هل يتجاوز الليبيون عقدة الفصل 8 الخاصة بالجيش في الاتفاق السياسي؟

26 سبتمبر 2017
الاجتماع سيكشف مدى جدية الأطراف للتوصل إلى حل (Getty)
+ الخط -


انطلقت، اليوم الثلاثاء، بتونس، اجتماعات لجنة الحوار الليبية لبحث تعديل عدد من النقاط التي تضمنها اتفاق الصخيرات، أهمها إعادة هيكلة المجلس الرئاسي وفصل رئاسة الوزراء عن المجلس الرئاسي، وتوسعة مجلس رئاسة الدولة، وإلغاء أو تعديل المادة 8 المخصصة للجيش، والتي تعتبر أكثر النقاط جدلا وإثارة للخلافات.

وقد تم ترشيح 6 أعضاء من لجنتي الحوار الممثلتين لمجلس النواب ولمجلس الدولة للاجتماع، لتنطلق بعدها لجان الصياغة في إجراء تعديلات على الاتفاق السياسي، على أن يتم تشكيل ورشات عمل بغية التوصل إلى تعديل نصوص الاتفاق.

وتبدو جولة الحوار اختبارا حقيقيا لمدى تقبل مختلف الفرقاء الليبيين لخارطة الطريق الجديدة، ولجدية النوايا في البحث عن حلول سلمية تنهي الأزمة الليبية المتواصلة منذ سنوات.

ويبدو أن الخلافات الكبيرة بخصوص هذه المباحثات ستتمحور أساسا حول المادة 8 من الاتفاق، المتعلقة بالجيش، وتوسعة مجلس الدولة، التي يطالب بها مسؤولون من الشرق بالخصوص. 

وستكشف اجتماعات تونس الجارية عن مدى نجاح المساعي الدولية والإقليمية المستمرة منذ شهور، بغية إقناع الأطراف الليبية بخارطة الطريق الجديدة، كما ستبيّن مدى دعم الأطراف المختلفة للحل السلمي، في ما يبدو أنها فرصة أخيرة أمامهم جميعا قبل تدهور الأمور من جديد.

وفي السياق، قال المبعوث الأممي غسان سلامة، متوجها إلى الأطراف الليبية خلال الاجتماع، إنه "لا يجب استسهال الحوار في معناه العميق"، مبينا أن "تعدد الأفكار مسألة طبيعية، ولا بد من احترام شرعية التعدد، لانها أساس الديمقراطية"، وأنه "يجب التفاعل والإنصات للآخر، وهذا أمر ضروري".

وأضاف سلامة أن اجتماع اليوم يحمل موقفا صريحا من دول العالم المجاورة والبعيدة العظمى، وحتى الأصغر، يدعم تعديل الاتفاق السياسي، ويعول على الأطراف الليبية للوصول إلى تعديلات تكون بالتفاهم بين الطرفين، وذلك "في أقرب وقت، ودون تسرع أو تلكؤ"، معتبرا أن "حضور ممثلي الأمم المتحدة والاتحادين الأفريقي والأوروبي في هذا الاجتماع دليل على أهميته".

وأوضح المبعوث الأممي أن عددا من الليبيين تواصلوا معه وعبروا عن أملهم في الوصول إلى اتفاق بين الفرقاء الليبيين، "لأنهم سئموا من الانتقال إلى الانتقال، وأن تظل ليبيا دون أفق واضح ومطمئن"، مبينا أنه "لا بد من الوصول إلى مرحلة من الاستقرار، وهي لا تتجسد إلا في دولة ثابتة وعادلة". 

وأفاد بأن ما قدمه من مقترحات هي "أفكار من الليبيين أنفسهم، ومن مختلف أرجاء البلاد، ممن يطالبون بمصالحة وطنية شاملة وبدولة مستقرة، وبمؤسسات ثابتة وفعالة، تتجاوز مصالح الأشخاص في سبيل المصلحة الوطنية، وتتعالى عن العصبيات من أجل الوطن الواحد، لأنه لا سيادة دون دولة تذود عنها، ولا وقف للتدخلات الخارجية إلا بدولة تصدها"، مضيفا أنه "لا دولة دون وحدة وطنية وتمسك شامل بالصالح العام، وبمؤسسات ثابتة".

واعتبر سلامة أنه "لا بد من اقتناص الفرصة للوصول إلى اتفاق، لأنه لا مجال لمزيد من مواصلة تدهور الأوضاع المعيشية وتلكؤ مؤسسات الدولة في تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين"، مشددا على أن "هناك تخوفا من الليبيين من تحول أراضيهم إلى سائبة يدخلها من يشاء، وتخوف غير بلد مجاور وبعيد من محاذير عجز السلطة عن معالجة هذه الأمور ومخاطر استمرارها"، مؤكدا أن "الإلحاح أصبح عاما على منحى جديد ليشكل نقلة نوعية نحو دولة ثابتة، وما خطة العمل المقترحة إلا معبر نحو ذلك الهدف المأمول دون تباطؤ".

وأشار إلى أن "خطة العمل الحالية نصت على سلسلة من المحطات المتتالية، لكي لا يتأخر إنجاز أي منها، على أن تنتهي في غضون عام من الآن"، داعيا الليبيين إلى "التشاور وإشراك مزيد من الأطراف من أعضاء المجلسين، لكي تكون التعديلات معبرة عن أوسع شريحة ممكنة، وفي إطار الشفافية والتوافق الأوسع لا الأقلية". 

وأضاف أن "اتفاق الصخيرات يبقى هو المرجع وإطار العمل، ومما لا شك فيه أنه بحاجة إلى مزيد من التعديل، وأن شرعيته ستتعزز لو تم إقناع الليبيين بدعمه وتأييده لتتوسع رقعة الإجماع حوله، وإتمام النقلة النوعية التي ستتوج بانتخابات عامة ونزيهة". 

من جهته، قال رئيس المجلس الأعلى للمصالحة في ليبيا، محمد الهوش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الأطراف المجتمعة، اليوم، من لجنتي الحوار في البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة المختصتين بتعديل اتفاق الصخيرات، تسعى إلى إيجاد أرضية توافق للقيام بالتعديلات اللازمة، مبينا أن "نقاط الخلاف تتعلق أساسا بالمادة الثامنة، والتي تهم الجانب العسكري، وتلك المتعلقة بالمجلس الرئاسي وتقليصه إلى رئيس ونائبين"، معتبرا أن المجلس الأعلى للمصالحة كان قد التقى، صباح اليوم، بعثة الأمم المتحدة التي قدمت مذكرة للمشاركة في المؤتمر العام الذي سيعقد قريبا في ليبيا، برعاية وطنية، وسيجمع كافة الفرقاء السياسيين في الداخل والخارج، وأنه لا بد أن تكون له مخرجات. 

وأوضح أن "أغلب الاتفاقيات تتضمن نقاطا خلافية لا ترضي كافة القواعد الشعبية، ولكن لا توجد حلول أمام لجنة الحوار في البرلمان والمجلس الأعلى سوى الاتفاق".

بدوره، قال نائب في البرلمان الليبي عن منطقة الجنوب، الهادي الصغير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ جلسة اليوم تعتبر افتتاحية للجنة التعديلات المنثبقة عن مجلس النواب ومجلس الدولة، وأنهم اجتمعوا مع المبعوث الأممي لـ"تدارس خطة العمل التي ستكون في إطار زمني محدد للقيام بالتعديلات اللازمة"، معتبرا أن "اللقاء بين لجنتي الحوار والمبعوث الأممي كان مغلقا، وتم طرح المخاوف والعديد من التساؤلات التي أجاب عنها سلامة"، مبينا أنه "لا توجد حاليا أي مخاوف من الخطة".

وقال الصغير إنه "ستنبثق عن لجنتي الحوار لجنة صياغة لا تتجاوز 6 من مجلس النواب و6 من مجلس الدولة، وستقوم بصياغة الرؤى السياسية للوصول إلى توافق"، مؤكدا أنه "متفائل جدا، وخاصة أن الكل مصمم على الوصول إلى الهدف المنشود". 

وقال وزيرِ الشؤون الخارجية التونسية السابق والأمين العام لاتحاد المغرب العربي، الطيب البكوش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الحوار يكون دائما مطلوبا وإيجابيا للوصول إلى السلم في ليبيا"، معتبرا أن "تونس واتحاد المغرب العربي حريصان على وصول الأطراف الليبية إلى اتفاق سياسي".

وتلقى خارطة الطريق المقترحة من قبل المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة، دعم العديد من الأطراف الدولية والإقليمية.

والتقى، أمس الإثنين، وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، بالمبعوث الأممي في تونس، إذ جدد له موقف تونس المعلن أثناء الاجتماع رفيع المستوى حول ليبيا، الذي عقد بنيويورك، بإشراف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، المتمثل في "دعم تونس المطلق لخارطة الطريق التي اقترحها المبعوث الخاص للأمم المتحدة للتسوية في ليبيا، والتي ستنطلق باجتماع اللجنة المذكورة".

يشار إلى أنه في 17 ديسمبر/ كانون الأول من العام 2015، تم التوقيع بين الفرقاء الليبيين على اتفاق سياسي في الصخيرات بالمغرب، وأسفر عن انبعاث مجلس رئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ومجلس الدولة، وتمديد عمل مجلس النواب، ولكن هذا الأخير رفض المصادقة على الاتفاق وطالب بإدخال تعديلات عليه.