ويأتي ذلك بعد 20 يوماً على طعن حزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض في دستورية التصويت على القانون المتعلق بالمصادقة على تجاوز سقف التمويلات الخارجية، وذلك في سياق ما أثارته الإجراءات الاحترازية، التي اعتمدها مجلس النواب للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد، من جدل سياسي وصل إلى حدّ اتهام الحكومة والمؤسسة التشريعية بـ"خرق الدستور"، بعدما عمد المجلس، خلال الجلسة التشريعية للمصادقة على مشروع القانون، إلى احتساب أصوات النواب الحاضرين من كل كتلة أو مجموعة، باعتبارها تمثّل جميع أصوات البرلمانيين الغائبين جراء فرض الطوارئ الصحية.
وشكلت جلسة التصويت على مشروع القانون مناسبة لإثارة الجدل بشأن تفويض الحق في التصويت، بعدما أعلن رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، في الجلسة العامة، أنّ عدد الموافقين على المشروع هو 394 نائباً، مقابل معارضة نائب واحد، بينما حضر الجلسة منتدبون عن الكتل لا يتجاوز عددهم الـ3 عن كل كتلة.
وقد اعتبرت المحكمة الدستورية، في قرارها المنشور، اليوم الجمعة، على موقعها الإلكتروني، أن إقرار القانون المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية ليس فيه ما يخالف الدستور، وأن مجموع الوثائق المتعلقة بالمصادقة على المشروع "لا يتضمن ما يثبت المس بالحقوق المكفولة للمعارضة البرلمانية بموجب أحكام الدستور، وقيام أعضاء المجلس الحاضرين بمخالفة أحكام الفقرة الأولى من الفصل 60 من الدستور، بتجاوز حقهم الشخصي في التصويت إلى التصويت بالتفويض نيابة عن أعضاء المجلس غير الحاضرين".
وقالت المحكمة إنّ ليس هناك ما يثبت منع عضو أو أعضاء من مجلس النواب من أداء واجب المشاركة الفعلية في أعمال الجلسات العامة، أو من التصويت، لافتة إلى أن الدستور لم يشترط، في ما يخص القانون المحال، أغلبية معينة أو نصاب حضور محدداً يتعذر دونهما إقراره بكيفية صحيحة.
وكان البرلمان المغربي قد أفلح في إيجاد مخرج في ظلّ كورونا لممارسة الرقابة على عمل الحكومة، من خلال الأسئلة الكتابية، مع وجود إمكانية الإرسال بالوسائل الإلكترونية المعمول بها حالياً، أو الشفوية من خلال تخصيص ثلاثة نواب من كل كتلة قد يطرح أحدهم سؤالاً شفوياً باسم الأخيرة وينوب عن الباقين، إلا أنّ الإشكال طرح على مستوى التشريع، الذي يبقى عملية دقيقة تتطلب مقتضيات واضحة، منها عدم تفويت حقّ البرلماني الشخصي في التصويت، الذي لا يمكن تفويضه أو المساس به، لارتباطه بأحد مظاهر السيادة الشعبية.