معركة طرابلس خدمة لمشروع مصر "حفتر أولاً"

04 سبتمبر 2018
تقدّمت قوات موالية لحفتر غرب طرابلس (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
ذكرت مصادر مصرية في اللجنة المعنية بالملف الليبي أن "ما يحدث هناك في العاصمة طرابلس يؤكد وجهة النظر المصرية، التي ترى ضرورة دعم الجيش الليبي (قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر)"، مشددة في الوقت ذاته على "رفض مسار الانتخابات الذي حدده اتفاق باريس. ومن البداية قلنا إنه غير مناسب، وإنها حال إجرائها ستؤدي إلى مزيد من الفوضى، وإن هناك شركاء غربيين يتفقون معنا في نفس الموقف".

وبشأن موقف القاهرة من الأحداث التي تشهدها العاصمة طرابلس، قالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إنه "بالطبع نرفض أي أعمال عنف من شأنها الإضرار بمصالح المواطنين، ولكن على كافة القوى الدولية والأمم المتحدة اتخاذ موقف صارم حيال ما يجري، والتعامل مع الأطراف الفاعلة، كل بقدر وجوده وقوته ونفوذه على الأرض، والتأكد من أن المؤسسات الأمنية الرسمية هي وحدها التي يمكنها السيطرة على المشهد".

من جهة أخرى، اعتبرت مصادر ليبية في حكومة الوفاق أن "حجم العتاد العسكري وقدرات التسليح لدى العناصر المتقاتلة يشير إلى أن أطرافاً دولية تتداخل في المشهد بشكل واضح"، قائلة "خاطبنا أطرافاً في دول الجوار للتعاون معنا في السيطرة على المشهد، وفوجئنا بمواقف أقل ما يتم وصفها بأنها سلبية". ولفتت إلى أن "هناك تصريحات سابقة لمعسكر الشرق الليبي تؤكد على نواياها في السيطرة على المشهد عسكرياً، وعدم إيمانها بالحل السياسي".

وأعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية في ليبيا برئاسة فائز السراج، حالة الطوارئ في العاصمة طرابلس، واعتبرت أن "الاشتباكات التي تدور فيها منذ أيام تدخل في نطاق محاولات عرقلة عملية الانتقال السياسي السلمي، وتشكل إجهاضاً للجهود المحلية والدولية المبذولة لتحقيق الاستقرار في البلاد".

وأكدت الحكومة أنه "حرصاً على وقف نزيف الدماء والحدّ من الخسائر البشرية والمادية، ونظراً لخطورة الوضع الراهن، ولدواعي المصلحة العامة، فإن المجلس الرئاسي يعلن حالة الطوارئ الأمنية بالعاصمة طرابلس وضواحيها بهدف حماية وسلامة المدنيين والممتلكات الخاصة والعامة والمنشآت والمؤسسات الحيوية".

وأتت تلك الاشتباكات في وقتٍ بات الغموض سيد المشهد الليبي بالكامل، وسط صراعات إقليمية ودولية دائرة على الأراضي الليبية بالوكالة، ففيما أعلنت فرنسا في وقت سابق عن خارطة طريق، بموجب اتفاق باريس في مايو/ أيار الماضي، الذي كان قد دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدداً من دول الجوار والأطراف الدولية ذات العلاقة بالمشهد الليبي، القاضية بإجراء الاستحقاقات الانتخابية قبل نهاية العام الحالي، واجهت إيطاليا تلك التحركات بتحركات أخرى مضادة، معتبرةً أن "مساعي فرنسا في ليبيا تتعارض مع النفوذ التاريخي لإيطاليا في تلك الأراضي".



في إطار هذا الصراع الفرنسي الأوروبي، كان هناك صراع آخر، سعت فيه كل من مصر والإمارات، عبر حليفهما حفتر، إلى السيطرة على المشهد برمّته، عبر دعمه سياسياً وعسكرياً. وهو ما دفع القوى الإقليمية المتنافسة على بسط نفوذها في ليبيا إلى الدخول في اتفاقات مع ذلك المعسكر، الرافض إجراء انتخابات وفقاً لاتفاق باريس لكونه يرى أن تلك الانتخابات ستمنح نفوذاً واسعاً لتيار الإسلام السياسي هناك. وهو ما جعل الخيار العسكري هو رقم واحد بالنسبة لحفتر وحلفائه في القاهرة وأبوظبي.

وفي وقت سابق أكدت مصادر مصرية وليبية لـ"العربي الجديد" أن "الانتخابات المقررة وفقاً لاتفاق باريس لن تتم كما هو محدد لها، وأن التعاطي المصري الإماراتي وكذلك تعاطي حليفهما حفتر مع الاجتماعات السياسية في فرنسا وغيرها من الدول، ما هي إلا لكسب الوقت فقط، وإظهار تجاوب مع الجهود الدولية، وعدم عرقلتها، وذلك في مقابل تحركات أخرى لكسب مزيد من الأرض، وتضييق الخناق على حكومة الوفاق، والقوى المسيطرة على الغرب، والعاصمة طرابلس، ومن بين تلك التحركات محاولة التواصل مع مجموعات مسلحة، لتفجير الوضع بالوكالة والسيطرة على العاصمة".

في غضون ذلك، أعلنت قوة يقودها عماد الطرابلسي الموالي لحفتر تمركزها في غرب العاصمة طرابلس لضمان الأمن هناك. وأتت هذه القوة من منطقة الزنتان بعد تجميعها تحت اسم جهاز الأمن العام، بموجب تعليمات من حكومة السراج في يوليو/ تموز الماضي. وأكد الطرابلسي أمس تمركز قواته في المنطقة الممتدة من "معسكر 7 إبريل في الضاحية الجنوبية الغربية لطرابلس وصولاً إلى القرية السياحية ومقر جمعية الدعوة الإسلامية، وذلك بتكليف من السراج". وكان الطرابلسي قائداً لقوة العمليات الخاصة التي أعلن تبعيتها لقوات حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد. وأكد الطرابلسي أكثر من مرة أن كل تحركاته تتم بعلم قيادة تلك القوات.

كذلك فرض دخول ما يسمى باللواء السابع إلى العاصمة طرابلس، وسيطرته على معسكر اليرموك، مزيداً من الغموض بشأن الجهات التي تحرك العنف، وتتسبب في انفلات الأوضاع داخل العاصمة، وتأجيج المشهد هناك.

وأصدرت قيادة اللواء السابع بياناً، يوم السبت الماضي، أكدت فيه عدم تبعيتها، سواء لـ"قوات الكرامة" أو لـ"فجر ليبيا"، قائلة "نحن جيش نظامي مكون من ضباط وضباط صف وجنود نظاميين يخوضون حرباً لتطهير العاصمة طرابلس من دواعش المال العام، وممن رهن مصير البلاد للخارج، ينأى بنفسه عن التجاذبات السياسية، ويتبع الحكومة التي يتفق عليها الليبيون".

وسيطر اللواء السابع على معسكر اليرموك، أحد أكبر المعسكرات وأهمّها في العاصمة الليبية طرابلس، وعلى كل منطقة الخلة وأغلب مناطق عين زارة، وهي مناطق ذات مساحة جغرافية شاسعة، ولا تزال قواته تتقدّم باتجاه وسط العاصمة طرابلس، من أجل بسْط نفوذها على محيط مطار معيتيقة الدولي ومنطقة مشروع الهضبة الاستراتيجية.


المساهمون