تونس: مواقف حزبية متباينة بشأن مبادرة السبسي لـ"حكومة وحدة"

06 يونيو 2016
انقسام الأحزاب بين داعم لمبادرة السبسي ومنتقد لها (الأناضول)
+ الخط -

مازالت المبادرة التي أعلن عنها الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، لتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم "اتحاد الشغل" و"منظمة الأعراف" والأحزاب، تثير النقاش والجدل داخل المشهد السياسي التونسي، إذ بادرت العديد من الأحزاب إلى اجتماعات استثنائية وطارئة، على مدى اليومين الماضيين، للخروج بقرار بشأنها. غير أن المواقف تباينت بين داعم للمبادرة بالنظر إلى الأزمة الخانقة التي يمر بها البلد، ومنتقد لها. 

ورأت "حركة الشعب"، في بيان لها اليوم الاثنين، في مبادرة الرئيس التونسي "اعترافا صريحا بفشل تجربة حكم الائتلاف الرباعي على كل الأصعدة، وعجزه عن التخلص من معضلة المحاصصة الحزبية، بدل بلورة برنامج حكم يستجيب لتحديات المرحلة الانتقالية بأبعادها الاجتماعية والسياسية والأمنية". 

وأكدت الحركة أن مبادرة السبسي "هي المخرج الملائم على المدى المنظور من أزمة المصداقية التي انتهت إليها حكومة الائتلاف الرباعي الحاكم، شريطة أن يصاحبها حوار حقيقي يضبط أولويات المرحلة القادمة، ويبلور البرنامج الذي ستتشكل على أساسه حكومة الوحدة الوطنية، خاصة في مجالات التشغيل والتنمية والإصلاح الجبائي، والحد من سياسة الاقتراض، ومقاومة الفساد والتصدي للإرهاب".


وبينت "حركة الشعب أن "المدخل السليم لأي حوار أن يكون بنّاء، ويتحمل كل طرف مسؤوليته فيما آلت إليه أوضاع البلاد من تدهور وتعقيد، حتى لا تكون مبادرة حكومة الوحدة الوطنية شعارا للتنصل من الفشل، والتملص من استحقاق المحاسبة الدقيقة على كل الأزمات التي شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية"

وعبّرت عن استعدادها للمساهمة "مع المنظمات الوطنية، وكل القوى التقدمية، في بناء مشروع وطني ينهي حالة الارتجال والارتباك التي هيمنت على الأداء الحكومي طيلة سنوات ما بعد الثورة"، منبهة من خطورة أن تكون المبادرة "مجرد إعادة ترتيب البيت الداخلي للائتلاف الرباعي الحاكم، وإعادة توزيع الحصص بين مكوناته". 

من جهته، انتقد حزب "التيار الديمقراطي" مبادرة السبسي، واعتبرها "مرتجلة وغير مدروسة"، مشددا، في بيان له اليوم، على أن "هذه المبادرة إقرار بفشل الائتلاف الحاكم في إدارة هذه المرحلة، وفشل الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية، وسياسة التلكؤ في اتخاذ القرارات الصائبة، بفعل غياب الإرادة السياسية الصادقة للإصلاح، وتهرب ائتلاف الأحزاب الحاكمة من تحمّل المسؤولية".

وأشار "التيار الديمقراطي" إلى أن "الأحزاب الحاكمة قامت بمغالطة تاريخية، ضللت من خلالها التونسيين بهدف الوصول إلى الحكم، خاصة أنّها قدمت نفسها كأحزاب تزخر بالكفاءات وتمتلك حلولا لكل المشاكل"، مؤكدا أن المرحلة الراهنة لا تقتضي حكومة وحدة وطنية، "بقدر ما تقتضي برامج تنمية عملية وإصلاحات اقتصادية جذرية، وإرادة سياسية واضحة لمقاومة الفساد والتصدي للتهريب، واسترجاع الأموال المنهوبة، والحدّ من حالة الاحتقان الاجتماعي".

بدوره، عقد المكتب التنفيذي لـ"الحزب الجمهوري" اجتماعا طارئا للنظر في المبادرة، حيث اعتبر، في بيان صدر أمس، أن "الحديث الصحافي لرئيس الجمهورية فيه إقرار صريح بوجود أزمة متعددة الأبعاد، عجزت المنظومة الحالية عن معالجتها، وتنطوي على أبعاد خطيرة تهدد استقرار البلاد".

وذكّر "الجمهوري" بموقفه الداعي إلى عقد حوار وطني للخلاص ينتهي إلى وضع أولويات، وبرنامج إنقاذ البلاد، وإلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بتنفيذ بنوده، منبها من خطورة السعي إلى "تعميم مسؤولية فشل الائتلاف الحاكم"، مشددا على أهمية "تنسيق مواقف المعارضة الديمقراطية والتقدمية في توجيه كل المبادرات نحو البناء، والإنقاذ وفتح باب الأمل مجددا أمام التونسيين". 

وأكد حزب "آفاق تونس"، في بيان أصدره أمس، في أعقاب اجتماع مجلسه الوطني المنعقد في سوسة، مساندته مبادرة الباجي قائد السبسي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، واستعداده لفتح قنوات الحوار مع كل الأطراف المعنية بهذه المبادرة.

واعتبر "آفاق تونس" أن مشاركة المنظمات الوطنية، كـ"الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية"، و"الاتحاد العام التونسي للشغل"، في تركيبة حكومة الوحدة الوطنية، من شأنها أن تساهم في تعزيز السلم الاجتماعي، ودفع مناخ الاستثمار، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلد.

يذكر أن "حركة النهضة" سبق وأن ثمنت، في بيان لها، مبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية التي أعلنها الرئيس التونسي، معتبرة أنها "امتداد لخيار التوافق الوطني، ومنسجمة مع المنهجية التشاركية مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية".

أما "الجبهة الشعبية"، فقد اعتبرت حديث السبسي "مجرد أفكار عبر عنها رئيس الدولة، ولا ترتقي إلى مبادرة"، وأكدت أن مقترح حكومة الوحدة الوطنية لم ينضج بعد، داعية إلى التحاور حول مضامين الوحدة الوطنية بدل التشاور حول تركيبة الحكومة وإقحام أحزاب المعارضة أو المنظمات فيها.


 
المساهمون