الاحتلال الاسرائيلي يبدأ الحرب العلنية على كنائس القدس وأديرتها

05 فبراير 2018
يعمل الاحتلال على محاصرة كنائس القدس (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

سادت أجواء من السخط والصدمة صفوف المقدسيين، تحديداً لدى بعض الهيئات الدينية والوطنية، بعد الرسالة التي وجهها المتحدث الرسمي باسم بلدية الاحتلال في القدس المحتلة، إلى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير ماليته موشي كحلون، ذكر فيها أن "بلديته ستُحصّل ديوناً متراكمة بلغت أكثر من 190 مليون دولار على 887 عقاراً كنسياً، وعقارات تابعة للمؤسسات الدولية"، بادعاء أن تلك العقارات تستخدم لأغراض غير دينية، وبعضها لها أنشطة ذات طابع تجاري وليس تقديم خدمة.

في هذا السياق، رأى محللون سياسيون وإعلاميون، أن "توقيت هذه الحملة التي تستهدف كنائس القدس ومصالح أبناء الرعية لهذه الكنائس، تزامنت مع عمليات بيع عقارات وأراض مملوكة لأبناء طائفة الروم الأرثوذكس في عموم أنحاء فلسطين وتحديداً في القدس المحتلة من قبل البطريرك ثيوفيلوس، والمتهم من قبل أبناء رعيته بالتواطؤ في عقد مزيد من صفقات بيع عقارات وأراض لجمعيات استيطانية يهودية ولدوائر وهيئات رسمية إسرائيلية، متجاهلاً حالة الغضب الشعبي العارم ضد هذه الصفقات، وضد ما يعتبرونه تفريطاً بممتلكات أبناء الرعية، وتسريعاً لمشاريع السيطرة وتهويد المدينة المقدسة".

في هذا الإطار، وصف رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، المطران عطا الله حنا، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، الإجراء الإسرائيلي بأنه "إمعان في التعدي على الكنائس المسيحية واستهداف المؤسسات التابعة لها في المدينة المقدسة". وقال "نرفض وبشكل قاطع ما اعلنته ما يسمى ببلدية القدس، التي تسعى لفرض ضرائب باهظة على المؤسسات الكنسية في القدس وعلى غيرها من المؤسسات الأممية".

وأضاف أنه "في الوقت الذي تُستهدف فيه أوقافنا وتُسرق منا بطرق غير قانونية وغير شرعية، تخطط السلطات الاحتلالية في هذه الأيام لفرض ضرائب باهظة على الكنائس والأديرة ومؤسساتها في القدس في محاولة هادفة لإفراغ البلدة القديمة من المؤسسات المسيحية، وتهميش وإضعاف الحضور المسيحي الوطني في البلدة القديمة من القدس بنوع خاص".

وحذّر حنا من "تداعيات هذا الإجراء على الوجود المسيحي، وعلى مستقبل دور العبادة، خصوصاً الكنائس وما يتبع لها من أديرة ومؤسسات"، مشيراً إلى أن "هذه الأماكن معفاة تاريخياً من الضرائب. بالتالي فإن التوجّه الاحتلالي الجديد لاستهدافها على هذا النحو، يندرج في محاولاتها للسيطرة على المدينة المقدسة، وتهميش وإضعاف الحضور المسيحي بشكل خاص والحضور العربي الفلسطيني بشكل عام، وهو ما سيقاومه المقدسيون مسلمين ومسيحيين بشدة".



من جانبه، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس اللجنة الرئاسية لشؤون الكنائس، حنا عميرة، الخطوة الإسرائيلية الجديدة ضد الكنائس ودور العبادة، بأنها "تصعيد في الاستهداف الإسرائيلي بحق المقدسيات الإسلامية والمسيحية". ونوّه إلى أن "توقيت هذا الإجراء المشبوه هو ما يقلقنا، فلماذا هذا الاستهداف في وقت تتصاعد فيه التهديدات والأخطار بحق المسجد الأقصى".

وأكد عميرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، على "خطورة هذا التوجه، وما يمكن أن يتركه من آثار وتداعيات تمس على نحو كبير بحقوق المسيحيين المقدسيين وتفرض عليهم مزيداً من إجراءات الضغط الاقتصادي والاجتماعي"، داعياً إلى "التصدّي لهذه الإجراءات الهادفة التي تندرج في سياق سياسة التطهير العرقي التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق المقدسيين عموماً".

كما ربط محللون إعلاميون وسياسيون بين إجراء بلدية الاحتلال هذا، والتحول الأميركي الكبير والخطير من موضوع القدس، بإعلانها عاصمة لدولة الاحتلال. كما كشف المحلل السياسي راسم عبيدات في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الطرح مرتبط بقرار المتصهين (الرئيس الأميركي دونالد ترامب) اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وقراره أيضاً تصفية وشطب وكالة الغوث واللاجئين (أونروا)، بالتزامن أيضاً مع إجراءات تهويد القدس وتفريغها من مؤسساتها، ومحاولة السيطرة على تلك الأملاك من خلال ما قام به بطاركة الكنيسة اليونان وآخرهم ثيوفيلوس ببيع وتأجير طويل الأمد، وتسريب الكثير من أملاك الكنيسة العربية الأرثوذكسية في القدس بشطريها الشرقي والغربي وفي الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948".

وأضاف أن "هذا الأمر سيصبح مبرر التسريب والبيع والتأجير لعدم القدرة على دفع الضرائب المفروضة على العقارات الكنسية في القدس، في حين المطلوب هو تصفية المؤسسات الدولية في مدينة القدس، ودفع نشاطها وخدماتها إلى خارج حدود ما يسمى ببلدية الاحتلال، ليضاف كل هذا أيضاً إلى الاستهداف المتعلق بالمؤسسات التي تقدم خدمات للاجئين الفلسطينيين وسكان القدس، مثل مقر وكالة الغوث في الشيخ جراح، وغيرها من المؤسسات الدولية، وبعبارة أخرى تجفيف عمل هذه المؤسسات ودفعها إلى خارج القدس".

ودعا عبيدات إلى "موقف فلسطيني حازم وقوي إزاء هذه التطورات، التي تنذر بأشد الأخطار على الوجود الفلسطيني في القدس، سواء كان هذا الوجود بشرياً مادياً أو حضارياً، وسعي سلطات الاحتلال إلى أسرلة المدينة وتهويدها بالكامل لتصبح يهودية خالصة"، متسائلاً: "هل تفرض مثل هذه الضرائب على الكنس والمعابد اليهودية، وعلى مدارس التلمود وغيرها؟".

وكانت مصادر مطلعة ذكرت، لـ"العربي الجديد"، أن "بلدية الاحتلال ومن خلال شركة جيحون للمياه، تطالب المسؤولين عن كنيسة القيامة بدفع مبلغ 4 ملايين شيكل رسوم استهلاك مياه، إضافة إلى مطالبات أخرى بعشرات الملايين عن بعض المباني التابعة لها بذريعة أنها لا تستخدم للصلاة".




المساهمون