ريفلين في كفر قاسم... إهانة لدماء شهداء المجزرة

25 أكتوبر 2014
ريفلين ونتنياهو: منافسة على كره العرب (ليور مزراحي/فرانس برس)
+ الخط -
تشكل زيارة الرئيس الإسرائيلي، اليميني، رؤبين ريفلين المرتقبة لمدينة كفر قاسم، المقررة غداً الأحد، بصحبة عدد من رؤساء البلدات اليهودية، سواء كانت بمبادرته هو، كما أعلنت الصحف الإسرائيلية اليوم، أم بدعوة من بلدية كفر قاسم أم وفاءً لتعهدات نواب عرب مقابل التصويت له في انتخابات الرئاسة، فصلاً جديداً في الرياء الإسرائيلي، عدا عن كونها إهانة لدماء ضحايا كفر قاسم، ومحاولات مفضوحة لتبييض صفحته، باعتباره "رئيساً لجميع المواطنين" في إسرائيل. ذلك أن ريفلين يعلن بشكل متواصل أن إسرائيل هي "دولة الشعب اليهودي لا غير"، كما سيوظف الزيارة لتبييض صفحة إسرائيل باعتبارها "الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يعيش فيها العرب على مختلف طوائفهم بسلام".

ولعل اللافت أن من يروجون للزيارة بحجة أنها "إنجاز"، يحاولون غض النظر عن أن الرجل لا يعتزم بأي حال من الأحوال الاعتذار رسمياً باسم إسرائيل عن مجزرة كفر قاسم، بل إنه منذ انتخابه للرئاسة أعلن أنه سيزور كفر قاسم، تماماً مثلما سيزور الكنيس اليهودي الذي زرعته إسرائيل في الحرم الإبراهيمي في الخليل بعد تقسيمه.

وفي هذا السياق نقل موقع "المكان" المحلي في المثلث الجنوبي المحتل، أن رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، محمد بركة، دعا أهالي البلدة في ندوة أقيمت في نادي الجبهة، أمس الخميس، إلى استثمار زيارة ريفلين هذه لانتزاع اعتراف بمسؤولية إسرائيل عن المجزرة، ونقل الموقع أن بركة "طالب الرئيس ريفلين بالقيام بواجبه والاعتذار عن المجزرة، وهو يريد أن يعلن أن إسرائيل تتحمّل المسؤولية عن المجزرة، وأن اختبار رئيس الدولة ريفلين سيكون في هذه الزيارة الاعتراف بالمسؤولية الكاملة عن المجزرة".

وكان ريفلين قد برر باستمرار الجرائم الإسرائيلية الكثيرة بحق الشعب الفلسطيني، وبحق الشعب اللبناني أيضاً، عندما كان - وما زال - من أبرز المطالبين بتكثيف العدوان الإسرائيلي أينما وقع، والمطالبة بإنزال أقصى "العقوبات بحق الإرهابيين"، وآخرها دعوته، أمس الخميس، في ذكرى مقتل الوزير العنصري رحبعام زئيفي، إلى أن تقوم أجهزة الأمن الإسرائيلية بإعادة الأمن للقدس ومحاربة الإرهاب، وأنه "مهما فعل الفلسطينيون فإنهم لن يردعونا عن العيش في القدس عاصمة إسرائيل الأبدية".

وأشارت الإذاعة الإسرائيلية على موقعها في وقت سابق، أنه سيلتقي خلال زيارته كفر قاسم برئيس الحركة الإسلامية الجنوبية، الشيخ عبد الله نمر درويش الذي وصفته الإذاعة بالمعتدل، وسيطّلع على مشاكل البلدة، وما إلى ذلك من معسول الكلام، خصوصاً أن الإذاعة الإسرائيلية ومواقع أخرى ذكرت أنه سيدعو الفلسطينيين في الداخل إلى إبداء "المسؤولية في ظل تدهور الأوضاع في القدس".

ويحاول ريفلين بشكل عام، من خلال المجاملات التي يتبادلها مع بعض النواب العرب، توظيف هذه العلاقات، وتحديداً مع عضو الكنيست أحمد الطيبي (الذي كان عضو الكنيست العربي الوحيد الذي صوت له في انتخابات الرئاسة بالجولتين، وكان الطيبي نائباً لريفلين عندما كان الأخير رئيساً للكنيست) كشهادة ودليل على "ليبراليته وديمقراطيته" المستمدة بزعمه من ميراث وأيديولوجية زعيم الحركة التصحيحية، زئيف جابوتنسكي، الذي دعا في ثلاثينيات القرن الماضي قبل النكبة إلى وجوب بناء "ستار حديدي" بين إسرائيل المستقبلية وبين جيرانها العرب.

ويشكل ريفلين مثالا للعنصرية الإسرائيلية المقنعة بالحديث عن المساواة بين العرب واليهود، والدعوات لاحترام سلطة القانون. لكنه في واقع الحال، من كبار مؤيدي المستوطنين في إسرائيل ومؤيدي تقسيم الحرم الإبراهيمي في الخليل، ومستوطني الخليل. وكان من أشد مناصري أرييل شارون، بل رافقه عند اقتحامه الاستفزازي للمسجد الأقصى في سبتمبر/أيلول 2000. وهو من دعاة أرض "إسرائيل الكاملة"، ويرفض الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وبحل الدولتين، وعلى هذا الأساس "كسب" عداء نتنياهو له، وليس بفعل تأييده أو دعمه لحقوق الفلسطينيين في الداخل أو حرية التعبير للنواب العرب، وإنما بالأساس لمزايداته القومية الشوفينية على نتنياهو.

في هذا السياق، دعم الرجل المستوطنين في بيت إيل بعد استيلائهم على أراض فلسطينية وإقامة بيوت عليها تحت اسم "جفعات هأولبناه"، رغم قرار المحكمة الإسرائيلية العليا بهدم هذه البيوت، حيث تساءل ريفلين: "كيف ستعيش أربع عائلات فلسطينية في قلب مستوطنة بيت إيل"؟، في تلميح إلى أنها ستعيش تحت التهديد المتواصل واحتمالات اعتداء المستوطنين عليه.

وزعم ريفلين طيلة السنوات الأخيرة، منذ خطاب نتنياهو في بار إيلان، أن الأخير خرج عن الخط التاريخي لحركة "حيروت"، وللحركة التصحيحية التي أسسها جابوتنيسكي في ثلاثينيات القرن الماضي، ودعت إلى إقامة دولة يهودية على كامل فلسطين التاريخية، بما في ذلك شرق الأردن.

في المقابل، فإن القبول بزيارة ريفلين يأتي من قبل أوساط تحمل بوصلة مشوهة ممن يعتقدون أن الترحيب بريفلين وزيارته كفر قاسم يعني اعترافاً بالمجزرة ويعني إنجازاً للمدينة، مع أن الرجل، وبحسب الإعلام الإسرائيلي، لن يعتذر. فالرجل يريد من زيارته هذه، العودة بالفلسطينيين في الداخل إلى مشهد "الصلحة العشائرية" نفسها التي عقدتها حكومة دافيد بن غوريون مع أهالي كفر قاسم بعيد المجزرة.

ويريد ريفلين في زيارته المرتقبة غداً الأحد، أن يعظ الفلسطينيين في الداخل، مع بدء الترويج في الإعلام بأن الرجل يصر على الزيارة بالرغم من تحفظ أجهزة الأمن، وضغوط اليمين الإسرائيلي عليه، لأنه لا يريد إهانة أهالي كفر قاسم في هذه المرحلة الحرجة.

وليس من الصعب التكهن بما سيقوله ريفلين، الذي يحمل كراهية وعداءً متأصلين للعرب الفلسطينيين، وحقوق الشعب الفلسطيني، ويرى أن فلسطينيي الداخل يجب أن يكونوا "عرب إسرائيل لا غير"، مطيعين للدولة لا يتدخلون بالشأن الفلسطيني العام. ويدعم هذا الأمر انضمامه الدائم للتحريض على النواب العرب الذين يخرجون عن إطار "ما يُسمح به إسرائيلياً" كما حدث في تحريضه على المفكر العربي عزمي بشارة، ولاحقاً على نواب التجمع الوطني الفلسطيني والنائبة حنين زعبي. كما يرى الرجل أن مشروع دولة المواطنين خطر على إسرائيل اليهودية، ويريد أن تكون إسرائيل يهودية من دون أن يدفع، مثلا على غرار اليسار الإسرائيلي أو حتى تسيبي ليفني، مقابل ذلك ثمن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

دلالات