عضوية فلسطين بالمحكمة الجنائية الدولية: تفاؤل سياسي وإحباط قانوني

01 ابريل 2015
إعداد ملف حول عدوان غزة لتقديمه للمحكمة (فرانس برس)
+ الخط -

تحتفل دولة فلسطين، اليوم الأربعاء، بإعلان قبولها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، لكن هذا القبول على أهميته، لا يُعتبر تحريكاً للقضايا الفلسطينية أمام المحكمة.

وأمام التفاؤل المفرط لبعض السياسيين الفلسطينيين، وتأكيداتهم على أهمية الخطوة وأن التحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية للحالة في فلسطين قد بدأ بالفعل قبل ثلاثة شهور، إلا أن خبراء القانون الدولي يوضحون بأن التحقيق ما زال لدى المدعية العامة فاتو بنسودا ولم يخرج بعد إلى أروقة المحكمة، فضلاً عن أن الجانب الفلسطيني ما زال في بداية الطريق لإعداد ملفاته حول جرائم الحرب التي طلب من المحكمة النظر فيها.

ويقول رئيس اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية صائب عريقات، "اليوم سيكون الاحتفال في مقر المحكمة في لاهاي، بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية رياض المالكي".

ويؤكد عريقات في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن المحكمة بدأت بتحقيق أولي، والتحقيق ما زال جارياً، موضحاً أن "هناك طريقتين لإحالة القضايا إلى المحكمة الجنائية، إما عبر التقديم المباشر لهذه المحكمة أو بالتوقيع على المادة 3/12 التي تفعل مادة 2/44، لتبدأ بعدها المحكمة تحقيقاً أولياً".

وحول نتائج التحقيق الأولي الذي بدأته بنسودا قبل نحو ثلاثة شهور، يقول عريقات إن "التحقيق ما زال جارياً ونعلم أنه قطع شوطاً طويلاً، وسيكون هناك اجتماع فلسطيني مع المدعية العامة قريباً جداً، لنسمع منها أين وصل التحقيق الأولي".

ووفق خبراء قانونيين، فإن الهدف من التحقيق الأولي الذي أطلقته المدعية العامة هو جمع البيّنات والمعطيات والقرائن، لمعرفة إن كانت ترتقي لشروط جريمة حرب أم لا، أو إن كانت المدعية تحتاج للمزيد من الوقت لجمع المزيد من البيّنات، وحتى اللحظة لم يعلن مكتب المدعية العامة نتائج تحقيقاته التي انطلقت في 16 من يناير/كانون الثاني 2015.

ويقول عريقات إن "اللجنة الفنية التي يقودها وزير الخارجية، تقوم بإعداد كل ما يلزم لملفي الاستيطان والعدوان على قطاع غزة"، لافتاً إلى أن "اللجنة ستقوم بالتعاقد مع خبراء قانون دولي أجانب".

ورداً على سؤال أين وصلت جهود اللجان المنبثقة عن اللجنة الوطنية العليا في إعداد ملفي الاستيطان والعدوان على قطاع غزة، يوضح عريقات: "نحن في طور الإعداد وقطعنا شوطاً طويلاً". ويشير إلى أنه من المتوقع في السادس من الشهر الحالي، تقديم تقرير للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حول التطورات فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية.

اقرأ أيضاً: وثيقة إسرائيلية لعرقلة تحقيق "الجنائية" حول غزة

وكان عباس قد وقّع نهاية ديسمبر/كانون الأول 2014 على نظام روما وكل الملحقات المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد أن فشل قرار إنهاء الاحتلال في الحصول على الأصوات التسعة اللازمة في مجلس الأمن، بضغوط أميركية. ووافقت المحكمة الجنائية على أن تكون دولة فلسطين عضواً فيها ابتداء من الأول من أبريل/نيسان الحالي.

يُذكر أن دولة فلسطين عندما تقدمت بطلب الانضمام للجنائية الدولية، ألحقت في طلبها أنها تريد تطبيق الاختصاص القضائي للمحكمة على نوعين من الجرائم، الأول يتعلق بالاستيطان الإسرائيلي كجريمة حرب مستمرة، والثاني العدوان على قطاع غزة، والذي استمر 51 يوماً.

وأمام التصريحات السياسية المتفائلة، هناك حالة من الحذر الشديد وربما الإحباط في صفوف خبراء القانون الدولي، الذين يؤكدون أن المحكمة لم تنظر في القضايا التي طالبت بها دولة فلسطين بعد، وأن التحقيقات الأولية لم تنته، وما زال القرار مرهوناً بالمدعية العامة التي لم تقرر بعد إن كان هذان الملفان يرتقيان لدرجة جرائم الحرب أم لا، مع التشديد على أن الجنائية الدولية في ظاهرها قانونية لكنها سياسية في الجوهر، ما يجعل التوقعات بشأنها صعبة المنال.

وينفي خبير القانون الدولي حنا عيسى، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "تكون المحكمة الجنائية تنظر حالياً في القضايا التي رفعها الفلسطينيون"، مشدداً على أن "القضية ما زالت عند النيابة العامة التي تدرسها وليس عند المحكمة الجنائية، وتحتاج للكثير من الوقت حتى تصل إلى الجنائية".

عيسى وهو من الخبراء المشاركين في اللجنة الوطنية الفلسطينية لمتابعة المحكمة الجنائية، يوضح أنه "يتم النظر في هذه القضايا من قِبل المدعية العامة الدولية، وبعد انتهاء التحقيق الأولي، سيكون هناك قرار إن كانت هذه الجرائم ترتقي لمستوى جرائم الحرب أم لا"، مشيراً إلى أنه "في حال وافقت المدعية العامة على ذلك، ستذهب حينها إلى قضاة المحكمة الجنائية لمباشرة التحقيق، أو قد يكون هناك رد آخر بأن هذه القضايا لا ترتقي لأن تكون جرائم حرب، وهي في ذلك تستند إلى المواثيق الدولية".

ولكن عيسى يلفت إلى أن "هناك اتفاقيات ثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تشر إلى أن الاستيطان جريمة حرب، بل تم الاتفاق على التفاوض على الاستيطان في إعلان المبادئ في سبتمبر/أيلول 1993، في نص المادة الخامسة الفقرة الثالثة والتي كان مفادها سيتم التفاوض على الاستيطان واللاجئين والحدود المياه، أي أنها متروكة للتفاوض".

وحول جاهزية الملفات الفلسطينية، يقول عيسى إن "الملفات غير جاهزة، وقد بدأنا للتو".

وإذا كانت النقطة السابقة من أكثر ما يؤرق خبراء القانون الدولي حالياً، إلا أن هناك العديد من النقاط القانونية الإشكالية، وأبرزها أن القضاء الدولي استكمالي، ما يعني أن الاحتلال قد يُقرر مباشرة التحقيقات وإيقاع العقوبات على المتهمين بجرائم الحرب وفق قانونها الوطني، وفي حال تم ذلك سيتعذر الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ومن أبرز التحديات القانونية أيضاً التي يواجهها الخبراء القانونيون في إعداد قضية ضد الاحتلال، هي أن إسرائيل وقّعت على ميثاق روما لكنها لم تصادق عليه، لذلك فهي ليست عضواً في المحكمة.

ويقول عيسى في هذا السياق، إن "هناك الكثير من الأمور القانونية التي تتعلق بنا، منها عدم وجود سيادة فلسطينية"، مشيراً إلى أن "هناك مشواراً قانونياً طويلاً أمامنا، ويجب ألا نغفل أن هذه المحكمة قانونية في الشكل، لكن جوهرها سياسي".

المساهمون