الجزائر: صدام أحزاب المعارضة والسلطة يحتدم

04 ديسمبر 2015
الحزب الحاكم طرف أساسي في الحرب الكلامية(ألين جوكارد/فرانس برس)
+ الخط -
لم تهدأ الأوضاع السياسية في الجزائر بعد؛ فخلال الأيام الماضية، عاشت البلاد على وقع تفاعلات متسارعة وصدام سياسي حاد بين قوى المعارضة وأحزاب السلطة، ما لبث أن انزلق الى العنف والاتهامات المتبادلة، كان آخر فصل منها مشهد الاشتباكات بالأيدي داخل مجلس النواب، خلال جلسة التصويت على قانون الموازنة، تلته حرب كلامية بين أكثر شخصيين إثارة في الجزائر: أمين عام حزب "جبهة التحرير الوطني" الذي يعد الرئيس، عبدالعزيز بوتفليقة، رئيسه، عمار سعداني، وأمين عام حزب "العمال" اليساري تروتسكوي التوجهات، لويزة حنون.


اقرأ أيضاً: ست كتل برلمانية تتبرأ من قانون الموازنة في الجزائر

وآخر فصول هذه الحرب الكلامية، التي لا يزال جهاز الاستخبارات وقائده المعزول، محمد مدين، المعروف باسم الجنرال توفيق جزءاً منها، اتهامات وجهها سعداني الى حنون، في مؤتمر صحافي، قال فيه، إن حنون كانت أداة في يد المدير السابق لجهاز الاستخبارات، و"هو من أرسلها إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ في التسعينيات بهدف الحصول على شعبية، وبعث بها إلى مؤتمر سانت إيجيديو الذي عقدته قوى المعارضة في روما الإيطالية عام 1995، لكي تتجسس على المعارضة"، مشيراً الى أن "جهاز الاستخبارات كان يمنح لحزب العمال أصواتاً في الانتخابات، ثم تخلى لها عن مقر تابع للاستخبارات لاستخدامه كمقرّ لحزبها".

واعتبر سعداني أن زعيمة الحزب اليساري مكلفة بمهمة من قائد جهاز الاستخبارات المعزول "الجنرال توفيق"، لمهاجمة وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، الفار الى الولايات المتحدة، ووزير الصناعة السابق حميد تمار.

لم يتأخر ردّ حزب "العمال"، إذ قال القيادي في الحزب، رمضان تعزيبت، في تصريح صحافي إن "اتهامات سعداني للويزة حنون خطيرة وتثبت أن هذا الأخير فقد توازنه، ويمارس الإرهاب السياسي، ليس فقط ضد قوى المعارضة، ولكن حتى ضد نواب حزبه للضغط عليهم لأجل التصويت على قانون الموازنة لعام  2016 ". ورأى أن سعداني، المقرب من محيط الرئيس بوتفليقة، يسعى الى إرضاء الأوليغارشيا والكارتل المالي، بعدما أصبح الحزب الحاكم ملجأً لرجال الأعمال".  

واتهم حزب "العمال" أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني بـ"الثراء الفاحش الناجم عن كونه من بين المسؤولين الذين استغلوا مناصبهم لتشييد ثروات فاحشة بالعملة المحلية والعملة الأجنبية وامتلاك عقارات بالداخل والخارج". وأضاف "فليقل سعداني للرأي العام، كيف أصبح مليارديرا بعدما كان موظفاً بسيطاً في شركة توزيع الوقود".
 
اقرأ أيضاً: الجزائر المأزومة.. حكومة ثرية وشعب فقير

في أفق أزمة اقتصادية خانقة تتجه إليها الجزائر، واختناق اجتماعي بفعل فشل السياسات التي انتهجتها السلطة، تشهد الجزائر صراعاً سياسياً حاداً بين أطراف السلطة وقوى المعارضة التي بدأت تتجمع  للمرة الأولى، منذ مؤتمر روما عام 1995، عند نقاط توافق وتقاطعات تلتقي في القراءة نفسها بشأن ما تعتبره المعارضة "تهور السلطة ودفعها البلاد الى حافة الكارثة والتمسك بالانفراد في قراءة تفاصيل الأزمة الاقتصادية وتداعياتها على المشهد الاجتماعي". وساهم قيام عدد من القوى السياسية بمراجعات لمواقفها وعودتها عن دعم سياسات بوتفليقة، في زيادة حشد المعارضة وفي المقدمة  حزب "العمال" اليساري الذي ساهم تحول مواقفه لصالح المعارضة في الفترة الأخيرة، في تقوية صفوف المعارضة.

ويرى مراقبون أن حرب التصريحات والبيانات في ظل مناخ سياسي متوتر وأفق اجتماعي مسدود وأزمة نفطية، لا تقود البلاد الى الاستقرار، لكنها تزيد من التأثيرات المباشرة على الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار أسعار النفط، وتمهد لانفجار اجتماعي، كانت أول ملامحه الحركة الاحتجاجية التي نفذها قبل أيام عمال المدينة العمالية "رويبة" في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، وهي المدينة نفسها التي بدأت منها انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 1988، والتي قطعت مع نظام الحزب الواحد. وأشار إلى هذه المخاوف المتحدث باسم حركة "النهضة" محمد حديبي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، قائلاً، إن ما جرى كان متوقعاً بالنظر الى إصرار السلطة على صدّ باب الحوار مع المعارضة ومحاولة التهرب من مسؤولياتها في الأزمة الاقتصادية وخسارة البلاد فرصة إقلاع اقتصادي جدي، وهدر مقدرات البلاد المالية.