قلق إسرائيلي من تقارب سعودي إيراني محتمل

03 نوفمبر 2019
تغير في الموقف السعودي عقب هجمات أرامكو (Getty)
+ الخط -
حذر مركز أبحاث إسرائيلي من تداعيات الجهود الثنائية، التي تبذلها كل من السعودية وإيران لنزع فتيل التوتر بينهما، على مصالح إسرائيل الاستراتيجية.

وفي ورقة تقدير موقف، صدرت اليوم الأحد عنه، لفت "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إلى أن الرياض وطهران أظهرتا مؤخرا عدة "مؤشرات مقلقة" على سعيهما لتنفيس الأزمة الحالية بينهما، لا سيما من خلال استعدادهما لحل المشاكل العالقة عبر الحوار.

ولفتت الورقة، التي أعدها كل من يوئيل جوزنسكي، مسؤول برنامج الدراسات الخليجية في "المركز"، والذي سبق أن عمل في قسم الأبحاث التابع لديوان رئيس الحكومة الإسرائيلي، وسيما شاين، الباحثة الرئيسة في المركز، والتي شغلت سابقا منصب قائد لواء الأبحاث في جهاز الموساد، إلى أن "أي تحول على طابع العلاقة القائمة بين السعودية وإيران سيمس حتما بمصالح إسرائيل ومكانتها في المنطقة، ويفاقم من حجم الأعباء الأمنية على عاتقها".

وأبرزت الورقة أن التقارب السعودي الإيراني المحتمل سيجبر إسرائيل على إعادة صياغة استراتيجيتها الإقليمية، على اعتبار أن هذه الاستراتيجية قامت على وجود مصالح مشتركة بينها وبين السعودية في مواجهة إيران.

وأعادت الورقة للأذهان حقيقة أن المصالح المشتركة لكل من السعودية وإسرائيل تشمل أيضا التصدي لجماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس وتنظيم "داعش". 

ودعت الورقة صناع القرار في تل أبيب إلى الاستعداد لمرور السعودية بالمزيد من مراحل الضعف، بحيث تصبح إسرائيل مرغمة على تحمل كل عبء مواجهة إيران، داعية إلى "توخي الحذر وتكثيف متابعة تطور الاتصالات الإيرانية السعودية خشية أن تفاجأ إسرائيل بتطورات تتعارض مع مصالحها الحيوية".

وحذرت الورقة من أن "شعور السعودية بالعجز يمكن أن يدفعها لتكثيف محاولاتها الحصول على سلاح نووي، وهو ما يقلب موازين القوى في المنطقة رأسا على عقب، بما لا يتوافق مع مصالح إسرائيل".

وأكدت أنه على الرغم من أن التفاهم السعودي الإيراني المحتمل لن يكون عميقا وشاملا، لأن محاور الخلاف الجذري بين الجانبين تستند إلى عوامل جيوسياسية ودينية، إلا أنه سيؤثر بشكل فوري على بيئة إسرائيل الإقليمية ومكانتها الاستراتيجية".

وحسب الورقة، فإن السعي السعودي الإيراني المتبادل للتقارب جاء في أعقاب الهجمات التي شنتها إيران على المنشآت النفطية السعودية في الرابع عشر من الشهر الماضي، والتي أسفرت عن تعطيل نصف إنتاج شركة "أرامكو" من النفط.

ولفت التقدير إلى أن ما عزز من استعداد السعودية لفحص سبل حل الخلاف مع إيران، رغم الهجمات على منشآتها النفطية، حقيقة أنها باتت تعي أن إدارة الرئيس دونالد ترامب غير مستعدة لخوض غمار مواجهة عسكرية مع إيران من أجل الدفاع عنها؛ علاوة على أن نظام الحكم السعودي أدرك قابلية المرافق الاستراتيجية في المملكة للإصابة والمس على نحو خطير.

وقدرت الورقة أن اضطرار السعودية لمحاولة التقارب مع إيران لا يرجع فقط بسبب خيبة أملها من رد ترامب على الهجمات الإيرانية، بل أيضا لإدراكها أن الرئيس الأميركي شخصيا معني بفتح حوار مع إيران، إلى جانب قلق الرياض من الحملة التي يشنها الكونغرس بمجلسيه ضد المملكة، مشيرة إلى أن "هذا الواقع دفع الرياض لمحاولة العثور على آفاق جديدة في السياسة الخارجية".

وحسب الورقة، فإن ما عزز من دافعية السعودية للتقارب مع إيران حقيقة أن الإمارات العربية، التي كانت شريكة لها في الحرب داخل اليمن، تعمل على إنهاء وجودها هناك، إلى جانب أنها "قطعت شوطا في محاولاتها لفتح قنوات اتصال مع طهران، فضلا عن شروعها في تفاهمات مع الإيرانيين حول تأمين الملاحة البحرية في الخليج؛ إلى جانب أنه قد تم الكشف عن أن نظام الحكم في الإمارات سمح بنقل 700 مليون دولار لإيران عبر المنظومة المصرفية الإمارتية".

وأوضحت أن الفشل في الحرب داخل اليمن وعدم مقدرة السعودية على حسم المواجهة ضد الحوثيين، المدعومين من إيران، عزز من الدافعية لمحاولة التفاهم مع إيران.

وأشارت إلى أن محاولات التقارب بين الرياض وطهران جاءت في ظل إدراك الأخيرة وجود أنماط من التعاون الاستخباري بين السعودية وإسرائيل.

وأشار معدا الورقة إلى التغريدات التي كتبها وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل جبير مؤخرا، والتي أقر فيها بأن "دولة ثالثة تقوم بالتوسط مع طهران"؛ إلى جانب كشف أحد مساعدي رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي عن قيام السعودية بالطلب منه تنظيم لقاء مع مسؤول إيراني.

وترى الورقة أن الولايات المتحدة وأطراف دولية أخرى على علم تام بفحوى الاتصالات بين الرياض وطهران، مشيرة إلى الدور المعلن الذي قام به رئيس الحكومة الباكستانية عمران خان في هذا الإطار.

واستدركت الورقة أنه على الرغم من استعدادها للتقارب مع الرياض، إلا أن طهران في الوقت ذاته لن تتردد في المستقبل، من الإقدام على مزيد من التصعيد من منطلق افتراضها أن كلا من الولايات المتحدة والسعودية غير معنيتين بسلوك أي مسار يفضي إلى مواجهة في المنطقة. 

المساهمون