"نيويوركر"... ما وراء السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة

27 سبتمبر 2017
قرار قيادة المرأة السعودية للسيارة "خطوة صغيرة" (جون موور/Getty)
+ الخط -
وصفت مجلة "ذا نيويوركر" الأميركية، قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، بأنّه "خطوة صغيرة نحو الأمام"، ولكنها بالتأكيد ليست "كبيرة"، وذلك تعليقاً على وصفه من قبل الخارجية الأميركية بأنّه "خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح"، مشيرة إلى عدة أسباب جعلت الرياض تتخذ القرار بهذا التوقيت، وهي مرتبطة بالمشاكل التي تتخبّط فيها المملكة بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان.

وذكّرت الكاتبة روبن رايت، في مقال نشر، بعد صدور الأمر الملكي أمس الثلاثاء، بالمقاومة المستمرة للنساء السعوديات ضد التمييز الحكومي ضدهن، بما في ذلك حملة على وسائل التواصل الاجتماعي حملت وسم "المقاومة بالمشي"، حيث قامت المواطنات بتصوير أنفسهن وهن يمشين في الشوارع نفسها التي يمنعن من قيادة السيارات فيها.

وأوردت الكاتبة في هذا السياق، قصة الناشطة في مجال حقوق المرأة وجيهة الحويضر، والتي اعتقلها الأمن السعودي عام 2006، لرفعها لافتة تطالب بمنح النساء السعوديات حقوقهن، قبل أن تعود وتقود سيارتها في الصحراء السعودية بعد عامين، وتوثق رحلتها في فيديو شاهده ربع مليون شخص على موقع "يوتيوب"، وتابعه مجدداً آلاف المشاهدين الأجانب بعد ترجمة محتواه، حيث تشير فيه الحويضر إلى أنّ مشكلة قيادة النساء "ليست سياسية طبعاً، وليست دينية، بل هي مسألة اجتماعية".

ولفتت الكاتبة، إلى أنّ المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية، وقفت بشكل صارم ضدّ قيادة المرأة للسيارة، حيث كان المفتي الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز، قد أفتى، في وقت سابق بأنّ "قيادة المرأة تتناقض مع الضوابط الشرعية التي يلتزم بها السعوديون".

ومؤخراً، قدم رجل الدين السعودي سعد الحجري، محاضرة حول "مفاسد قيادة المرأة للسيارة"، وصف فيها النساء بأنهن "بربع عقل".

وأشارت رايت، إلى أنّ المملكة العربية السعودية، هي آخر بلد في العالم، يحظر على النساء قيادة السيارات، وبفارق سنوات كثيرة جداً عمن سبقه.

ولفتت إلى أنّ عدم السماح للمرأة بقيادة السيارة، هو أمر لم يغب عن تقارير وزارة الخارجية الأميركية حول انتهاكات حقوق الإنسان، كما يُعتبر أحد أبرز المؤشرات على الانتهاكات الحقوقية في المملكة الخليجية الغنية والمحافظة جداً.

وقد كان قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية، خبراً مدهشاً لدرجة أنّ صحيفة "نيويورك تايمز"، بحسب الكاتبة، أرسلت رسائل إلكترونية تحتوي على خبر عاجل وحيد، هو هذا القرار الملكي.

إلا أنّ هناك عدة مؤشرات تدفع المرء لعدم الاحتفاء بهذا القرار، بحسب ما ذهبت الكاتبة، فالسعوديات لن يستفدن من القرار الجديد، حتى دخوله حيّز التنفيذ في يونيو/ حزيران 2018، حيث ينص المرسوم الملكي على إنشاء هيئة حكومية لوضع مبادئ توجيهية لتنفيذه، وهو ما يثير تساؤلاً حول نوع المبادئ التوجيهية التي قد تنطبق على النساء دوناً عن الرجال.

وألقت الكاتبة الضوء، على أنّ ما ينص عليه المرسوم من "مراعاة تطبيق الضوابط الشرعية اللازمة والتقيد بها"، يفتح المجال لتأويلات عديدة، بما في ذلك اشتراط موافقة "المحرم"، أي موافقة أحد الأقرباء الذكور، وهو أمر لا يزال يقيّد الكثير من النشاطات الحياتية للمواطنات السعوديات بما في ذلك السفر أو حتى مجرد الحصول على جواز سفر.

وأوردت الكاتبة ما قاله خبير الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، آدم كوغل، تعليقاً على القرار، مشيراً إلى أنّ "هناك إشكالية مع المؤسسة الدينية للدولة التي عارضت إصلاحات حقوق الإنسان لفترة طويلة، وخاصة ما يتعلّق بحقوق المرأة".

ولفت كوغل، في حديثه مع "ذا نيويوركر"، إلى أنّ قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، مرتبط بالاضطرابات الداخلية بالمملكة مع ولاية العهد بقيادة محمد بن سلمان، والمشكلات الاقتصادية، فضلاً عن حرب اليمن والتوتر مع قطر وإيران.

واعتبر كوغل، أنّ الناتج الأهم الذي سعت إليه المملكة العربية السعودية من قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، هو مكسب تحتاجه الرياض في علاقاتها العامة، خلال مواجهة ما تمرّ به.

ومن المتوقع أن يصوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، هذا الأسبوع، حول تشكيل لجنة تحقيق لتوثيق جرائم الحرب في اليمن، و"لعلّ السعوديين يحاولون الحصول على مهلة إضافية عبر هذا المرسوم"، بحسب الكاتبة.

المساهمون