طعنة البرهان وخطر الردّ الباهت

04 فبراير 2020
ينتمي البرهان إلى محور يجاهر بالتطبيع مع الاحتلال (Getty)
+ الخط -
جرأة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في تخطي الجميع والتوجه للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا في لحظة إعلان خطة ترامب ونتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية، كاشفة في دلالاتها وخطورتها.

لم يكن البرهان يعتقد، لو للحظة واحدة، أن خبر لقائه بنتنياهو سيبقى سرياً، بل على العكس كان على الأرجح يريد انتشاره. وينتمي البرهان إلى ذلك المحور الذي يجاهر بالتطبيع مع الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الأساسية، والذي لا يخجل من التقدم خطوة إضافية باتجاه الاحتلال في اللحظة التي تتم فيها محاولة سلب ما تبقى من فلسطين.

لن يغلب البرهان، ومن رتب له اللقاء (يقال إنه طرف إماراتي)، ومن أيده، في ابتداع المبررات لخطيئته، بما في ذلك التصوير للسودانيين أن طريق الولايات المتحدة تمرَ حصراً عبر إسرائيل، وأن رفع اسم بلدهم عن قائمة الإرهاب الأميركية يرتبط بمصافحة نتنياهو وطعن الفلسطينيين. مسارعة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لـ"تهنئة" البرهان وتأكيد دعوته لواشنطن خير دليل على ذلك.

لن يوازي خطورة ما قام به رئيس مجلس السيادة، إلا صدور رد فعل حكومي وسياسي وشعبي باهت، لأن في ذلك دلالة على قبول التطبيع مع الاحتلال وتحويله إلى أمر واقع. تجاهلت القوى السودانية، أو في أقل تقدير لم تستشعر حجم الخطر قبل أشهر، عندما تحدثت وزيرة الخارجية السودانية أسماء محمد عبد الله عن إمكانية التطبيع ورهنته بـ"التوقيت المناسب" الذي يبدو أنه قد حان من منظور البرهان والمعسكر الداعم له. لكن صمتها اليوم أو تراخيها في المواجهة العلنية لخطوة البرهان، وعدم بذل كل ما تستطيع لإسقاطها، لن يكون إلا إدانة لها وتواطؤاً في محاولة فرض التطبيع على الشعب السوداني المعروف بمواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية.

الانتقال إلى موقع الشراكة في جريمة التطبيع لن تكون تداعياته آنية فقط أو مقتصرة على حدوث تحول في الموقف السوداني الرسمي من الاحتلال. ما قام به البرهان يحمل ما يكفي من المؤشرات على منظوره للسودان ومستقبله، وعلى مخططاته التي قد ينتقل للمجاهرة بها قريباً، بشأن رغبته بالتفرد في الحكم، وهو الذي يرى في عبد الفتاح السيسي نموذجاً يجب الاقتداء به.

المساهمون