وفي تحليل أعده المستشرق يوني بن مناحيم، نشره على موقعه، زعم "المركز اليروشلمي لدراسة المجتمع والدولة" ذو التوجهات اليمينية، أن الغارات التي تنفذها طائرات بدون طيار إسرائيلية هي التي تحول دون إعادة فتح المعبر المحاذي لمدينة البوكمال السورية، مشيرا إلى أن الغارات تهدف إلى تقليص قدرة إيران على تهريب السلاح والعتاد الحربي من العراق إلى سورية ومنها إلى لبنان.
ولفت المركز، الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد، المدير العام السابق للخارجية الإسرائيلية، إلى أن الهجمات التي نفذتها إسرائيل في المنطقة هدفت إلى "المس بالمليشيات الشيعية العراقية التي تعمل في كل من سورية والعراق"، مشيرا إلى أن "إسرائيل تعكف على مراقبة الحدود السورية العراقية عبر الجو ومن خلال الاستثمار في جلب المعلومات الاستخبارية، وبشكل أساس حول طابع الأنشطة التي تتم في محيط المعبر".
وحسب بن مناحيم، فإن إسرائيل تتعامل مع المعبر كمركب مهم من الممر البري الذي تراهن إيران على تدشينه والذي يمثل إنجازه نجاحا استراتيجيا لها ويعزز من قدرتها على تكريس نفوذها في المنطقة.
وحسب تقديرات المحافل العسكرية الإسرائيلية كما ينقلها بن مناحيم، فإن الذي يعكف على محاولة تكريس مشروع الممر البري بين طهران وبيروت هو الجنرال قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، حيث إنه يرى في إنجاز هذه المهمة مشروعا شخصيا له.
ولفت إلى أن سليماني زار المعبر في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز الماضي، والتقى بقيادات قوات "الحشد الشعبي" في المكان وناقش معهم آليات تأمين الطريق من بغداد إلى البوكمال.
وأشار إلى أن الغارات التي تنفذها إسرائيل في محيط المعبر، وعلى طول الحدود السورية العراقية، مكثفة، وبناء على معلومات استخبارية دقيقة، مشيرا إلى أن تل أبيب ترى في فتح المعبر والعمل به "نجاحا جيوسياسيا كبيرا لإيران".
وأوضح أن الغارات الإسرائيلية تتم في إطار استراتيجية "المواجهة بين الحروب"، وهي الاستراتيجية الهادفة إلى قضم مقدرات العدو والمس بإمكانياته العسكرية لتسهيل مهمة حسم المواجهة معه في حال اندلعت حرب معه.
وأشار المركز إلى أن بعض القوى العراقية تتهم الولايات المتحدة بالمشاركة في عمليات القصف التي تستهدف المعبر ومحيطه، على اعتبار أن هذه الغارات لا تهدف فقط إلى منع إيران من تدشين الممر البري بين طهران وبيروت، بل أيضا تراهن عليها واشنطن في الضغط على طهران للموافقة على التفاوض بشأن اتفاق نووي جديد.
وذكر المركز أن العراقيين ينطلقون من افتراض مفاده أن السيطرة الجوية التي يحتفظ بها سلاح الجو الأميركي في الأجواء العراقية، وضمنها فوق منطقة الحدود مع سورية، تعني أن الغارات الإسرائيلية تتم بالتنسيق مع واشنطن، مشيرا إلى الاتهامات التي وجهها أبو مهدي المهندس، أحد قادة "الحشد الشعبي"، للولايات المتحدة وتحميلها المسؤولية عن الغارات الإسرائيلية التي تستهدف قوات الحشد على الحدود وداخل العراق.
ولفت إلى أن الخوف من إمكانية أن يتوجه "الحشد الشعبي" للمس بالجنود الأميركيين الذين يتمركزون في العراق دفع وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر لعقد لقاء عاجل مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أثناء زيارته للندن في الخامس من سبتمبر/ أيلول الجاري.
وأوضح أنه نظرا لأهمية الاجتماع مع إسبر، فقد حرص نتنياهو على حضور رئيس الموساد يوسي كوهين، وقائد شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي أهارون حليوا، وقائد سلاح الجو عميكام نوركين.
ولفت إلى أنه يتوجب الانطلاق من افتراض مفاده أن المليشيات المرتبطة بإيران تقوم بتنظيم ذاتها حاليا تمهيدا للرد بإطلاق صواريخ طويلة المدى على العمق الإسرائيلي انطلاقا من منطقة غرب العراق.