جزائريو المَهجَر يتظاهرون في باريس.. وحَذَرٌ من مناورات السلطة

31 مارس 2019
الحراك الجزائري يتواصل بالداخل والخارج (العربي الجديد)
+ الخط -

بينما تتواصل التظاهرات في الجزائر، مطالبة برحيل فوري للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وجماعته من السلطة، وباستعادة الجزائر لحريتها واستقلالها، يتظاهر الشتات الجزائري، أيضا، مرددا الشعارات ذاتها، فيما يشبه تماهي الخارج المتضامن مع الداخل المنتفض.

وفي كل يوم أحد، ينظّم الجزائريون، من مختلف أجيال الهجرة ومن فرنسيين من أصول جزائرية وعرب، تجمعا لهم، في ساحة الجمهورية، بباريس، وفي مدن فرنسية عديدة.
وقد كانت ساحة الجمهورية، اليوم، غاصة بالمتظاهرين، الذين اصطحبوا كعادتهم أبناءهم وعائلاتهم، وتزينوا بالأعلام الوطنية، ورفع الكثيرون منهم لافتات ورسوما، تطالب في معظمها الرئيس بوتفليقة وجماعته، وحزب "جبهة التحرير الوطني" بالرحيل دون انتظار، "اليوم قبل الغد". وكالعادة تجد في كل ركن من الساحة الكبيرة تجمعا وشعارا وتدخلات. وكأن التجمع الواحد الذي يُنصت لمتدخل واحد، ما دام أن الشعار واحد، وهو رحيل بوتفليقة و"عصابته"، قد ولَّى.
وعلى الرغم من العودة المستمرة، من حين لآخر، للنشيد الوطني، الذي يحظى باحترام كبير، وللشعارات الأولى من نوع "ماكاش الخمسة، يا بوتفليقة"، و"سرّاقين ونهّابين"، إلا أن مستجدات الداخل المتسارعة، وخاصة مواقف قيادة الجيش من الأزمة، التي لا تجمع من حولها الحشود، والتي لا يُخفي البعضَ حذرَه الشديد أحياناً منها، سرعان ما ترى تجليها في تجمعات باريس وغيرها في الخارج، فالكثيرُ من المتظاهرين طالبوا في لافتات برحيل قائد الجيش، قايد صالح، أيضا، فيما ظهر، بشكل جلي متظاهرون قبائليون، يعبّرون عن ولائهم الأول وفخرهم بمنطقة القبائل، وحضر، أيضا، أنصار الناشط ورجل الأعمال الجزائري، رشيد نكاز، الذين يرون فيه المخلّص للجزائر من كبوتها الحالية.

وينعكس الوضع على معنويات المتظاهرين، فلا يخفي البعض قلقهم من "الدوران في حَلَقة مفرغة"، وهو ما يقوله صراحة، عمار، نادل في مقهى: "لن نستمر في التظاهرات إلى ما لا نهاية.. الوضع صعب على متظاهري الداخل، فالكثيرون منهم يفقدون وظائفهم، ويمكن أن تنتقم منهم الدولة.. أما نحن، هنا، فنستطيع التظاهر كل يوم أحد، ولكن الخارج لن يحسم الأمر".

وطالبت متدخلة، قالت إنها من أصول قبائلية، لكنها "فخورة بالجزائر وبولاياتها الثماني والأربعين": "بالاستمرار في وحدة الصفّ، وبالحفاظ على وحدة الشعارات، ما دام الهدف واحدا وهو استعادة الجزائر لحريتها وكرامتها وإرساء الديمقراطية، التي لا تُقصي أحدا"، وحذّرت من "التدخل الأجنبي، وخاصة الفرنسي.."، وناشدت الشعب بأن يحافظ على هذا الحراك في "سلميته وحضاريته".
ولكن العجوز رابح، الذي يقول إنه تجاوز الثمانين وجرّب كل ألاعيب السلطة، يعترف أنه لا أحد يعرف كيف سينتهي الأمر، حقيقة، فهؤلاء "الساسة لا خير يرجى منهم، والجماهير تطالب بطردهم جميعا، ولكن الأمر مستحيل، وستبدّل كثير من الأفاعي جلدها حتى تكتسب طاقة أخرى للعيش وممارسة السلطة".


وينظر العجوز إلى مختلف التجمعات الصغيرة، وإلى أعلام أخرى، غير العلم الوطني الجامع، تنتشر، فيحذر من "مستقبل لن يخلو من توترات وصراعات".
أما الباحث قدور زويلاي، فيعلق بنوع من الفخر، لكنه لا يخلو من مسحة حزن: "ها نحن نردد ما قاله أسلافنا، قبل أكثر من خمسين سنة"، ويضيف: "لكنه، فعلا، يجب أن تحيا الجزائر، هذه المرة، الشعب والدولة، لا هؤلاء الحاكمون".