الفساد في العراق بالجملة: 90 باباً للسرقة

23 اغسطس 2015
تمّ تحويل ملفات عدة إلى القضاء العراقي (الأناضول)
+ الخط -
يُقّدر محامون وقضاة عراقيون أن تستغرق عملية التحقيق بجميع جرائم الفساد في العراق، وتقديمها إلى القضاء، سنوات طويلة، لكثرتها ولصعوبة وجود قضاء نزيه يحصر اهتمامه في تلك القضايا، وخصوصاً أنها كبّدت البلاد خسائر بشرية ومالية كبيرة، تُقدّر بين 450 و500 مليار دولار، حصلت عليها بغداد من عائدات بيع النفط، فضلاً عن عشرات المليارات الأخرى التي حصل عليها العراق من دول عدة، على شكل مساعدات ومنح وقروض، أبرزها من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وأستراليا.

وأثار تصريح وزير النفط العراقي، عادل عبد المهدي، الضجة في مؤتمر صحافي له ببغداد، مساء الثلاثاء، حين أكد أن "موازنات العراق المالية منذ عام 2003 وليومنا هذا، بلغت 850 مليار دولار، وفقدنا 450 مليار دولار بسبب الفساد، من دون أن نعلم إلى أين ذهبت". وذكر أن "المبلغ هو من عائدات النفط العراقية فقط، ولا نعلم أين ذهبت الأموال المتحصلة من الموارد الأخرى".

وذكر عبد المهدي أن "مشروع مارشال لإعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، بلغ 15 مليار دولار للأعوام 1947 ـ 1951، أي ما يعادل 148 مليار دولار حالياً، ما يُشكّل تقريباً موازنة سنة واحدة من موازنات العراق، التي أُقرّت في السنوات الاثنتي عشرة الماضية". وتمّ رصد 90 ملفاً حتى الآن، وفقاً لعضو هيئة النزاهة العراقية، عبد الكريم عبطان، الذي أكد في حديث مع"العربي الجديد" أنه "تمّ جمع أبرز الملفات، لا كلها، تحديداً تلك التي كبّدت كل واحدة منها العراق خسائر تُقدّر بعشرات الملايين من الدولارات".

تسليح الجيش العراقي
وفقاً لتقرير ديوان الرقابة المالية ولجنة الأمن والدفاع البرلمانية، فقد أنفقت حكومة المالكي الأولى والثانية، على ملف تسليح الجيش العراقي والوحدات القتالية التابعة له، 149.3 مليار دولار على مر السنوات الثمانية الأخيرة. وتوزّع المبلغ على الشكل التالي: 11 مليار دولار كنفقات تشغيل، من رواتب جنود وضباط ومصروفات أخرى كالطعام والشراب والنقل والتموين، فيما ذهبت 138.3 مليار دولار كمدفوعات لصفقات التسليح مع كل من الولايات المتحدة وإيران وروسيا والصين وتشيكيا.

اقرأ أيضاً: خطوات للعبادي لحماية الصحافيين

وظهر الفساد، حين قُتل مئات الجنود العراقيين خلال معارك ضارية مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، بسبب صفقة فاسدة من السترات والخوذات الواقية ضد الرصاص، والتي تمّ تزويد سبع فرق عسكرية بها، وتبيّن أنها غير قادرة على حماية الجنود من رصاص بنادق الصيد العادية.

وأظهرت تسريبات أن قيمة الخوذة والدرع، الموجودة في الأوراق الرسمية، هي 47 دولاراً، ومن النوع الممتاز، إلا أنه تم تزويد الجيش بأطقم مماثلة صينية الصنع، لا يتجاوز سعر الواحدة الـ19 دولاراً. ووعدت الحكومة السابقة، برئاسة نوري المالكي، بالتحقيق فيها مع نهاية عام 2014، وذلك بعد ارتفاع معدل مقتل الجنود العراقيين. لكن التحقيق لم يتمّ.
وطاولت صفقات الفساد الأخرى العربات المدرّعة والصواريخ والذخيرة، التي تم شراؤها من إيران بقيمة 1.5 مليار دولار، وتبيّن أنها تعود لعام 1981، وهي روسية الصنع، وتمت إعادة طلائها وتأهيلها، بالإضافة إلى صفقة دبابات "أبرامز" المشبوهة. كما ظهرت ما عُرف شعبياً باسم "عربات عمر المختار"، وذلك بعد أن استورد المالكي عربات مدرّعة قديمة من الصين، لم تصمد أمام ضربات "داعش". وأُطلق عليها اسم "عمر المختار"، كناية عن قدمها وعن أوجه الشبه بينها وبين المدرّعات، التي ظهرت في الفيلم الشهير الذي يتناول مسيرة هذا الرجل (أسد الصحراء، 1981).

وارتدّ الفساد أيضاً على صفقة بناء قواعد عسكرية جديدة للجيش العراقي، تبيّن أنها قواعد موجودة أصلاً وأنشأها الأميركيون، الذين عادوا وسلّموها لحكومة المالكي، قبل انسحابهم منها عام 2010، وادّعت الحكومة أنها قامت ببنائها.

وبرز أيضاً ملف "شراء تسع طائرات سوخوي روسية الصنع"، بقيمة 14 مليون دولار لكل طائرة، قبل أن يتبيّن فيما بعد، أن تلك الطائرات لم تكن سوى الطائرات العراقية التي تحتجزها إيران لديها منذ عام 1991، وفقاً لما كشفه النائب عن "التحالف الكردستاني" في البرلمان العراقي السابق، أمين البرزنجي. كما وصل الفساد إلى عقد التسليح مع صربيا بقيمة 833 مليون دولار في عام 2009، والذي شمل مروحيات وآليات عسكرية مختلفة، قبل أن يقول برلمانيون إن قيمتها الحقيقية 236 مليون دولار فقط.

الكهرباء
يُعتبر ملف الكهرباء بالعراق ثاني أكبر ملفات الفساد العراقية، لابتلاعه نحو 31 مليار دولار حتى الآن، من دون أن تنجح الحكومة بتوفير الكهرباء أكثر من 6 ساعات يومياً، مع العلم بأن البلاد تحتاج إلى 28 ألف ميغاوات من الكهرباء يومياً، إلا أن الطاقة بالعراق انخفضت من 10 آلاف ميغاوات قبل الاحتلال الأميركي، إلى نحو 8 آلاف ميغاوات يومياً في المرحلة اللاحقة.

وفي هذا الصدد، استورد العراق 31 محطة كهربائية تعمل بالغاز بقيمة 9 مليارات دولار، من شركات أوروبية وغربية مختلفة، تبيّن بعد وصولها، أن البلاد لا تملك النوع المُوافق من الغاز المفترض أن يُشغّل المحطات، مما دفع الحكومة إلى توقيع عقد مع إيران لمدّ أنبوب غاز خاص بالمحطات بقيمة 900 مليون دولار. ولم يكتمل مدّ الأنبوب حتى الآن، كما تعرّضت قطع غيار لثماني محطات إلى الضرر، نتيجة سوء التخزين والسرقات.
فضلاً عن ذلك، سلّمت وزارة الكهرباء مهمة رفع أعمدة الكهرباء وتحويل الكابلات إلى تحت الأرض في بغداد، لشركة "مهران سلك" الايرانية، إلا أن الشركة غادرت العراق بعد حصولها على الدفعة الأولى وهي 100 مليون دولار، ولم تعد منذ أواخر مايو/أيار 2012.
ووفقاً لمستشار لجنة الطاقة العراقية بالبرلمان، ماجد عبد الحميد، فإن "31 مليار دولار كفيلة ببناء منظومة طاقة كهربائية للعراق، تكفيه 50 عاماً مع مراعاة التوسّع السكاني، كما يُمكن بناء محطات نووية لتوليد الطاقة بها".

المستشفيات
أنفقت الحكومة العراقية 17 مليار دولار لخطة تطوير القطاع الصحي في البلاد والنهوض به خلال السنوات الثمانية الماضية، إلا أن هذا القطاع لا يزال يعاني من نقص المستشفيات وانعدام الأجهزة وقلة الكوادر الطبية، كما سجّل حالات وفيات قياسية في العامين الماضيين،

بالإضافة إلى تلقّي القضاء العراقي ملفات فساد عديدة في المجال الصحي وبناء المستشفيات، من بينها ملف أجهزة السونار والسكانر بقيمة 91 مليون دولار، وملف أجهزة صالات الإشعاع الذري لمرضى السرطان بقيمة 78 مليوناً. ولم يسلم ملف بناء المستشفيات الجديدة، ومراكز طبية لرعاية الحوامل والأطفال بقيمة 895 مليون دولار من الفساد. وقد ادّعت حكومة المالكي، في هذا الصدد، أنها "أعادت إعمار مستشفى غربي البلاد"، قبل أن يتبيّن أن زوجة صحافي ياباني مرافق للجيش الأميركي، قُتل بالعراق، هي من قامت بالتبرّع بقيمة إنشاء المستشفى، وليس كما ادّعت الحكومة، التي ضمنت المبلغ ضمن موازنة الإنفاق لقطاع المستشفيات.

اقرأ أيضاً: عودة استفزازية للمالكي بضمانات إيرانية تحرج العبادي 

المدارس 
أنفق العراق منذ عام 2003 ولغاية العام الجاري 22 مليار دولار على قطاع التعليم الأساسي، إلا أن البلاد لا تزال تعاني من نقص كبير وحادّ في الأبنية المدرسية وتأثيثها. وتُعتبر مشكلة 3 آلاف مدرسة طينية (مدارس مصنوعة من الطين) من أبرز ملفات الفساد. وقد وعد المالكي بالقضاء عليها عبر تخصيص المال الكافي لها، لبناء مدارس عصرية، إلا أنه لا تزال توجد 2655 مدرسة طينية بالعراق حتى الآن. وتواجه وزارة التربية العراقية 15 ملفاً فاسداً في هذا الاطار، أهمها "فضيحة المدارس الحديدية"، التي استولت من خلالها شركة إيرانية على نحو نصف مليار دولار، من دون أن تنجز أيّاً من تلك المدارس.

الإسكان
خُصّص لقطاع الإسكان 24 مليار دولار من مخصصات الموازنات العراقية للسنوات الثماني الماضية، من أجل القضاء على أزمة السكن، إلا أنه لم يُنجز من مجموع المدن السكنية المقررّة ضمن الخطة الخمسية للدولة، والبالغ عددها 100 ألف وحدة سكنية، سوى 18 ألف وحدة سكنية، في مختلف مدن البلاد. كما تبددت الموازنة المخصصة لهذا المشروع بين شركات محلية وأخرى أجنبية وعربية، من دون التوصل إلى حقيقة مصير هذا المبلغ، والذي بحسب عضو اللجنة المالية بالبرلمان العراقي طه الربيعي، يُعدّ كافياً لبناء 15 مدينة كاملة بحجم مدينة البصرة.

النفط
على الرغم من أن هذا الملف هو الأخطر والأكثر حساسية بالعراق، لكونه الشريان الوحيد للحياة فيه، بعد توقف قطاعات الصناعة والزراعة والسياحية والقطاعات الأخرى فيه عن الإنتاج، إلا أنه أحد أكبر ملفات الفساد. وعوضاً عن وقوع الحكومة في فخ الشركات الغربية، وتوقيعها عقود استثمار وتطوير معها في 30 حقلاً نفطياً عملاقاً بالبلاد، تستولي تلك الشركات مقابل ذلك على نسبة معينة من كل برميل مستخرج، وبعقود طويلة تصل إلى 25 عاماً. ولا يحقّ للعراق فسخها، إلا بدفع غرامات كبيرة للشركة.

ومن الفضائح المتصلة بالملف النفطي، فضيحة الكشف عن عطل عدادات منظومة النفط، وعدم معرفة كمية النفط المُستخرج والمُصدّر من الحقول العراقية للعالم. كما طاول الفساد عوامات التصدير على ميناء العقبة بالبصرة، والتي كلّفت الدولة 200 مليون دولار للعوامة الواحدة، علماً بأن كلفتها الحقيقية تبلغ 60 مليون دولار فقط.

أما عقود مدّ أنابيب النفط الداخلية، فظهر فسادها بعد أن تآكلت الأنابيب بعد سنة واحدة من مدّها من شركات مغمورة، بسبب عدم تغليفها وتركها على وجه الأرض. وكبّد تآكل الأنابيب العراق خسائر تصل إلى 300 مليون دولار. ونشطت عقود الفساد والعمولات بين المسؤولين العراقيين والشركات النفطية ومكاتب التصدير، كما أدّى ذلك إلى إحراق الغاز المُصاحب لعمليات استخراج النفط، وعدم الاستفادة منه، لضمان بقاء شركة الغاز الإيرانية، المورد الوحيد للغاز بالعراق حالياً كما كشف مسؤولون عراقيون أخيراً.

الصناعة
لم تُسعف الـ 30 مليار دولار، التي خُصصت لقطاع الصناعة بالعراق، في تشغيل معامل البلاد المتوقفة، ولا حتى ربعها. وبحسب الأرقام المتوفرة من وزارة التخطيط العراقية، يوجد 1800 معمل ومصنع عراقي في البلاد، غالبيتها متوقف عن العمل. ومن المعامل: مصانع السيارات والإسمنت والفوسفات والحديد والألمنيوم والزجاج والسيراميك والإسفلت والأمونيا والأسمدة الكيماوية والبلاستيك والطابوق والسجائر والإلكترونيات والأقمشة والمعادن الغالية، وغيرها. وتبلغ نسبة المصانع والمعامل المُشغّلة منها 10 في المائة فقط، بينما يتلقّى موظفو المصانع المتوقفة مرتبات شهرية من دون عمل، ضمن ما يُعرف بـ"التسليف المؤقت من الدولة لحين عودة المصانع إلى الإنتاج".
ولا يعلم أحد مصير تلك الميزانية الضخمة، ولماذا لم يتم ترميم وتأهيل المصانع، كما تدور شبهات الفساد حول استيراد آليات قديمة وخطوط إنتاج غير مطابقة، في ظل تلقّي القضاء سبعة ملفات فساد كبيرة في هذا القطاع.

اقرأ أيضاً: العبادي يحاول امتصاص غضب الشارع العراقي بتنفيذ بعض الإصلاحات

الزراعة
32 مليار دولار لم تساعد المواطن العراقي في أن يعود ليأكل من جديد مما تنتجه أرضه، إذ لا تزال البلاد تستورد جميع أشكال الخضار، بما فيها الخيار والبطاطا من الأردن والسعودية وإيران. كما يتمّ استيراد الرزّ والقمح من الولايات المتحدة، على الرغم من أن العراق قبل الاحتلال كان من الدول المكتفية ذاتياً من تلك المحاصيل، خصوصاً أيام الحصار الاقتصادي الذي فرضه مجلس الأمن، عقب حرب الخليج الأولى (1991).
ورغم هذه الميزانية الخيالية، إلا أن مساحات التصحّر اتسعت بالعراق، وطالت آلاف الهكتارات الزراعية، وضربت الملوحة والجفاف مناطق أخرى. كما انتشرت الآفات الزراعية في المدن، بمختلف أنواعها. وبات في عهدة القضاء 69 قضية فساد، تبدأ بقروض الفلاحين وتنتهي بمرشات المياه المزيفة والمبيدات الزراعية.

ملف وزارة التجارة
تتكفّل وزارة التجارة العراقية بتوفير تسع سلع مجانية للعائلة العراقية، كما هو معمول به في العراق منذ نحو ثلاثة عقود. كما تُخصّص الدولة سنويا سبعة مليارات دولار لهذا الغرض، إلا أن العائلة العراقية بالكاد تتسلم مادتين أو ثلاثاً ومن أنواعٍ رديئة، أسفرت عن تسجيل مئات حالات التسمم في مايو/أيار 2011، راح ضحيتها 62 مدنياً. ولم يقدم للمحاكمة أي متورط باستيراد تلك المواد.

البيئة وصفقة الألغام الفاسدة
تُخصص الحكومة العراقية مبلغ 10 دولارات عن كل لغم أو مقذوف يتم إبطاله في العراق، تحديداً في المنطقة الجنوبية، التي تحوي نحو مليون مقذوف ولغم أرضي. وفي مارس/آذار 2009، ذكرت وزارة البيئة العراقية، أنها "تمكنت من رفع نحو نصف مليون لغم ومقذوف متفجر من مناطق عدة، جنوبي العراق"، قبل أن تعلن بعد أيام منظمة خيرية ألمانية، أنها هي التي رفعت تلك المقذوفات وأبطلتها من دون مقابل، كجانب من جهود مساعدة العراق. ولا زال الملف، الذي تُقدّر قيمة فساده بنحو ملياري دولار مطوياً في رفوف المحاكم العراقية.

ملف أجهزة كشف المتفجرات
في عام 2009 اشترى العراق أجهزة كشف متفجرات من طراز "أي دي دي"، من شركة بريطانية بقيمة 52 مليون دولار. وتبيّن أن تلك الأجهزة عبارة عن أجهزة كشف مواد التنظيف والأصباغ الصناعية، وتسببت بموت آلاف العراقيين من خلال السيارات المفخّخة التي كانت تمرّ عبر تلك الأجهزة من دون أن تكتشفها. وحكمت محكمة بريطانية بالسجن 10 سنوات على مالك الشركة البريطانية، إلا أن العراق لم يتخذ أي اجراء بحق المالكي ووزير داخليته، جواد البولاني، اللذين أقرّا الصفقة.

الوظائف الوهمية
اكتشف رئيس الحكومة الحالي، حيدر العبادي، مطلع عام 2015 وجود 51 ألف وظيفة وهمية في الجيش، فيما عُرف حينها بـ"الفضائيين". وخُصص لكل فرد "فضائي" مبلغ 871 دولاراً، شهرياً، مما أدى إلى تحويل 45 مليون دولار شهرياً لمكتب المالكي العسكري. وعدا الجيش، فإن الوظائف الوهمية، طاولت الوزارات المدنية أيضاً.

آثار بمطبخ المالكي
في سبتمبر/أيلول 2010 عُثر على 603 قطع أثرية، تعود للعصر البابلي والسومري، ذهبية وفضية، وذلك بمطبخ داخل منزل المالكي. وكشف وزير الآثار، قحطان الجبوري، عن تلك الفضيحة، قبل أن يستقيل بعد مدة بشكل غامض، ثم أُعيدت القطع بعد افتضاح الموضوع. غير أن هناك أضعاف منها بيعت خارج العراق.

البسكويت الفاسد
في عام 2013 كشفت مصادر بالحكومة الأردنية عن أن وزارة التربية العراقية متورّطة بعملية تغيير تاريخ انتهاء شحنات من البسكويت المخصص لطلاب المدارس، ووعد البرلمان والحكومة بفتح تحقيق، إلا أنه سرعان ما أُغلق رغم أن الصفقة قُدّرت بنحو 69 مليون دولار وتشمل مواد مختلفة لصالح الأطفال.

ملفات أخرى
كشف النائب عن "التحالف الوطني"، أحمد السراي، عن "إنفاق المالكي 40 مليون دولار شهرياً، على شيوخ عشائر سنية وشيعية، من دون وجه قانوني، من مخصصات الدولة العراقية لقاء شراء ذممهم". كما وزّع المالكي 4507 قطع أرض سكنية في بغداد، لأقرباء وأعضاء من حزبه، من بينها أراضٍ غير صالحة للسكن، ومنها ما يقع ضمن حرم جامعي ومسجد وحدائق عامة، وذلك بمبالغ زهيدة لا تتجاوزالـ90 دولاراً، في حين أنه لو تمّت عملية البيع قانوناً، لتجاوزت قيمة الأراضي المليون دولار. أما في ملف الإعلام، فقد كشف برلمانيون في عام 2013، عن إنفاق المالكي ووزراء في حكومته، نحو 1.743 مليون دولار، على وسائل إعلام خاصة مملوكة لهم، من خزينة الدولة، من بينها ست قنوات يملكها المالكي.

وفي عام 2014 أكدت لجنة النزاهة البرلمانية أن "عدنان الأسدي، وكيل وزارة الداخلية والمستشار الخاص للمالكي، اشترى مليون دجاجة من موازنة الوزارة الأمنية وقام بتوزيعها في حملته الانتخابية". وفي عام 2009، هاجم مسلحون "بنك الرافدين" في بغداد، وقتلوا الحراس وسرقوا نصف مليار دولار منه. وبعد يوم تمكنت الشرطة من العثور على أدلة، أوصلتهم إلى مقر صحيفة "البينة"، التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى، حيث عثروا على الأموال هناك، وتم اعتقال عدد من المشتبه فيهم، وتبيّن أن المتورطين حراس شخصيون لوزير النفط الحالي، عادل عبد المهدي، ولم يتم اتخاذ أي إجراء قانوني آنذاك.

وفي عام 2012، كشفت منظمة الشفافية العراقية، تقريراً عن إنفاق 12 مسؤولاً عراقياً حوالى 872 ألف دولار على عمليات علاج لهم ولعائلاتهم، من بينهم عمليات تجميل لزوجاتهم وبناتهم من المال العام. وتم الكشف عن أسماء المسؤولين من دون اتخاذ إجراء قانوني بحقهم. أما بين عامي 2011 و2014، فقد نقل العراق 3.6 مليارات دولار نقداً من بغداد إلى دمشق، من دون وجه أو تبرير قانوني، في سياق الدعم لنظام بشار الأسد. ولا زال الملف لدى القضاء.

وفي عام 2013، استورد العراق نصف مليون طن من الحديد الإيراني بقيمة 50 مليون دولار، تبيّن أنه غير صالح للاستخدام في السقوف والمباني، لكونه من الحديد المُعاد صناعته من هياكل السيارات القديمة. وهرب مسؤول عراقي بعد انكشاف الأمر، بينما يتواجد ثلاثة من شركائه في البلاد من دون محاسبة، رغم تحوّل الملف إلى القضاء.

أما ملف "شراء المناصب"، فيحتوي على 13 شكوى موجودة بالقضاء في هذا الصدد، في دوائر الجمارك والمنافذ الحدودية والجوازات، وبلغ "سعر" المنصب الواحد أكثر من مليون دولار. أما في موضوع قمة الجامعة العربية في عام 2012، فقد أنفقت حكومة المالكي على استضافة الاجتماع، نحو 300 مليون دولار، من دون أن يعرف أحد وجه الصرف وأسباب المبلغ المُخيف، وتوجد 43 قضية في المحاكم حولها.

كما أنفقت الحكومة العراقية خلال السنوات الثماني الماضية نحو 6 مليارات دولار على قطاع الاتصالات، ولا زالت 90.6 في المائة من البلاد تفتقر إلى خدمة الهواتف الأرضية. وفي ملف "سرقة ممتلكات المسيحيين" وتحويل الكنائس إلى مقارّ للأحزاب، تم الاستيلاء على أكثر من تسعة آلاف عقار لعراقيين مسيحيين من الدولة والمسؤولين فيها، لأغراض شخصية، والملف بيد القضاء حالياً.

وفي عام 2008 استورد العراق 400 ألف سيارة من طراز "سايبا" إيرانية الصنع، لحساب الشركة العامة لتجارة السيارات العراقية المملوكة لمجلس الوزراء. وتبلغ كلفة السيارة الواحدة سبعة آلاف دولار، في حين أن سعرها الحقيقي لا يتجاوز أربعة آلاف دولار. كما تبيّن أنها غير مطابقة للمواصفات، وشروط الأمن، غير أنه تمّ توقيع الصفقة بعد تلقّي مسؤولين عراقيين رشى مالية.

وفي عام 2013، خصصت حكومة المالكي مليون دولار شهرياً كمبالغ لحماية خطوط سكك القطار العراقي، وتم توظيف ثلاثة آلاف رجل أمن من خلالها، في مناطق لا توجد فيها خطوط سكك حديد، كصحراء الأنبار وصحراء البعاج. وينظر القضاء في الملف حالياً. وفي قضية "تهريب سجناء أبو غريب"، لا زال الملف لدى القضاء، لناحية اتهام ستة ضباط كبار بـ"تلقّي أموال من داعش، لقاء تسهيل مهمة مهاجمة السجن وتهريب السجناء منه في عام 2013"، مع العلم بأن أحد الضباط الناجين من الهجوم، أدلى بمعلومات تؤكد تقديم التنظيم رشى مالية، بقيمة مليون دولار لكل ضابط، لتسهيل الهجوم، إلا أنه لم يتم اعتقال الضباط بسبب قربهم من المالكي.

ولا يزال التحقيق جارياً في ملف "تهريب 700 ألف طن من حديد الخردة"، من مخلفات الجيش العراقي السابق إلى ايران، من قبل حكومة المالكي وبيعها بخمسة ملايين دولار. كما تواجه مفوضية الانتخابات 25 شكوى بالفساد، في تلقيها أموال مقابل التلاعب بنتائج الانتخابات، وشراء أحبار وصناديق انتخابية بسعر مخالف للسعر الذي تم تدوينه في السجلات الحكومية.

كما طاول الفساد ملفات عدة كمشروع شبكات الصرف الصحي، والماء الصالح للشرب، والتاكسي النهري، والإنترنت، ومحو الأمية، والألف جسر عراقي، وطائرات الخطوط الجوية العراقية، وطباعة مناهج التعليم العراقية في إيران والأردن، وتهريب قصور المالكي الأربعة، واستيلاء المسؤولين على ممتلكات الدولة، وسرقة ذهب الضريح الحسيني الشريف، وإعادة إعمار الفلوجة، وتعويضات الأخطاء العسكرية. وباتت كل تلك الملفات في عهدة القضاء.

اقرأ أيضاً: الخوف يجبر شباب العراق على الهجرة أو التزام المنازل