كركوك: لا عودة لما قبل 2017...وبغداد تطرح التوافق بين مكوناتها خياراً وحيداً

17 يوليو 2019
زيارة مسرور البارزاني لبغداد وصفت بـ"الناجحة" (يونس كليس/الأناضول)
+ الخط -

بعد زيارة وصفت بـ"الناجحة" لرئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور البارزاني، إلى بغداد، ولقائه بالمسؤولين العراقيين، تراجعت حدة الخطاب الكردي حول مدينة كركوك في الساعات الماضية، وبدت أكثر هدوءا وتأكيدا على أهمية التعايش السلمي والشراكة بين المكونات المختلفة.

وبحسب تسريبات، فإنّ "قضية كركوك أخذت حيّزا واسعا في حوار أمس بين رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، والزعيم الكردي مسرور البارزاني، وأنّهما قررا أن تكون أولى الملفات العالقة بين بغداد وأربيل من كركوك". 

وقال مسؤول مطلع على سير اللقاء، لـ"العربي الجديد"، إنّ "بغداد أبلغت البارزاني استحالة عودة الأوضاع في كركوك إلى ما قبل أكتوبر/ تشرين الأول 2017، حين كانت المدينة تحت سلطة البشمركة بشكل كامل، مشددة على أن القوات الاتحادية هي من تديرها كمدينة عراقية حالها حال أي مدينة أخرى، وبشكل مطابق لما نص عليه الدستور"،

مؤكدا أن الحكومة العراقية اعتبرت "الطريق الأسلم هو التراضي والتوافق بين سكان وقوى كركوك السياسية، وألا تفرض معادلة من نوع ما على حساب أي مكون فيها".

ووفقا لذلك، فإنّ ملف كركوك سيكون أول الملفات التي ستتوجه بغداد وأربيل لمعالجتها في القريب العاجل، وتنتظر بغداد أن يتوافق الحزبان الكرديان على موقف موحد بشأن المدينة وملء فراغ منصب المحافظ المشغول بالوكالة منذ زهاء عامين من قبل راكان الجبوري.

وكان زعماء مليشيات عراقية مقربة من طهران قد أطلقوا تصريحات اعتبرت تصعيدية بشأن كركوك، بينها تصريح زعيم مليشيا "العصائب" قيس الخزعلي، الذي قال على حسابه في "تويتر" إن "كركوك عراقية"، وختمها بعبارة "نقطة راس سطر"، في إشارة الى أن الموضوع غير قابل للنقاش ردا على تصريحات سابقة لمسعود البارزاني قال فيها إن كركوك كردستانية.

واستعادت بغداد السيطرة على كركوك ومدن عراقية أخرى تسيطر عليها البشمركة بعد حملة عسكرية واسعة نفذتها ردا على تنظيم إقليم كردستان استفتاء للانفصال عن العراق في سبتمبر/ أيلول 2017، لترد بغداد بعد أيام على الاستفتاء بحزمة عقوبات، كان من بينها استعادة السيطرة على المناطق التي سيطرت عليها البشمركة بعد اجتياح "داعش" للعراق عام 2014، وأبرزها كركوك ومخمور وزمار وسنجار وربيعة والطوز.

رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، فيان صبري، من جهتها أكدت أنّ "هناك خارطة طريق لتحقيق التوازن بالمحافظة"، مبينة، في تصريح صحافي، أنّ "هناك إمكانية للتفاهم بشأن كركوك، التي نرى أنها مدينة للتعايش السلمي".

وأكدت صبري أنّ "هناك رغبة لحل مشكلات المحافظة ضمن إطار الدستور، وإعادة المحافظة إلى أوضاعها السابقة"، داعية إلى "استغلال الأجواء السياسية الإيجابية في العلاقة بين بغداد وأربيل، وأنّ أي اتفاق بين الأطراف الكردية لا يجب النظر إليه إلّا من ناحية إيجابية".

وأشارت إلى أنّ "التوافق بين الكرد وبين الأطراف الأخرى، والمكونات في المعادلة السياسية لكركوك ومع بغداد، هي خارطة طريق علينا جميعا إنجاحها".

ولا تحظى الخطوات التي تجري بين بغداد وأربيل بشأن كركوك بثقة أطرافها الأخرى، التي ماتزال تخشى من أن تكون المحافظة ضحية صفقة بين الطرفين على حسابها، وهو ما أشار إليه عضو حزب الاتحاد في كركوك كاميران علي، الذي أوضح في اتصال مع "العربي الجديد" أن "هناك قناعة بأن قضية كركوك لا تحل بالقوة، وأي محاولة لفرض أمر واقع على أي من مكوناتها الثلاثة لن تكون غير بداية خراب المدينة، لذا فالجميع بات مقتنعا بالتراضي وأن يخرج الجميع بمعادلة مناسبة"، معتبرا أن "الشارع الكركوكي متعايش، لكن الحديث عن القوى السياسية، وكمواطنين في المدينة يعتبرون أنهم بخير ولا مشاكل بينهم"، وفقا لقوله. 

وحذّر نائب رئيس الجبهة التركمانية في المحافظة، حسن توران، من "أي صفقة يمكن الاتفاق بشأنها بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، بعيدا عن رغبة أهالي المحافظة"، مشددا على أنّ "أي حل لكركوك يكون عبر صفقة لن يمرَّ بسلام".


ولا يختلف موقف المكون العربي في كركوك عن التركماني، إذ إن الطرفين لا يثقان بحلول بغداد، ولا يريدان عودة البشمركة إلى المحافظة.

وقال محمد العبيدي، عن المكون العربي في كركوك، إن "كركوك لا تحتاج لحلول"، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحراك الكردي يهدف لتغيير الواقع الحالي، ونحن نجد أن القوات الاتحادية موجودة، والأمور وفقا للدستور، ولا داعي لأي قوات أخرى"، محذرا الحكومة مما وصفه بـ"مجاملة على حساب المدينة وباقي مكوناتها".

وتريد بغداد رسم ملامح علاقة جديدة لها مع إقليم كردستان في ظل تولي نيجيرفان البارزاني رئاسته، ومسرور البارزاني رئاسة الحكومة.