قمة الكويت... مجلس التعاون الخليجي في خطر

05 ديسمبر 2017
ممثلو دول التعاون يجتمعون في الكويت (ياسر الزيات/ فرنسبرس)
+ الخط -
غياب الملك سلمان بن عبد العزيز عن قمة مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت، اليوم، في الكويت، يعد سابقة في تاريخ مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه عام 1981، وصدمة للبلد المضيف الذي راهن على الشقيق الأكبر من أجل عقد قمة خليجية كاملة الأوصاف غير منقوصة، وخصوصاً أن ملك السعودية نفسه تعهد، الأسبوع الماضي، لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بالحضور، وعلى هذا كانت كافة الترتيبات، حتى مساء أمس، جارية على أساس مشاركة الملك السعودي، ولكن مداولات وزراء الخارجية غيرت الموقف، وأدت إلى تخفيض التمثيل السعودي والإماراتي والبحريني.


جاءت عملية تخفيض مستوى الحضور من قبل الدول الثلاث، بمثابة ضربة موجهة بالدرجة الأولى للأهداف التي تشكل من أجلها مجلس التعاون، وهي صيانة البيت الخليجي، والحفاظ عليه موحداً بوجه التحديات الخارجية. وساد الظن أن تشكل التطورات الخطيرة في اليمن نوعاً من الصدمة الإيجابية في دول الخليج، تشعر قادتها بأهمية لمّ الشمل الخليجي من جديد، وتجاوز الحسابات الأنانية، والإقلاع عن النزعات التخريبية التي بدأت تظهر نتائجها التدميرية في اليمن بسبب الحرب التي وصلت الى طريق مسدود بعد عامين ونصف عام، وتحولت من عملية مساندة للشرعية اليمنية بغية مواجهة الانقلاب الحوثي، الى حرب ضد الشعب اليمني الذي يواجه الفقر والمرض، بسبب الحصار، والدمار لكل مقدراته من جراء السياسات الرعناء في إدارة الحرب.


كان من المتوقع أن يحفز مقتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، أمس على يد المليشيات الحوثية، قادة الخليج على تجاوز تداعيات الأزمة مع قطر التي تم افتعالها، في الأسبوع الأخير من مايو/ أيار الماضي، وتطورت إلى حصار قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وترافق الحصار مع تهديدات وضغوط وعمليات تخريب للاقتصاد القطري من أجل دفع الدوحة للتنازل عن قرارها السيادي لصالح الحلف الثنائي الذي يقوده ولي عهد السعودية محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.


الرهان على قمة الكويت، من أجل تجاوز مطبات خلفتها أزمة الخليج الراهنة خلال ستة أشهر لم يكن أمل أهل المنطقة فقط، بل هناك أطراف عربية وعالمية لم توفر جهداً في مساندة الوساطة التي قادها أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي تنقل بين الرياض وأبوظبي والدوحة وواشنطن من أجل المساعدة في فتح حوار بين السعودية وقطر والإمارات حول موضوعات الخلاف. وبرغم أن وساطة أمير الكويت اصطدمت بجدار من الصد من قبل وليي عهد السعودية وأبوظبي، فإن أمير الكويت لم ييأس من الرهان على حصول صحوة تفتح نافذة في أفق المصالحة، لذا عوّل كثيراً على القمة التي انعقدت اليوم، وكانت لديه تطمينات أن يحضرها قادة السعودية والإمارات والبحرين، ولهذا وضع على جدول أعمالها مسألة المصالحة، وجاءت المفاجأة، صباح اليوم، حين لم يصل من قادة بلدان الخليج سوى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وحضرت السعودية على مستوى وزير الخارجية عادل الجبير والإمارات على مستوى وزير دولة للشؤون الخارجية والبحرين كذلك.



كان رهان أمير الكويت على الملك سلمان أكثر من غيره، نظراً للمكانة التي يحظى بها بين قادة دول الخليج الباقين، ثم أنه من الرعيل الذي عاصر التحديات التي ولد مجلس التعاون في خضمها، وهي تحديات لا تزال موجودة وتطورت على نحو كبير، لكن وحدة مواقف دول مجلس التعاون منعتها من أن تنعكس على الخيارات السياسية واستقرار بلدانه.

ما حصل في اجتماع وزراء خارجية الخليج، أمس، في الكويت محاولة مكشوفة لحرف بوصلة الاجتماع باتجاه إيران، وهو من قبيل توظيف مجلس التعاون في إطار رؤية ضيقة لا ترى تحديات المنطقة من كافة زواياها، لذا كان أول من عارض الموقف السعودي الإماراتي هو الطرف الكويتي الذي أراد من قمة الخليج أن تكون للمصالحة الخليجية.