اتسعت خارطة الصراع العسكري في مدينة عدن بين القوات الحكومية وقوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، المدعومة من الإمارات، نظراً للتداخل في عمليات الوجود والسيطرة بين الطرفين، وأهداف كل منهما، وأهمية كل منطقة في تحديد مصير الصراع وترجيح كفة كل طرف. وبقيت حرب الشوارع محتدمة أمس الجمعة، وبكل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، لليوم الثالث على التوالي بين القوات الحكومية وتلك التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي في كريتر وخور مكسر ودار سعد. فيما بدا واضحاً أن القوات الحكومية نجحت في تعزيز وجودها في خور مكسر وكريتر وتأمين المدخل الشرقي لعدن، وهو ما يُعدّ تحسناً في موقفها على الأرض، على عكس "الانتقالي" الذي كان يملك زمام المبادرة في الهجوم والسيطرة. وأكد مصدر في قوات الحماية الرئاسية، لـ"العربي الجديد"، أن الخارطة ستتغير بشكل كامل في عدن، معتبراً أنه ما كان باستطاعة "الانتقالي" تحقيق أي انتصار في عدن لو لم يكن سلاح الجو الإماراتي يسانده في التقدّم للسيطرة على المؤسسات الحكومية، لكن باتت لدى القوات الحكومية استراتيجية للتعاطي مع الوضع في عدن.
وبرزت في اليوم الثالث الجثث الملقاة على الطرقات. وكان موقف التحالف خلال الـ48 ساعة الماضية، على الأقل، الحلقة الأهم. ففي مقابل إلقاء الإمارات بثقلها العسكري في عدن لدعم التمرد ضد الحكومة، لم تفعل السعودية، التي تعلن دعمها للحكومة، ما يوقف التمرد.
وبرزت في اليوم الثالث الجثث الملقاة على الطرقات. وكان موقف التحالف خلال الـ48 ساعة الماضية، على الأقل، الحلقة الأهم. ففي مقابل إلقاء الإمارات بثقلها العسكري في عدن لدعم التمرد ضد الحكومة، لم تفعل السعودية، التي تعلن دعمها للحكومة، ما يوقف التمرد.
وكان "الانتقالي" يحاول حصر خارطة الصراع، في بداية الأمر، لتبقى في محيط المعاشيق، وهي المنطقة التي يوجد فيها القصر الرئاسي وملحقاته، بالإضافة إلى مقر الحكومة، وتقع في أقصى الجنوب الشرقي لمدينة عدن، وتطل مباشرة على البحر، ولديها منفذ بري واحد، يؤدي إلى منطقة كريتر. وأهمية المعاشيق، في مضمار الصراع الحالي بين الطرفين، تأتي من أن الحكومة، وخلفها السعودية، تعتبر أن اقتحام هذه المنطقة والسيطرة عليها من قبل أي طرف آخر خط أحمر، لأن سيطرة "الانتقالي" على المعاشيق ستمثل انقلاباً مكتمل الأركان. وقال مصدر في الحكومة، ينتمي إلى حزب المؤتمر، لـ"العربي الجديد"، إن من شأن السيطرة على المعاشيق تغيير مسار الصراع في اليمن، وإنهاء وجود التحالف العربي، وشرعنة انقلاب صنعاء، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة، وخلفها السعودية، على عكس "الانتقالي"، المدعوم من أبوظبي، الذي يهدف إلى تنفيذ رؤية الإمارات في التخلص من الحكومة، كمقدمة للتخلص من حزب "الإصلاح" في اليمن.
وحاول "المجلس الانتقالي الجنوبي" إنهاء سيطرة القوات الحكومية على كريتر، التي تبدو شبه كاملة حالياً. كما حاول حلفاء الإمارات استغلال مقتل قائد اللواء أول دعم وإسناد العميد منير اليافعي (أبو اليمامة) بهجوم حوثي على معسكر الجلاء، ليدفع "الانتقالي" بمسلحين إلى داخل منطقة كريتر، والاقتراب من المعاشيق، لكن قوات الحماية الرئاسية تعاملت بحزم مع الأمر، ونشرت جنودها في كريتر، وأمّنت مقر البنك المركزي ومصلحة الهجرة والجوازات وعدداً من المؤسسات الحكومية والبنوك، ثم هاجمت "معسكر 20" التابع لحلفاء الإمارات وسيطرت عليه، ما اضطر أتباع "الانتقالي" للتراجع إلى مرتفع العقبة بين كريتر والمعلا.
لذلك فقد أصبح واضحاً أن الصراع كان شديداً في المدينة، الخميس الماضي، ابتداء من جبل حديد ومعسكر طارق والمجمع القضائي ومبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وأيضاً في جزيرة العمال ومحيط إدارة أمن عدن والمطار والعريش والصولبان. وتمكنت القوات التابعة للحكومة من فرض حصار شبه كامل على قوات "الانتقالي" في أغلب مناطق وجودها في خور مكسر، فيما تمكنت قوات "الانتقالي" من اقتحام كتيبة معسكر الاحتياط الواقع في الجزء الشمالي لجبل حديد. وإلى جانب أهمية خور مكسر على سير المعارك، فإنها تحتضن أيضاً مقر البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وفيها المطار، المنفذ الجوي الوحيد لمدينة عدن، وكانت تسيطر عليه قوات موالية للإمارات. وتشير المعلومات الأولية إلى أن القوات الحكومية تقترب من السيطرة عليه.
"الانتقالي" بعدما تعثر في خور مكسر وكريتر أوقف المعارك في كريتر، ليل الخميس الجمعة، مستعيضاً عن ذلك بمهاجمة منزل نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، في حي ريمي في مديرية المنصورة. واستخدم الانفصاليون حرب الشائعات، إذ زعموا استسلام الميسري، الذي رد بتسجيل مصور متجولاً في مناطق المواجهات. كما اقتحمت قوات تابعة للانفصاليين منشآت مصافي عدن، وميناء الزيت في مدينة البريقة، غرب عدن. يذكر أن الطرفين يملكان قوات كبيرة، لكن خارطة الصراع تتركز الآن في خور مكسر وكريتر. وفي الوقت الذي تنتشر فيه قوات موالية للحكومة في شمال شرق عدن، في الممدارة وحتى منطقة العلم وصولاً إلى دار سعد، شمال المحافظة، تنتشر قوات موالية للإمارات في بير أحمد وصولاً إلى رأس عباس في البريقة، غرب عدن. ويقع مقر قيادة القوات الإماراتية وقوات "الحزام الأمني" في منطقة بير أحمد، غرب عدن.