عامان على حرب غزة... انتقادات إسرائيلية للردع المفقود

04 اغسطس 2016
يُنتظر أن تندلع الحرب المقبلة قريباً (مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -

يرى معظم الكتّاب وأصحاب الأعمدة في الصحف الإسرائيلية، أن الحرب التي شنّها الكيان الصهيوني على غزة في صيف 2014 لم تحقق أهدافها. وبمناسبة مرور عامين على شنّ الحرب، تُجمع معظم التقديرات الإسرائيلية على أن الحرب شكّلت فشلاً مدوياً لإسرائيل، لأنها أسفرت عن "تعادل وردع متبادل". وقد استندت هذه التقديرات إلى التقرير الذي أعدّه مراقب الدولة حول نتائج الحرب، والذي يُحمّل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق، موشيه يعلون، وقادة الجيش المسؤولية عن "إخفاقات" الحرب، لا سيما تجاهل خطر الأنفاق.

في هذا السياق، ترى الكاتبة ريفيته هخت، أن "القيادة السياسية في إسرائيل تحاول تبييض الفشل في الحرب". وتسخر هيخت، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، يوم الأحد، من مزاعم تحقيق الردع في مواجهة حركة "حماس" في أعقاب الحرب، مشيرة إلى أن "هذه الحرب لم تجلب الهدوء إلى المستوطنات اليهودية في الجنوب، بدليل أن الخوف يتملّك سكانها من عمليات حفر الأنفاق التي يشعرون بها".

من جهته، يستهجن كبير المعلّقين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنيع، مزاعم نتنياهو، بتحقيق انتصار على حماس في الحرب، لافتاً إلى أن "الحرب انتهت في أحسن الأحوال بردعٍ متبادل، كون حماس تواصل حفر الأنفاق ولا تطلق النار، في حين تكتفي إسرائيل بالمراقبة ولا تُحرّك ساكناً". ويُحذّر برنيع في مقاله، الذي نُشر الأحد، من أن تشكيل لجنة تحقيق في مسار الحرب لن يجدي نفعاً، منوّهاً إلى أن "الحكومات الإسرائيلية دأبت على تشكيل لجان التحقيق، ليس من أجل استخلاص الدروس، بل لمواجهة ضغط الجمهور وكسب الوقت".

أما معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان، فيرى أن "ما يدلّ على فشل الحرب يتمثل في تعزيز القناعة لدى دوائر صنع القرار في إسرائيل، بأن حرباً جديدة ستندلع في المستقبل". وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف"، أمس الاثنين، يستدرك ميلمان قائلاً إن "نتنياهو مقتنع، في المقابل، ببذل جهود إضافية من أجل تأجيل هذه المواجهة لعدة سنوات أخرى". ويشير ميلمان إلى أن "ما يساعد على تأجيل الحرب العتيدة هو قناعة حركة حماس بجناحيها السياسي والعسكري، بأن حرباً أخرى في هذه الأوقات لا تخدم مصالح الحركة".

ويُحذّر ميلمان من أن "تواصل تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، هو الخطر الذي يُمكن أن يُعجّل باندلاع الحرب المقبلة، من دون رغبة من حماس". ويلفت ميلمان إلى أن "عدد سكان قطاع غزة، ازداد منذ انسحاب إسرائيل منه عام 2005، بنحو 600 ألف"، منوهاً إلى أن "غزة تُعدّ ثالث أكثر المناطق اكتظاظاً في العالم، إذ يعيش نحو 4822 شخصاً في الكيلومتر المربّع الواحد". ويوضح ميلمان أن "إدراك القيادة الإسرائيلية لهذا الواقع، يفضي إلى تحوّل كبير داخل الحكومة الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن "أغلبية الوزراء، بمن فيهم نتنياهو، باتوا يؤيدون تدشين ميناء لغزة".

من ناحيته، يشير المستشرق إيال زيسير، إلى دور البيئة الإقليمية، لا سيما موقف مصر، في تمكين إسرائيل من العيش بهدوء منذ انتهاء الحرب، معتبراً أن "العزلة التي عاشتها حماس أثناء الحرب وبعدها، قلّصت هامش المناورة أمامها ودفعتها إلى اختيار الهدوء".

وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوم الاثنين، ينوّه زيسير، الذي يرأس قسم الدراسات الشرقية في جامعة تل أبيب، إلى أنه "في الوقت الذي تعززت فيه مكانة إسرائيل الإقليمية منذ انتهاء الحرب، فإن عزلة حماس اشتدت بشكل كبير".

ووفقاً لزيسير، فإن "تعاظم العزلة على حماس، يمنح إسرائيل الفرصة لشنّ حرب أخرى ضد الحركة، في حال ارتأت أن ذلك يخدم مصالحها". ويستدرك زيسير قائلاً إن "ما يجعل إسرائيل تتجنّب حتى الآن، الإقدام على إنهاء حكم حماس في غزة، يتمثل في خشيتها من تداعيات هذه الخطوة، خصوصاً على صعيد تصاعد الفوضى".

في سياق متصل، يشير المعلق العسكري في موقع "والاه"، أمير بوحبوط، إلى أن "قيادة الجيش الإسرائيلي غير مستعدة لتحمّل أية مخاطر ناجمة عن الإهمال، كونها تنطلق من افتراض مفاده أن حماس يمكن أن تفاجئ عبر شنّ عمليات عبر الأنفاق". وينقل بوحبوط، في تقرير نشره الموقع، يوم الأحد، عن قائد كتيبة "روتم"، المسؤولة عن تأمين الحدود مع القطاع، المقدم ليران بتيتو، قوله إن "الجيش ينطلق من افتراض مفاده، أن عناصر كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، يمكن أن يهاجموا قواعد الجيش والمستوطنات المنتشرة على طول الحدود من الخلف عبر الأنفاق، مما جعل قواته في حالة استنفار تام على مدار الساعة".
المساهمون