سورية: مجازر روسية متلاحقة في الشمال

22 يناير 2020
استمر القصف الروسي أمس بشراسة (إبراهيم درفيس/الأناضول)
+ الخط -

لا يزال الشمال الغربي من سورية تحت وطأة قصف جوي ومدفعي من قبل الطيران الروسي وقوات النظام، بعد انهيار هدنة أعلن عنها الطرفان الروسي والتركي سابقاً، ما يؤكد أن محافظة إدلب ومحيطها مقبلين على تصعيد كبير، في ظل إعلان مصادر محلية أن النظام والروس دمّرا قسماً كبيراً من مدينة معرة النعمان، كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي، إذ يطاول القصف اليومي كل شيء في المدينة الخالية تماماً من السكان الذين اضطروا للنزوح إلى مناطق في الشمال السوري. وارتكب الطيران الحربي الروسي، أمس الثلاثاء، مجزرة بحق مدنيين، جلهم من عائلة واحدة، بقصف على قرية كفرتعال في ريف حلب الغربي، شمالي البلاد. وقال مصدر من الدفاع المدني السوري لـ"العربي الجديد"، إن الطيران الحربي الروسي قصف منازل المدنيين في قرية كفرتعال بريف حلب الغربي، ما أسفر عن وقوع مجزرة راح ضحيتها تسعة قتلى على الأقل. وأضاف المصدر أن القتلى هم رجل وزوجته وأطفالهما الستة، بالإضافة إلى شاب آخر من القرية ذاتها.

وقُتل أربعة مدنيين وجُرح آخرون، أمس الثلاثاء، بتجدد القصف الجوي الروسي على ريفي إدلب وحلب، شمالي غرب سورية. وأفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، بأن الطيران الحربي الروسي قصف بصواريخ شديدة الانفجار منازل المدنيين في محيط قرية البارة بريف إدلب الجنوبي، ما أسفر عن مقتل مدنيين اثنين وإصابة آخرين بجروح، وقُتل عناصر من قوات النظام السوري باستهداف موقع للنظام في ريف حلب الجنوبي الشرقي.

وتزامن ذلك مع قصف جوي مماثل على بلدتي معرشمارين ومعصران ودير سنبل في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ما أوقع أضرار مادية في ممتلكات المدنيين. وكشفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، عن مقتل طفل وإصابة امرأة نتيجة قصف جوي روسي استهدف بلدة تقاد في ريف حلب الغربي. كما قُتل مدني جراء غارة جوية بالصواريخ الفراغية على منطقة مدرسة الزراعة قرب مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي. وقصف الطيران الروسي منطقة معامل "الأندومي" بريف حلب الغربي، ومحيط حي الراشدين في حلب وضاحيتي شاميكو وزهرة المدائن وقرية كفرداعل، فيما قصفت قوات النظام، بعد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء، مناطق في أبو جريف وتل خطرة وتلة مصطيف ومعرشورين ومعرة النعمان وتلمنس والغدفة بريف إدلب الشرقي، ومناطق أخرى في كفرناها والمنصورة وخان العسل والراشدين بريف حلب الغربي. كما طاول القصف الجوي والمدفعي محيط مدينة دارة عزة في ريف حلب الغربي، في وقت أكدت فيه مصادر محلية مقتل واصابة مدنيين في بلدة البارة في ريف إدلب الجنوبي جراء غارات روسية.

ووفق مصادر محلية، استهدفت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة)، بصاروخ موجّه، منصة إطلاق صواريخ لقوات النظام بمحور معرشمارين، ما أدى لإعطابها. من جهته، أشار المرصد السوري لحقوق الانسان إلى أن الجانب التركي زوّد فصائل المعارضة بصواريخ "التاو" المضادة للدروع، وهو ما أدى إلى ترجيح كفة الفصائل خلال الأيام القليلة الماضية، مشيراً إلى أن أكثر من 3035 ضربة جوية وبرية طاولت المنطقة خلال الأيام الـ6 الماضية، تركزت بشكل رئيسي على أرياف إدلب الشرقية والجنوبية والجنوبية - الشرقية، بالإضافة لريفي حلب الغربي والجنوبي.



وبحسب المرصد، نفذت طائرات حربية روسية ما لا يقل عن 229 غارة جوية، بينما شنّت طائرات النظام الحربية أكثر من 105 غارات، كما ألقت مروحيات النظام 51 برميلاً متفجراً، فيما استهدفت قوات النظام المنطقة بأكثر من 2650 قذيفة صاروخية ومدفعية. وكانت فصائل المعارضة السورية قد استعادت، الجمعة، مواقع سيطرت عليها قوات النظام، منها قريتا تل خطرة وأبو جريف في ريف إدلب الجنوبي الشرقي. كما استعادت الفصائل قرية تل مصطيف بالمحور ذاته والتي كانت قوات النظام قد سيطرت عليها قبل نحو عام ونصف.

في غضون ذلك، ذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن النظام والروس يتبعان خطة ممنهجة لتدمير مدينة معرة النعمان، كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي، موضحة أن نسبة الدمار في أحياء المدينة تكاد تصل إلى نحو 60 في المائة، مشيرة إلى أن المدينة خالية من سكانها الذين اضطروا للنزوح إلى ريف إدلب الشمالي أو إلى عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي. وأوضحت أن قبر الشاعر والفيلسوف أبو العلاء المعري تضرر إلى حد كبير في القصف، إضافة إلى المركز الثقافي، وجامع المعرة الكبير، ومتحف المدينة، وقلعتها التاريخية. وبيّنت أن الطيران الروسي دمر 3 أفران، وأكثر من 9 مدارس، و12 مسجداً في مدينة معرة النعمان التي باتت قوات النظام على بعد كيلومترات عدة من ريفها الشرقي.

إلى ذلك، وثّقت مديرية "الدفاع المدني السوري" مقتل وجرح 233 مدنياً بـ1378 خرقاً لقوات النظام السوري وروسيا للهدنة في محافظة إدلب، شمالي سورية. ونقل موقع "سمارت" الإخباري المعارض عن مدير "الدفاع المدني" في إدلب مصطفى الحاج يوسف تأكيده توثيق مقتل 44 مدنياً، بينهم 12 طفلاً ومتطوع في المديرية، إضافة إلى 189 جريحاً، بينهم 54 طفلاً ومتطوعان اثنان مع "الدفاع المدني"، منذ إعلان وقف إطلاق النار قبل نحو 10 أيام. وأضاف الحاج يوسف أن قوات النظام وروسيا خرقت اتفاق وقف إطلاق النار بـ262 غارة جوية و134 برميلاً متفجراً، و42 صاروخ أرض - أرض، إضافة إلى 145 ضربة عبر راجمات الصواريخ و777 استهدافاً عبر القصف المدفعي وإطلاق 18 قنبلة عنقودية على بلدات وقرى المحافظة.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية في 10 يناير/ كانون الثاني الحالي، عن وقف لإطلاق النار في محافظة إدلب ومحيطها، بعد يوم من إعلان روسي مماثل، إلا أن قوات النظام والجانب الروسي لم يلتزما بالهدنة التي انهارت بعد يومين من إعلانها. وكانت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام قد نقلت عن مصدر في قوات الأخير قوله "إنّ قوات النظام باتت في حلّ من تعهداتها حيال الهدنة الأخيرة المعلنة"، مشيراً إلى أنها "مقبلة على استكمال عملياتها العسكرية باتجاه معرة النعمان وسراقب وغيرها في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، على طريق عام حماة حلب".