سيناريوهات انتهاء العملية الشاملة في سيناء

28 فبراير 2018
قُتل للجيش المصري عدد من الضباط بالعملية (الأناضول)
+ الخط -



بدأ الزخم الإعلامي الذي تعمّد النظام المصري مرافقته للعملية العسكرية الشاملة في سيناء بالتلاشي مع مرور الأيام على بدء العملية العسكرية، حتى أن البيانات الصادرة عن المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، خفت وتيرتها، إذ مرت خمسة أيام بين البيانين الـ11 الصادر في 21 فبراير/ شباط الحالي، والـ12، الصادر أمس الثلاثاء. ما كشف عن انخفاض وتيرة العمليات العسكرية، وفتح باب التساؤلات عن سيناريوهات انتهاء العملية الشاملة "سيناء 2018".

وبالنظر إلى الوضع الميداني في سيناء، فإن أضرار العملية الشاملة باتت كالحصار المطبق على عشرات آلاف المصريين في مدن محافظة شمال سيناء، من دون تحقيق إنجازات ملموسة على صعيد إنهاء وجود تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، من دون ظهور أي صور للقضاء على أفراد من التنظيم سوى المنفذين لهجوم انتحاري على مقر الكتيبة 101 التابعة للجيش في مدينة العريش، على الرغم من أن الجيش أعلن في آخر مؤتمر صحافي بخصوص نتائج العملية العسكرية عن "مقتل 71 تكفيرياً والقبض على العديد" منهم.

كما أن الجيش المصري واصل غاراته المكثفة على مناطق واسعة من محافظة شمال سيناء، استهدفت غالبيتها منازل مهجورة تركها أصحابها بفعل العمليات العسكرية، أو أراضٍ زراعية، بعد أن تمكن التنظيم من تحصين نفسه جيداً، وإنهاء وجود مجموعاته في النقاط المعلنة والمكشوفة للجميع، إثر المعلومات التي وصلت إليه بوجود عملية عسكرية والتي تطابقت مع التحركات العسكرية على أرض سيناء قبيل بدئها بأسابيع.
في المقابل، ارتفع عدد الضحايا في صفوف الجيش، مع إعلان مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري لـ"العربي الجديد"، أن "عدد ضحايا الجيش والشرطة بلغ منذ بدء العملية العسكرية قبل 20 يوماً 38 قتيلاً، بينهم ضباط، وجرح ما لا يقل عن 75 آخرين بجروح متفاوتة، بينها خطيرة، تم تحويلها للمستشفيات العسكرية في القاهرة والإسماعيلية".

وأضافت المصادر أن "العدد الأكبر من الضحايا هم من صفوف قوات الجيش، تعرّضوا للقتل والإصابة في اشتباكات أو تفجيرات مباشرة في مدينتي رفح والشيخ زويد، وبعضهم من قوات الصاعقة والقوات الخاصة والقوات البحرية، والتي تمثل نخبة الجيش المصري، فيما اعترف المتحدث باسم القوات المسلحة بمقتل سبعة من القوات المسلحة، وإصابة 6 آخرين أثناء مداهمة البؤر الإرهابية".



ووفقاً لمصادر قبلية، فإن "الجيش تمكن خلال الأسابيع الثلاثة الماضية من هدم عشرات المنازل في مدن رفح، والشيخ زويد، والعريش، وبئر العبد، وتجريف مئات الأفدنة من الأراضي الزراعية، وكذلك تدمير آلاف العشش التي يأوي فيها البدو الذين هجروا من منازلهم جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد خلال السنوات الماضية بفعل العمليات العسكرية المتتالية". وأضافت أنه "من المتوقع أن يصدر التنظيم إصداراً مرئياً خلال الأيام المقبلة يكشف فيه عن تصديه للجيش".

وظهر حتى الآن في سيناء أن "رغبة النظام المصري تتلخص في إبقاء حالة المواجهة قائمة، وإشغال الرأي العام في نتائج عسكرية إعلامية يرويها المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة، بينما تغيب الصحافة المصرية بكافة أشكالها عن أرض سيناء، وتبقى الأيام المقبلة كفيلة بإظهار حقيقة ما آلت إليه الأوضاع في سيناء عقب انتهاء العملية الشاملة".

وفي طبيعة السيناريوهات المتوقعة لانتهاء العملية العسكرية، قال باحث في شؤون سيناء، إن "انتهاء العملية الشاملة سيتزامن مع بدء النشاط الانتخابي في محافظات مصر، بعد أن ينشغل الرأي العام في الدعاية الانتخابية للانتخابات الرئاسية المصرية، ومعها سيذهب وهج العملية العسكرية، ويرتب الجيش لإنهائها بسيناريو يحفظ له صورة الانتصار".

وأوضح الباحث في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "السيناريو الأول يتعلق بإنهاء معلن للعملية الشاملة يتزامن مع نشر مادة إعلامية ذات زخم بالأرقام والإحصائيات لإنجازات الجيش، يستغلها (الرئيس عبد الفتاح) السيسي في حملته الانتخابية. وهذا سيناريو تقليدي، قد يفشله التنظيم بهجوم نوعي يستهدف أي ارتكاز أمني في سيناء، إلا أن حالة الإلهاء في الإعلام المصري ستحول دون تأثير رد التنظيم على المشهد السياسي والإعلامي في مصر".



أما السيناريو الثاني، وفقاً للباحث، فـ"يتعلق بإبقاء موعد انتهاء العملية العسكرية مفتوحاً، مع العلم أن القيادة السياسية المصرية وكذلك العسكرية لم تحدد موعداً لانتهاء العملية العسكرية الحالية، وإنما ارتبط الحديث عن انتهائها بالقضاء على الإرهاب في سيناء، وفقاً لما جاء في بيانات المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية. بالتالي يبقى التلاشي مستمراً في الحديث عن نتائج العملية العسكرية، إلى أن ينتهي ذلك تماماً من دون إعلان، كما جرى في عمليات عسكرية واسعة في سيناء مسبقاً خلال السنوات الأربع الماضية، كحق الشهيد والنسر وغيرها".

أما السيناريو الثالث، فرأى الباحث أنه "ستنتهي الحملة العسكرية بالتزامن مع انتهاء المهلة التي أعطاها السيسي لقائد أركان حرب الجيش المصري محمد فريد حجازي، البالغة ثلاثة أشهر، تنتهي بانتهاء الشهر الحالي، إلا أن ذلك يضعف بعد الاستئذان الذي قدمه حجازي إلى السيسي بالاستمرار في العملية لأكثر من ثلاثة أشهر، للتأكد من القضاء على الإرهاب في سيناء، وإعلان سيناء خالية منه، وفقاً لقوله أثناء زيارة السيسي لمركز قيادة عمليات الجيش، شرق القناة، الأسبوع الحالي".

بدوره، أبدى المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، اعتقاده في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "العملية العسكرية في سيناء تتجاوز مسألة الحرب على الإرهاب، لأنها تخالف أبجديات مكافحة التمرّد، فتنظيم ولاية سيناء لا يسيطر على أراض وإنما يتبع تكتيكات حرب العصابات. وهي حرب تتطلب مقاربات مختلفة وليس نمط الحرب الكلاسيكية".

وأضاف أبو هنية أن "الأمر لا يحتاج لجيش بل لعمل استخباري وقوات خاصة، لذلك كان من الواضح أن الهدف الأساسي من العملية يرتبط بالانتخابات الرئاسية وتأمين ولاية جديدة للرئيس السيسي بإظهاره كبطل محارب للإرهاب، عدا عن أن العملية ترتبط بترتيبات صفقة القرن  وتصفية القضية الفلسطينية".

وأكد أنه "من المتوقع أن يعلن الجيش المصري عن النصر والقضاء على الإرهاب في سيناء قبل موعد الانتخابات"، منبهاً في الوقت نفسه إلى أن "الحقيقة والوقائع تشير إلى بقاء التنظيم في سيناء على حاله وبقوته المعروفة، فيما لن يحدث تغيير كبير على المشهد الأمني في سيناء خلال المرحلة المقبلة".


المساهمون