الولاية الثالثة للرئيس الموريتاني تهيمن على جلسات الحوار

07 أكتوبر 2016
سجال حول تعديل الدستور لصالح الرئيس الموريتاني(العربي الجديد)
+ الخط -

سيطرت مقترحات تعديل المواد الدستورية بشأن المأمورية الرئاسية على جلسات الحوار السياسي فى موريتانيا، وذلك بعدما استُبعدت خلال المسودة الأولى التى اتفقت عليها الأطراف المشاركة فى الحوار، قبل أن تعود قيادات فى حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، بعد أيام من انطلاقة الحوار، لتطرح مطلب تعديل المواد المتعلقة بمأمورية الرئاسة للسماح للرئيس الحالي بالحكم أكثر من ولايتين.

ودخل المتحدث باسم الحكومة الموريتانية، محمد الأمين ولد الشيخ، على خط التصريحات المتعلقة بمدة مأمورية الرئيس، إذ أكد، أمس الخميس، على أن المواد المحصنة في الدستور لم تطبّق فى موريتانيا من قبل، متسائلاً عن مدى توفر آليات تطبيقها.

وقال ولد الشيخ، خلال تعليقه على اجتماع مجلس الوزراء، إن القضية مطروحة الآن فى الحوار، ويمكن الاتفاق عليها، كما يمكن رفضها، مشدداً على أن ما لم يتم الاتفاق عليه خلال جلسات الحوار الجارية سيتم عرضه على الشعب عبر استفتاء عام.

وسخر من "أغنية المواد المحصنة"، مشيراً إلى أنه لا توجد حصانة فوق الشعب لأن "إرادته فوق الدستور".

تصريحات المتحدث سبقتها مواقف عبّر عنها عدد من السياسيين فى الحزب الحاكم، تطالب بتغيير المواد المعلقة بمدة مأمورية الرئيس، والتي حددها الدستور الحالي بفترتين رئاسيتين فقط. فيما تسعى الأغلبية، بحسب تصريحات عدد من قادتها، لمقايضة تعديل مواد المأمورية الرئاسية بعدم وضع سقف أعلى لعمر المترشح لرئاسة الجمهورية، وهو ما تطالب به بعض أحزاب المعارضة المشاركة فى الحوار، للسماح لقادتها بالترشح للرئاسة مرة أخرى.

وعبّر نائب رئيس البرلمان، القيادي بالحزب الحاكم، الخليل ولد الطيب، عن دعمه تعديل المواد الدستورية التي تمنع رئيس الجمهورية حالياً من البقاء فى السلطة لأكثر من فترتين رئاسيتين، مبرّراً ذلك بالقول إنّ "الشعب الموريتاني متعلق بالرئيس، وهذا التعديل سيأتي من خلال الشعب، وهو مصدر السلطات".



وفى السياق ذاته، جاءت تصريحات عدد من القيادات الحزبية فى الأغلبية، غير أن وثيقة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، المقدمة للحوار، لم تتعرض لمدة مأمورية الرئيس. واقترحت تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية عبر إسناد التشريع له فى حالة حل البرلمان، والحق "في الاعتراض على تعديلات الجمعية الوطنية لمشاريع القوانين؛ إذا ارتأى أنها تمس جوهر هذه المشاريع والأهداف التي تتوخاها السلطة التنفيذية منها في مجال مسؤوليتها التنظيمية".


تعديل المواد المتعلقة بمدة ولاية الرئيس، والتي إذا ما تم اعتمادها، ستفتح المجال أمام الرئيس الحالي، محمد ولد عبدالعزيز، للترشح من جديد بعد انتهاء فترته الرئاسية عام 2019، غير أن أطرافاً معارضة تشارك فى الحوار رفضت هذه المطالب، معتبرة أنها "تهدد الحوار ولا تخدم المصلحة العامة".


ونفى الرئيس الموريتاني، فى تصريحات سابقة، نيته البقاء فى السلطة بعد انتهاء ولايته. ولم تطرح الأغلبية الحاكمة خلال اللقاءات التحضيرية للحوار أية بنود تتعلق بمدة رئاسة الجمهورية. وتقول الأحزاب المشاركة فى الحوار إنها حصلت على ضمانات بعدم طرح موضوع تعديل مأمورية الرئيس خلال الحوار، وأن التعديلات الدستورية المقترحة تتعلق بطبيعة النظام السياسي وبعض المؤسسات الدستورية من دون أن تمسّ بالمواد "الجامدة" المتعلقة بمدة فترة الرئيس فى السلطة.

وكانت الحكومة الموريتانية قد افتتحت جلسات حوار سياسي بين الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة وفق وثيقة إطارية تضمنت بعض الإصلاحات السياسية والدستورية، بعد رفض أحزاب منتدى المعارضة وأطراف أخرى المشاركة فى الحوار، بحجة أنه "غير توافقي وتم من دون تنسيق".

وطالبت أحزاب المنتدى النظام الحاكم بالعودة إلى المشاورات السابقة، والرد بشكل كتابي على وثيقة الممهدات التي تتضمن بعض شروط المعارضة للحوار. كما حذر حزب تكتل القوي الديمقراطية، الذي يقاطع الحوار هو الآخر، من أي تلاعب بالدستور، مشيراً إلى أن الحوار الحالي يفتقر للمصداقية والجدية.

ويحكم الرئيس الموريتاني، ولد عبدالعزيز، وهو جنرال سابق فى الجيش، البلاد منذ عام 2008 إثر انقلاب عسكري على نظام الرئيس السابق، سيدى محمد ولد الشيخ عبدالله، قبل أن يتم انتخابه بعد توقيع اتفاقية بين الرئيس ولد عبدالعزيز والمعارضة عام 2009. وتم بموجبها إجراء انتخابات رئاسية نجح فيها ولد عبدالعزيز بأغلبية ساحقة، قبل أن يتم انتخابه مرة أخرى عام 2014 فى ظل المعارضة.

ومع بداية انتخابه لولاية ثانية، هي الأخيرة له بحسب الدستور الحالي، دعا الرئيس الموريتاني المعارضة إلى حوار سياسي، غير أن جهود مشاركة المعارضة فشلت خلال العامين الماضيين، قبل أن ينطلق الحوار، الخميس الماضي، بمشاركة بعض أحزاب معارضة الوسط، وشخصيات منشقة عن المعارضة التقليدية فى المنتدي وحزب التكتل.