وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، شفيق الصرصار، إن "برنامج مراقبة تمويل الأحزاب السياسية في الانتخابات لم يجهز بعد"، مبرّرًا ذلك بأنهم "ليسوا المتدخلين الوحيدين في هذه المسألة".
وبخصوص التجاوزات في الانتخابات، أفاد الصرصار بأنها موجودة في كل بلدان العالم، حتى في الانتخابات الفرنسية والأميركية، باعتبار أن قدرة المال في التأثير على مسار الانتخابات، بطريقة غير شرعية، متداولة جدًّا، مضيفًا أنه بمزيد التنسيق بين جل المتدخلين يمكن الحد من تأثير المال الفاسد في الانتخابات.
وفي ما يتعلّق بالتجربة التونسية، يرى الصرصار أنه رغم التقدم المسجل في القواعد والآليات المتعلقة بتمويل الحملات الانتخابية، إلا أن الإطار القانوني والمؤسساتي المنظم لتمويل الحياة السياسية، بشكل عام، ما زال يشكو عديد النقائص، فسواء تعلق الأمر بالمرسوم عدد 87 لسنة 2011؛ أو القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014، المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، فإن مختلف هذه النصوص كشفت حدودها فيما يتعلق بتمويل الحياة السياسية.
من جهته، أكد عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نبيل بافون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "التمويل بخصوص الانتخابات البلدية سيكون بنظام استرجاع المصاريف، أي أن القائمة المترشحة ستتكلف بجميع المصاريف، ويتم بعد ذلك استرجاع القيمة التي حددتها الدولة للصرف الانتخابي، بشرط أن تثبت الأحزاب ذلك بوثائق قانونية وذات مصداقية".
وبالنسبة لآليات المراقبة والعقوبات، أفاد بافون أنها تصل إلى حد السجن بخصوص التمويلات الأجنبية إذا ثبتت، ومن أهم الآليات الأخرى؛ وضع رقم حساب بنكي وحيد مراقب للحملة الانتخابية لكل قائمة مترشحة للانتخابات.
وبخصوص الانتخابات السابقة، أكد بافون أن "عديد التجاوزات سجلت، وتم رفعها إلى القضاء قصد النظر فيها، وقد تم حسم بعضها بعقوبات وخطايا مالية بمبالغ كبيرة، ولن يكون بإمكان أي طرف سياسي المشاركة في الانتخابات القادمة إلا بعد إثبات أنه سدد ما عليه بخصوص التمويل العمومي الذي تحصل عليه في انتخابات 2011 و2014.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال الوزير المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، مهدي بن غربية، إن مراقبة التمويلات في العمليات الانتخابية هام جدا للمسارين الديمقراطي والاقتصادي لتونس. وأكد أن رئاسة الحكومة وفرت للهيئة كل الإمكانيات للعمل على هذا الموضوع، معتبرا أن الحكومة والأحزاب السياسية عبّرت عن استعدادها لإنجاز الانتخابات البلدية قبل نهاية سنة 2017.
وبخصوص التجاوزات الحاصلة في الانتخابات السابقة، أفاد بن غربية بأن بعض الأطراف السياسية لم تسدد ما عليها للدولة إلى حد الآن، إذ بلغت قيمة الديون 5 ملايين دينار تونسي، ما اعتبره بن غربية إهدارًا للمال العام، ولهذا فإن قرار التمويل البٓعدي في الانتخابات البلدية القادمة لتفادي مثل هذه التجاوزات.
ومن جهة أخرى، أفاد بن غربية أن الحكومة تشتغل على قانون جديد يمكّن من التمويل العمومي الدائم خارج المرحلة الانتخابية، مما اعتبره ضروريًّا لضمان بقاء أحزاب سياسية قوية، مضيفًا أنه إلى أن يتم سنّ هذا القانون؛ فقد طولبت كل الأحزاب بتقديم تقاريرها المالية لدائرة المحاسبات.