أميركا تنصح بضرب "محدود" لإدلب...ودي ميستورا يحدد موعد الحملة

05 سبتمبر 2018
ظهر دي ميستورا كناطق باسم النظام وروسيا(فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
منحت الولايات المتحدة ضوءاً أخضر لعملية عسكرية "محدودة" في إدلب التي بدأ النظام السوري وحلفاؤه الروس والإيرانيون التمهيد لها ميدانياً، بينما واصل المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان  دي ميستورا مهمته التي تبدو أقرب إلى الناطق باسم محور النظام السوري، عندما أوحى بموعد الحرب الشاملة ضد إدلب، والذي قد يكون في 10 سبتمبر/أيلول الحالي. وقال دي ميستورا، في جنيف أمس، خلال مؤتمر صحافي حول الاجتماع المرتقب في سويسرا خلال الشهر الحالي حول اللجنة الدستورية السورية: وردتنا تقارير بشأن تحديد دمشق مهلة تنتهي في 10 سبتمبر قبل مهاجمة إدلب".

في المقابل، قدم رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال جوزيف دانفورد، أمس الثلاثاء، توصية "بتنفيذ عمليات محددة على نطاق ضيق على المتشددين هناك"، لأنه "إذا تم تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة، فنتوقع كارثة إنسانية وأعتقد أننا جميعا نودّ تفادي ذلك"، في استكمال لنهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعا قبله بساعات، رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى "ألا يهاجم بشكل متهوّر محافظة إدلب"، معتبراً أنه "سيرتكب الروس والإيرانيون خطأ إنسانياً جسيماً إذا ما شاركوا في هذه المأساة الإنسانية المحتملة".



وترافق الغطاء الأميركي لـ"عملية محدودة" مع استئناف قصف إدلب من قبل الطائرات الروسية بعد توقف دام 22 يوماً وإعلان موسكو أن إدلب أصبحت "وكراً للإرهابيين" وأن النظام السوري "يستعد لحل" مشكلة "الإرهاب" في إدلب، لتعكس هذه التطورات مدى رغبة النظام وحلفائه الروس والايرانيين في تصعيد شامل لتغيير معادلات الصراع لصالحهم. وأثار هذا الأمر استياء تركيا، بحسب ما نقلت قناة إن تي في، عن مصادر رسمية أشارت إلى أن قصف إدلب عملية محدودة وغير موسعة، لكن غير مرحب بها قبل القمة التي يفترض أن تتناول كل أبعاد العملية العسكرية في إدلب. كذلك اعتبرت وسائل إعلام تركية أن القصف يعني عملياً أن عملية إدلب بدأت، على الرغم من أنها كانت عبارة عن عمليات قصف محدودة نفذت على مناطق معينة من دون حصول أي هجوم بري.

وبالنسبة إلى تركيا فإن استئناف القصف محاولة ابتزاز مفضوحة من روسيا قبيل القمة الثلاثية الروسية التركية الإيرانية في العاصمة الإيرانية طهران، بعد غد الجمعة، التي يعول عليها البعض في أن تحسم مصير شمال غربي سورية، من دون اللجوء الى عمل عسكري واسع النطاق.
وأكدت مصادر تركية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذا التصعيد يأتي في إطار رفع سقف عملية المساومة من الجانب الروسي للحصول على أكبر تنازلات من الطرف التركي خلال القمة، ما يصعب من المفاوضات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني. وهذا التصرف دأبت موسكو على تنفيذه قبيل وإبان كل قمة تعقد حول سورية تجمع الزعماء.

وتريد روسيا تحسين شروط التفاوض والحصول على مكاسب سياسية وميدانية، خصوصاً على صعيد فتح الطرق الدولية المغلقة الى مدينة حلب، ودفع المعارضة السورية عن ريف حماة الشمالي، وريف حلب الغربي. كذلك تضغط روسيا للحصول على موافقة تركية لعمل عسكري محدود في ريف اللاذقية الشمالي وفي منطقة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي، إذ تتهم موسكو الفصائل في إدلب، خصوصاً في جسر الشغور، بإرسال طائرات مسيرة لاستهداف قاعدة حميميم في اللاذقية.

وفي السياق، ركّز المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، على هذه الذريعة في تصريحات صحافية أمس الثلاثاء بقوله "إن إدلب تشكل خطراً على المصالح الروسية في سورية". وقال إنه "من مناطق واقعة هناك في إدلب يجري إطلاق مختلف أنواع الطائرات المسيرة التي تمثل تهديداً لنقاط مرابطة قواتنا". ولطالما اتخذ الروس من تنظيمات متهمة بالتطرف وسيلة للفتك بالمعارضة السورية المسلحة التي تؤكد جهوزيتها لصد أي تقدم لقوات النظام إلى مناطق سيطرتها في الشمال الغربي السوري.
كذلك اعتبر بيسكوف أنه "لا شك في ضرورة حل مشكلة الوجود الإرهابي في إدلب، ونحن على علم بأن الجيش السوري يستعد لحلها". كما رد على تصريحات ترامب بشأن إدلب قائلاً إن "توجيه تحذيرات دون الأخذ في الاعتبار الوضع الكامل في سورية الذي يعد في غاية الخطورة وله أبعاد سلبية لا يعد على الأرجح منهاجاً شاملاً".
وجاءت تصريحات بيسكوف بالتزامن مع عودة قصف إدلب بعد غيابٍ لنحو ثلاثة أسابيع، إذ شن الطيران الروسي الثلاثاء عشرات الغارات على ريف إدلب الغربي، ما أدى إلى مقتل مدنيين. وقال ناشطون إعلاميون محليون إن الطائرات الروسية قصفت الثلاثاء بالصواريخ قرية كفريدين غربي مدينة جسر الشغور، ما أدى إلى مقتل وإصابة مدنيين. كذلك قصفت طائرات روسيا بلدة الجانودية بريف إدلب الغربي، ما أسفر عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين. وتعرضت قرى الشغر، والصحن، وصراريف، وجدرايا، ومدينة جسر الشغور، ومزارع جفتلك حج حمود، وقطرون، في ريف إدلب الغربي، إلى قصف جوي روسي، تسبب في وقوع إصابات في صفوف المدنيين.

من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أمس الثلاثاء، إن إيران تبذل جهوداً لإخراج المسلحين من إدلب في سورية بأقل خسائر بشرية، فيما أطلق النظام تسمية "فجر إدلب" على العملية العسكرية التي تتجهز قواته لشنها. في موازاة ذلك، نقلت وكالة رويترز عن مصدر لم تحدده قوله إن "الأسد يستعد لشن هجوم على إدلب على مراحل".
وفي السياق، أشارت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام إلى أن قوات الأخير زجت برتل يضم 20 آلية جديدة، بينها دبابات من طراز "T72" وعربات "BMP" عدة وحاملة جسور، بالإضافة إلى عشرات السيارات ناقلات الجنود، وذلك من بوابة ريف حماة الشمالي. وذكرت أن هذه القوات استهدفت بالصواريخ بلدة بداما في ريف جسر الشغور غربي إدلب. كذلك استهدفت بالمدفعية الثقيلة تحركات مسلحي الحزب التركستاني في بلدة الزيارة وقرى المشيك، والزيادية والقرقور بسهل الغاب الغربي.
في موازاة ذلك، يواصل الجيش التركي تعزيز قواته داخل سورية وعلى الحدود المشتركة معها. وأكدت وكالة "الأناضول" وصول قافلة تعزيزات عسكرية إلى ولاية هاتاي التركية، أمس الثلاثاء، لدعم الوحدات المنتشرة على الحدود مع سورية.
وأشارت الوكالة ذاتها إلى أن الجيش التركي "يواصل إرسال خراسانات إسمنتية إلى نقاط المراقبة التي أقامها في منطقة خفض التوتر في إدلب السورية، المحددة بموجب اتفاقات أستانة"، موضحة أن وزن كل واحدة من الخراسانات الضخمة يبلغ 12 طناً وارتفاعها 4 أمتار، وتم إرسالها بشاحنات إلى نقاط المراقبة والوحدات الحدودية.
ويحتفظ الجيش التركي بـ 12 نقطة مراقبة داخل سورية وفق تفاهمات مسار أستانة، تقع النقطة الأولى في قرية صلوة بريف إدلب الشمالي، والنقطة الثانية في قلعة سمعان بريف حلب الغربي، أما النقطة الثالثة فهي في جبل الشيخ عقيل بريف حلب الغربي، والنقطة الرابعة في تلة العيس بريف حلب الجنوبي، والنقطة الخامسة تقع في تل الطوقان بريف إدلب الشرقي، والسادسة قرب بلدة الصرمان بريف إدلب الجنوبي. وتقع النقطة السابعة في جبل عندان بريف حلب الشمالي، والنقطة الثامنة في الزيتونة في جبل التركمان شمال اللاذقية أما النقطة التاسعة فهي في مورك في بريف حماة الشمالي، والنقطة العاشرة في الراشدين الجنوبية بريف حلب الغربي، أما الحادية عشرة فهي في شيارمغار بريف حماة الغربي والنقطة الثانية عشرة في جبل اشتبرق بريف إدلب الغربي.
ويعتبر المدنيون في محافظة إدلب هذه النقاط عامل أمان واطمئنان لهم في ظل التهديدات المتصاعدة من قبل النظام وحلفائه. وأشارت مصادر محلية، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن مدنيين "احتموا أكثر من مرة بهذه النقاط عند وقوع ضربات جوية من قبل الطيران الحربي الروسي والتابع للنظام". وأوضحت أن الجنود الأتراك لا يغادرون هذه النقاط "إلا عند تبديل النوبات الخاصة بهم"، مؤكدة حدوث "لقاءات دورية" بين الأهالي وقيادات هذه النقاط.