لا يمكن مقاربة التحولات التي طرأت على مهمات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في ظل إدارة الرئيس، دونالد ترامب، بدون الأخذ بعين الاعتبار التباسات وإشكالات العلاقة السابقة بين ترامب والـ"سي آي إيه"، والتي بلغت ذروة توترها خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، العام الماضي، عندما شكك المرشح الجمهوري في دور الوكالة، وقال إنها تحولت إلى مجرد أداة في خدمة الإدارات السياسية المتعاقبة على البيت الأبيض، مذكرا بالتقرير المفبرك عن أسلحة نووية مزعومة يملكها صدام حسين، والذي أعدته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية واستخدمته إدارة الرئيس السابق، جورج دبليو بوش، ومجموعة المحافظين الجدد كذريعة للقيام بحرب العراق عام 2003.
وتكمن المفارقة في أن ترامب سارع، بعد وصوله إلى البيت الأبيض، إلى تعيين مايك بامبيو، عضو لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، مديرا جديدا للوكالة. وبامبيو الجمهوري المحافظ يعتبر من أول المؤيدين لترامب في الحزب الجمهوري، وهو حاليا من أكثر المسؤولين ولاءً للرئيس ولأجندته السياسية، خصوصا في شقها الخارجي.
وخلال ندوة نُظمت الأسبوع الماضي في واشنطن، أعلن بامبيو بوضوح أن "سي آي إيه" تقوم حاليا بمراجعة شاملة لسياسات وبرامج الإدارات السابقة، وأنها بصدد وضع استراتيجيات جديدة في مناطق مختلفة من العالم، على ضوء الاستراتيجيات الجديدة لإدارة ترامب ومقاربتها المختلفة للملفات الساخنة في العالم، من الأزمة مع كوريا الشمالية، والمواجهة التجارية مع الصين، إلى مواجهة توسع النفوذ الروسي في أوروبا والشرق الأوسط، وردع التهديد الإيراني لحلفاء الولايات المتحدة، والحد من نفوذ طهران في عدد من الدول العربية.
وخلال ندوة نُظمت الأسبوع الماضي في واشنطن، أعلن بامبيو بوضوح أن "سي آي إيه" تقوم حاليا بمراجعة شاملة لسياسات وبرامج الإدارات السابقة، وأنها بصدد وضع استراتيجيات جديدة في مناطق مختلفة من العالم، على ضوء الاستراتيجيات الجديدة لإدارة ترامب ومقاربتها المختلفة للملفات الساخنة في العالم، من الأزمة مع كوريا الشمالية، والمواجهة التجارية مع الصين، إلى مواجهة توسع النفوذ الروسي في أوروبا والشرق الأوسط، وردع التهديد الإيراني لحلفاء الولايات المتحدة، والحد من نفوذ طهران في عدد من الدول العربية.
وبدأت تظهر، في الأيام القليلة الماضية، معالم السياسات الجديدة لوكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان، حيث تحدّث تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، قبل أيام، عن تحول كبير في طبيعة دور وكالة الاستخبارات في الحرب ضد حركة طالبان، وتكليفها بمهام إضافية كالقيام بعمليات ميدانية خاصة ضد قادة الحركة، تنفذها فرق عسكرية خاصة، أو من خلال الاستعانة بالغارات التي تنفذها الطائرات بدون طيار، كالعمليات التي تنفذها "سي آي إيه" ضد أهداف لمجموعات إرهابية في باكستان واليمن والصومال وغيرها.
ومن أبرز مهام الـ"سي آي إيه"، وفق متطلبات سياسات الإدارة الجديدة، مواجهة التهديد النووي الكوري الشمالي، حيث يؤكد بامبيو أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تبحث في كيفية منع بيونغ يانغ من إنجاز الخطوة النهائية قبل امتلاك تقنية إطلاق قنبلة نووية على رأس صاروخ عابر للقارات، بإمكانه ضرب أهداف على الأراضي الأميركية.
وتهتم الوكالة أيضا بمراقبة تطور قدرة كوريا الشمالية على شن هجمات سيبيرية ضد الولايات المتحدة وحلفائها، كما يُطرح السلاح السيبيري كواحد من الخيارات التي يمكن أن تلجأ إليها الولايات المتحدة في إطار المواجهة مع نظام كيم جونغ أون.
على الجبهة الإيرانية، من المتوقع أن تتوسع مهمات الوكالة لتتواءم مع الاستراتيجية الشاملة التي أعلنها ترامب، قبل أسبوعين، من أجل مواجهة الخطر النووي والصاروخي الإيراني، ومواجهة محاولات إيران زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ودعمها تنظيمات إرهابية تهدد أمن إسرائيل. والأرجح أن إيران ستكون في صدارة اهتمام وكالة الاستخبارات الأميركية، لتعدد قضايا الخلاف معها وكثرة نقاط الاحتكاك الميداني، إن في مياه الخليج، حيث تزايدت الحوادث بين السفن الحربية الأميركية وزوارق الحرس الثوري الإيراني، أو على أرض العراق وسورية، حيث تنتشر قوات أميركية ومليشيات شيعية موالية لإيران.
ومن المرجح أن تصل المواجهة الاستخبارية الأميركية الإيرانية إلى ذروتها في سورية والعراق ولبنان، حيث نفوذ حزب الله. إضافة إلى تحديث المعطيات الاستخبارية بشأن علاقات إيران مع تنظيمي "القاعدة" و"داعش".
وفي المواجهة مع "داعش" ستكون المهمة الأساسية لـ"سي آي إيه" هي منع ولادة تنظيم إرهابي جديد بعد سقوط عاصمة "دولة الخلافة في الرقة"، واقتراب القوات العراقية من القضاء على آخر معاقل التنظيم في العراق. على أن المهمة الأصعب ستكون في مواجهة التنظيم الإرهابي على شبكة الإنترنت، والحد من قدرته على تجنيد أنصار جدد، أو ذئاب منفردة تنفذ هجمات على أهداف مدنية في المدن الأميركية والأوروبية.
كما كشف الكمين الذي تعرضت له وحدة أميركية خاصة في النيجر عن جدية مخاطر انتقال الحرب الأميركبة على "داعش" إلى أفريقيا، حيث تتزايد المجموعات المسلحة التي تعلن مبايعتها لـ"داعش".
اقــرأ أيضاً