واشنطن وباريس تضغطان على العبادي لقبول المصالحة الوطنية

01 يونيو 2015
رهان دولي على مشروع المصالحة الوطنية (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -

تنتظر مؤتمر باريس لقوى التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي يرأسه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، غداً الثلاثاء، بمشاركة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى جانب عدد من ممثلي الدول المنضوية في التحالف، في مقابل غياب وزير الخارجية الأميركي جون كيري نتيجة الإصابة التي تعرض لها أمس الأحد، رهانات كبيرة وخيارات محدودة. يأتي ذلك في ظل جهود دولية، وتحديداً أميركية وفرنسية، لدفع حكومة العراق نحو المضي في مصالحة وطنية.

وكان وزير الخارجية الفرنسي قد أقرّ بصعوبة رهانات المؤتمر، حين أعلن قبل أيام في مداخلة له، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، بأنّ فرنسا ستعبر بوضوح أمام الدول المشاركة في الحرب ضد "داعش" بأنّ الاخفاق الغربي في هذه الحرب في شقّها العراقي، يعود في جزء كبير منه إلى سوء أداء الحكومة العراقية. واعتبر فابيوس أن الحكومة العراقية لم تلتزم بتعهداتها بالانفتاح على المكونات السياسية والمذهبية، وتحديداً المكون السني وإنشاء جبهة وطنية موحدة ضد "داعش". وأصرّ على أنّ "لا حل عسكرياً بدون حل سياسي" وأنّ مؤتمر التحالف الغربي ضد داعش، الذي انعقد في سبتمبر/أيلول الماضي، كان قد ربط بوضوح بين المجهود الحربي للدول الغربية؛ المعتمد أساساً على شن الغارات الجوية ضد مواقع التنظيم، وبين تحرك سياسي عراقي لضم المكون السني إلى الحكومة ومؤسسات الدولة، وعلى الحكومة العراقية الآن أن تحترم هذا التعهد".

وتبين تصريحات فابيوس أن مؤتمر باريس، وفي موازاة بحثه عن طرق عسكرية أكثر فعالية في محاربة "داعش"، سيهتم بالشق السياسي والدفع نحو مصالحة وطنية في العراق بين المكونين الشيعي والسني. وفي هذا الإطار، يجري التحضير أيضاً لمؤتمر في باريس يجمع رموزاً "سنية" عراقية هذا الشهر، لكن لم يُعلن عن موعده بعد.

اقرأ أيضاً: مؤتمر في باريس لتوحيد سنّة العراق برعاية سعودية أردنية 

وقال مصدر في "التحالف الوطني" فضل عدم نشر اسمه، لـ "العربي الجديد"، إنّ "العبادي يحضر اجتماع دول التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) المقرر عقده في باريس يوم الثلاثاء المقبل"، مبيناً أنّ "واشنطن وفرنسا تمارسان ضغوطاً على العبادي للقبول بالمصالحة الوطنية، خوفاً من جرّ البلاد الى حرب أهليّة".

وأكّد المصدر نفسه أنّ "واشنطن تستخدم ورقة تسليح السنة والأكراد للضغط على العبادي للقبول بالمصالحة الوطنية"، مبيناً أنّ "العبادي والتحالف الشيعي متفقان على أنّ ورقة التسليح من أخطر ما تواجهه الحكومة، وأنه (العبادي) يسعى بكل ما استطاع لعدم تمريرها، حتى إذا اضطره ذلك إلى القبول ببعض الشروط الأميركية".

وأكّد المصدر أنّ "العبادي يلتقي بعض رموز المعارضة السنيّة في باريس، خارج المؤتمر، ومنهم وزير المالية السابق رافع العيساوي، وعدد من قادة البعث وقادة الفصائل المسلحة السنية"، مشيراً إلى أنّ "العبادي يبحث معهم الحلول السياسية للواقع العراقي وتمرير مشروع المصالحة الوطنية".

وأشار الى أنّ "اللقاء سيكون بحضور وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والفرنسي لوران فابيوس، وهو استكمال اللقاءات التي عقدت في واشنطن، ولم يجتمع بها قادة العراق، بل كان كل منهم على حدة".

وكان الأمين العام لكتلة "كرامة"، الشيخ خميس الخنجر، قد أعلن مطلع الشهر الجاري، عن عقد أول مؤتمر يجمع شخصيات ورموزاً سياسية واجتماعية ودينية وقادة بالجيش السابق، وممثلي فصائل في المحافظات السنية الشهر المقبل في العاصمة الفرنسية باريس؛ للاتفاق على قيادة سنية جديدة تضم كل أطراف المكون السني، ولا تستهدف أحداً.

 من جهتها، قالت مستشارة رئيس مجلس النواب لشؤون المصالحة الوطنية وحدة الجميلي، إنّ "المصالحة ليست تسوية مشاكل بين النخب السياسية، إذ ينبغي أن تستند على أساس قانوني يتمثل بقانون للمصالحة الوطنية".

وأوضحت الجميلي في بيان صحافي أنّ "ما هو موجود اليوم تحت مسمى المصالحة الوطنية؛ ما هو إلا تقاسم للسلطة بين النخب السياسية، فالمصالحة يجب أن تستند على أساس قانوني".

وأضافت أنّ "إعادة الاستقرار لا بد أن تكون بتبني مشروع قانون للمصالحة الوطنية يقوم على الحقيقة والمصارحة، مع تضمين تطمينات للمكون الشيعي واحتفاظه بمكتسب الحكم في داخل القانون، لوجود هاجس الخوف لديهم مع التأسي بتجارب دول العالم التي شهدت تنفيذ ميثاق للسلم والمصالحة الوطنية، وفي ذلك توجد تجارب كثيرة مثل الجزائر".

بدوره، أكّد المتحدث باسم مكتب العبادي، سعد الحديثي، أنّ "العراق يطرح خلال مؤتمر باريس وجهة نظره حول دور التحالف في إيقاف تدفق المسلحين، وإضعاف القدرات المالية لتنظيم (داعش)".

وقال الحديثي في تصريح صحافي إنّ "العراق يطرح وجهة نظره حول ما يريده من التحالف الدولي ليس فقط على الجانب العسكري، إنما في بقية الجوانب كالإنساني والاقتصادي وغيرها، ودور التحالف في تجفيف منابع الإرهاب من خلال إيقاف تدفق المسلحين، وأيضا إضعاف القدرات المالية والتمويلية لتنظيم (داعش)".

وأضاف أن "العبادي يستعرض خلال المؤتمر جهود الحكومة العراقية لتحقيق الشراكة الوطنية، وتحقيق التمثيل الواسع والمتنوع للمكونات السياسية والاجتماعية وجهودها، في إطار المصالحة الوطنية وما يريده العراق من التحالف".

ومن المقرر أن يعقد مؤتمر باريس غداً بمشاركة 24 دولة، ويترأسه وزير الخارجية الفرنسي ونظيره الأميركي ورئيس الوزراء العراقي.

اقرأ أيضاً: قلق أممي من ارتفاع تدفق الجهاديين إلى سورية والعراق

المساهمون