظهرت أن ناقلة نفط ثانية تديرها شركة بريطانية، وترفع علم ليبيريا، تسمى "مسدار" حولت اتجاهها فجأة شمالاً صوب ساحل إيران مساء اليوم الجمعة، بعد مرورها غرباً عبر مضيق هرمز إلى الخليج.
وأظهرت البيانات أنّ الناقلة حولت اتجاهها في حوالي الساعة 16:00 بتوقيت غرينتش، بعد نحو 40 دقيقة من تحويل الناقلة ستينا إمبيرو مسارها على نحو مماثل صوب إيران، والتي قال الحرس الثوري إنه احتجزها.
من جانبها قالت الشركة البريطانية المشغلة للناقلة "ستينا إمبيرو" التي تم احتجازها في الخليج إن الناقلة ملتزمة تماما بجميع قواعد الملاحة واللوائح الدولية.
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عن مصدر عسكري قوله إن الناقلة أغلقت جهاز التتبع وتجاهلت تحذيرات من الحرس الثوري وأبحرت في الاتجاه الخاطئ في ممر ملاحي. وقال إريك هانيل رئيس شركة ستينا بالك "هناك 23 بحارا على متن الناقلة من الهند وروسيا ولاتفيا والفلبين". وأضاف "لم ترد أنباء عن وقوع إصابات ويبقى اهتمامنا الأساسي بسلامة طاقمنا".
وأكد بيان الحرس الثوري أن الوحدة البحرية للمنطقة البحرية الأولى للحرس الثوري هي التي قامت بتوقيف الناقلة البريطانية، مضيفاً أنها تحمل اسم "ستينا إمبيرو"، وأن احتجازها جاء بطلب من منظمة الموانئ والإبحار في محافظة هرمزغان جنوبي إيران.
كذلك، أعلن الحرس الثوري الإيراني أن الناقلة البريطانية المحتجزة تم سحبها إلى الشواطئ الإيرانية، وهي الآن في عهدة منظمة الموانئ والإبحار الإيرانية لـ"إجراء المراحل القانونية والتحقيقات اللازمة".
وأعلن المدير العام لمصلحة الموانئ والإبحار الإيرانية في محافظة هرمزغان جنوبي إيران، مراد عفيفي بور، أن إيقاف الناقلة البريطانية جاء "بعد تلقي تقارير عن أضرار وأحداث يمكن أن تتسبب بها الناقلة".
وأضاف عفيفي بور أنه بعد تلقي مصلحة الموانئ الإيرانية تلك التقارير "طالبنا القوات العسكرية باحتجاز الناقلة وسحبها إلى مرفأ بندر عباس لإجراء التحقيقات اللازمة".
وعزا المسؤول الإيراني احتجاز الناقلة إلى "مخالفات" قال إنها ارتكبتها حين العبور من مضيق هرمز، مضيفاً أن هذه المخالفات "تتمثل في العبور من مسار غير مسار الملاحة في مضيق هرمز، وإطفاء أجهزة التتبع، وعدم التجاوب مع التحذيرات الإيرانية".
وباحتجازها الناقلة البريطانية، تكون طهران قد نفذت تهديداتها بالرد بالمثل على توقيف لندن ناقلة نفط لها في مياه جبل طارق منذ الرابع من الشهر الجاري.
"طوارئ" في لندن
وعقب الإعلان الإيراني، أعلن عن عقد لجنة الطوارئ الحكومية في بريطانيا اجتماعاً لبحث حادث احتجاز ناقلة في الخليج.
وقالت بريطانيا إن احتجاز السفينة "أمر غير مقبول"، ودعت إلى حرية الملاحة في الخليج.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت إن لندن سترد بطريقة مدروسة لكنها قوية، وحذر من أن طهران ستكون الخاسر الأكبر إذا تم تقييد حرية الملاحة.
وقال هنت إنه تحدث إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لمناقشة الوضع وإنه يتوقع أن يتحدث إلى نظيره الإيراني محمد جواد ظريف الذي قال إنه على متن طائرة حاليا.
وأضاف هنت "هذا غير مقبول تماما... سنرد بطريقة مدروسة لكن قوية". وتابع قائلا "لا نبحث خيارات عسكرية، بل عن طريقة دبلوماسية لحل الموقف... إذا تم تقييد حرية الملاحة فستكون إيران الخاسر الأكبر، من مصلحتهم حل هذا الموقف في أسرع وقت ممكن".
وقال هنت: "أشعر بقلق شديد إزاء احتجاز السلطات الإيرانية سفينتين في مضيق هرمز". وأضاف "سأحضر بعد قليل اجتماعاً أمنياً لاستعراض ما نعلمه وما يمكننا فعله لضمان الإفراج سريعاً عن السفينتين - سفينة ترفع علم بريطانيا وأخرى ترفع علم ليبيريا".
من جهتها، قالت وزارة الدفاع البريطانية إنّ سفينة "ستينا إمبيرو"، التي ترفع علم بريطانيا، تحمل على متنها 30 ألف طن، وكانت متجهة إلى السعودية عندما غادرت فجأة الممرات البحرية الدولية عبر مضيق هرمز.
وأوضحت الوزارة أن بيانات تتبع السفينة أظهرت أنها تتجه نحو جزيرة قشم الإيرانية، حيث توجد قاعدة كبيرة للحرس الثوري الإيراني.
وذكرت الشركة التي تدير الناقلة ستينا إمبيرو، المسجلة في بريطانيا، إنها لم تتمكن من التواصل مع طاقمها بعد أن اقتربت منها زوارق صغيرة غير محددة الهوية وطائرة هليكوبتر أثناء عبورها مضيق هرمز.
وأشارت "نورثيرن مارين مانجمينت" إلى أن 23 بحاراً على متن الناقلة، ولا تقارير عن إصابات، وأن "الناقلة تتجه حالياً شمالاً صوب إيران".
وتمتلك شركة "ستينا إيه.بي" شركة "نورثيرن مارين".
وأبرز الرئيس التنفيذي لغرفة الشحن في بريطانيا أنه يجب توفير مزيد من إجراءات الحماية للسفن التجارية بعد أن احتجز الحرس الثوري الناقلة البريطانية.
وقال بوب سانجوينيتي في بيان: "ندين بأشد العبارات احتجاز سينا إمبيرو لدى عبورها مضيق هرمز في وقت سابق اليوم".
وتابع قائلاً "هذه الواقعة تشكّل تصعيداً. وبينما ندعو لرد محسوب.. يتعين اتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية السفن التجارية لضمان تعزيز الأمن وحرية تدفق التجارة في المنطقة".
واشنطن تتابع
وعقب ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سيتحدث مع بريطانيا بشأن احتجاز الناقلة، بحسب ما أوردته "رويترز".
بدوره، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، اليوم الجمعة، إن الولايات المتحدة على علم بالتقارير عن احتجاز إيران لناقلة نفط بريطانية، و"سوف تعمل مع حلفائها وشركائها للتصدي لإيران".
وقال المتحدث جاريت ماركيز: "نحن على علم بالتقارير عن أن قوات إيرانية احتجزت ناقلة نفط بريطانية".
وأضاف ماركيز: "ستواصل الولايات المتحدة العمل مع حلفائنا وشركائنا للدفاع عن أمننا ومصالحنا في مواجهة سلوك إيران الخبيث".
واللافت أن الخطوة الإيرانية اليوم تأتي بعد أن مددت المحكمة العليا في جبل طارق اليوم احتجاز الناقلة الإيرانية لمدة 30 يوماً آخر.
وكان المرشد الإيراني علي خامنئي قد هدّد، الثلاثاء الماضي، بأن بلاده لن تبقي احتجاز بريطانيا ناقلة النفط الإيرانية في مياه جبل طارق منذ الرابع من الشهر من دون رد، وأنها "ستردّ في الزمان والمكان المناسبين".
وقال خامنئي إنه وسط "التوقعات الأوروبية العبثية" بشأن الاتفاق النووي "ترتكب بريطانيا الخبيثة قرصنة بحرية وتسرق سفينتنا، وتنفذ جريمة وتعطيها طابعاً قانونياً في الوقت نفسه"، مضيفاً أن "الجمهورية الإسلامية وعناصرها المؤمنة لن تبقي هذه الخبائث من دون رد".