"رايتس ووتش" تطلب تحقيقاً دوليّاً بانتهاكات التحالف بقيادة السعودية باليمن

12 سبتمبر 2017
التحالف يواصل انتهاك قوانين الحرب(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
ذكرت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها، اليوم، أن قوات التحالف الدولي الذي تقوده السعودية نفذ خمس ضربات جوية غير قانونية في اليمن منذ يونيو/حزيران 2017، أسفرت عن مقتل 26 طفلاً من بين 39 حالة وفاة بين المدنيين، إضافة إلى استهداف أربعة منازل عائلية وبقالة وقتلت 14 شخصاً من أسرة واحدة، ما يعتبر انتهاكاً لقوانين الحرب، سواء ارتكبت عن عمد أو تهوّر.

ودعت المنظمة في تقريرها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى فتح تحقيق دولي في انتهاكات قوات التحالف وكل أطراف النزاع المسلح في اليمن في دورته في سبتمبر/أيلول الجاري، لعدم امتثال التحالف للوعود التي أطلقها بتوفير حماية أفضل للأطفال.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "الوعود المتكررة للتحالف بقيادة السعودية بشن هجمات جوية بشكل قانوني لا تجنب الأطفال اليمنيين الهجمات غير المشروعة. هذه الضربات ووقعها المروع على الأطفال يجب أن تحفز مجلس حقوق الإنسان الأممي على استنكار جرائم الحرب والتحقيق فيها، وضمان محاسبة المسؤولين عنها".

ولفت التقرير إلى أن العمليات العسكرية والضربات الجوية غير القانونية التي قادها التحالف ضد قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح منذ مارس/آذار 2015، طاولت منازل وأسواق ومدارس ومستشفيات ومساجد. واستشهد بخلاصة تقرير الأمم المتحدة عام 2016 بشأن انتهاكات التحالف ضد أطفال اليمن، والتي أحصت مقتل ما لا يقل عن 785 طفلاً وجرح 1168 آخرين في اليمن عام 2016، ما نسبته 60 في المائة من ضحايا ضرباته. كما أشار إلى ارتكاب قوات الحوثي وصالح انتهاكات بدورها، باستخدام الألغام الأرضية ضد الأفراد المحظورة، والقصف العشوائي للمناطق المأهولة بالمدنيين، والإخفاء القسري والتعذيب.


شهادات

ونقل التقرير شهادات تسعة أفراد من أسر تضررت من الهجمات، وشهود على خمس غارات جوية وقعت بين 9 يونيو/حزيران و4 أغسطس/آب 2017، وأجرت مقابلات مع موظفين في مستشفى، وراجعت صوراً ومقاطع فيديو وصوراً بعد الهجمات، والتي استخلص منها أن الضربات المشار إليها لا يوجد أهدافاً عسكرية في محيطها.

وتابع إنه في 4 أغسطس/آب الماضي، أصابت طائرات التحالف منزلاً في صعدة وقتلت تسعة أفراد من عائلة الظرافي، بينهم ستة أطفال تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أعوام و13 عاماً. وفي 15 يوليو/تموز الماضي تسببت غارة جوية في تعز في مقتل 14 شخصاً من عائلة واحدة بينهم تسعة أطفال. وفي 3 يوليو أصابت غارات التحالف منزلاً في تعز أيضاً وأدت إلى مقتل 8 أشخاص من أقارب محمد حلبي، بينهم زوجته وابنته وعمرها ثماني سنوات.

ولفت التقرير إلى ادعاء السعودية أن التحالف سيغيّر إجراءات الاستهداف ويشدد قواعد الاشتباك للتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين، رداً على الغضب الدولي حيال الأعداد الكبيرة للضحايا المدنيين، لكنه أكد أن السعودية لم تقدم أي دليل يدعم تلك الادعاءات، تؤكد أن "الفريق المشترك لتقييم الحوادث" التابع للتحالف يجري تحقيقات بالضربات الجوية الخمس، رغم إعلان السعودية أن تحقيقات ستفتح بهذا الخصوص.

 

الغارات الجوية تقتل عائلات بأكملها (أحمد الباشا/فرانس برس) 



أطفال ضحايا غارات التحالف

ونقل التقرير عن شاهدين ومدير مستشفى محلي وموظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن غارة جوية للتحالف استهدفت منطقة محضة في مديرية الصفراء في محافظة صعدة، يوم 4 أغسطس/آب 2017، وتسببت بمقتل تسعة مدنيين على الأقل من نفس العائلة بينهم ستة أطفال.

قال عبد الرحمن الظُرافي، مدير عام مكتب وزير التربية في صعدة البالغ من العمر 40 عاماً، إنه سمع "انفجاراً قوياً هز المنزل". بعد دقائق، اتصل به صديق ليخبره بأن منزل ابن شقيقه استُهدف.

قال عبد الله عُدايه (33 عامًا)، الذي يبيع القات ويعيش قرب المنزل، إنه كان أول الواصلين بعد الهجوم. "سمعت، مباشرة... صوت طه (ابن شقيق الظُرافي) يطلب المساعدة من تحت الركام". أخذ عُدايه الجريح إلى المستشفى بعد أن أخرجه بمساعدة رجلين من تحت أنقاض المنزل.

وأوضح الظرافي أن "المنزل كان مدمراً بالكامل، أول شيء رأيته عند وصولي كان أحد الجيران يركض حاملاً طفلة بين يديه. لم أتعرف عليها مع كل الغبار والدم اللذين غطيا وجهها، عرفت لاحقاً أنها بتول، ابنة طه الصغرى البالغة من العمر سنتين ونصف".

قال الشاهدان إن طه الظُرافي، مزارع في الـ 35 من العمر، كان يعيش في المنزل مع والدي زوجته وابنتهما البالغة من العمر 17 عاماً. لقيت الزوجة وأولادهما الستة والوالدة وابنتها حتفهم في الاعتداء.

وعن غارة التحالف على قرية العُشيرة، في محافظة تعز يوم 18 يوليو الماضي، والتي أدت إلى مقتل 14 شخصاً بينهم تسعة أطفال، أوضح الشاهد هاشم البريق (32 عاماً) الذي كان يعيش في المنطقة مع زوجته وأولادهما الخمس، التي تبعد نحو 7 كيلومترات عن مخيم عسكري للحوثيين، ونزح إليها مع أسرته إلى جانب 12 أسرة أخرى.

وقال "كنا أكيدين أن هذه المنطقة آمنة، حتى أغاروا علينا"، وأوضح أن ابنته منال (ثلاثة أعوام) وابنه جواد (9 أعوام)، قصدا منزل قريبهما "عندما أصابت الغارة جزءاً من المنزل حيث تعيش عائلة قريبي مباشرة، فقتلت العائلة كاملة بينهم منال وجواد، بالإضافة إلى 3 أشخاص في المنزل المجاور". والمجموع 14 شخصاً من أقرباء البريق بينهم أخته عزيزة (18 عاماً)، وأخوه أحمد (14 عاماً)، ووالدته وزوجة قريبه، و6 من أولادها وأخوها ووالدها.

طفل مصاب من غارات التحالف في تعز(عبد الناصر الصديق/الأناضول) 



وفي صباح 18 يوليو/تموز الماضي قصفت طائرة تابعة للتحالف بقيادة السعودية متجر بقالة محلي في قرية الهاملي في مديرية موزع، محافظة تعز، فقتلت 4 مدنيين من بينهم طفلان، وجرحت ثلاثة، وفق ما قال رجلان كانا في المتجر للمنظمة.

وكان أحمد فريد (47 عاماً)، مالك المتجر، وراشد مقبل، وهو مزارع (25 عاماً)، قالا: إن الهجوم أودى بحياة 4 أشخاص من بينهم صالح، صبي يبلغ 16 عاماً، ورجلان آخران، كما جرح رجلان، من بينهم مقبل. ودُمر المتجر بالكامل.

وفي يوم 3 يوليو/تموز 2017 أغارت طائرة التحالف على منزل في مديرية المخاء في تعز، وقتلت 8 من أقرباء محمد حُلبي، من بينهم 5 أطفال تحت العاشرة من العمر. وقال حلبي، وهو مزارع عمره 45 عاماً "لم يبق شيء، دُمر كل شيء. حملنا أنا وعمي بقايا عائلتنا خارج المنزل".

وقُتلت زوجة حلبي، سعيدة (35 عاماً)، وابنته أماني (8 أعوام). كما توفيت زوجتا عمه وأولاده الأربعة، ابنتان وابنان، جميعهم تحت سن العاشرة. إحدى زوجتي عمه كانت حامل في الشهر الثامن. وصوّر حلبي بقايا السلاح الذي استُخدم في الهجوم. وتعرفت "هيومن رايتس ووتش" على البقايا وهي من قذيفة كبيرة رُميت من الجو ومزودة بمجموعة "بايفواي"(Paveway) للتوجيه.

لا قوانين تحمي الطفولة في اليمن (Getty)



وظهر 9 يونيو/تموز الماضي، أغارت طائرة التحالف على منزل توفيق الصعدي في حي القوبري في صنعاء، فقتلت أربعة مدنيين من بينهم ثلاثة أطفال، وجرحت ثمانية من بينهم ثلاثة أطفال. دمر الهجوم منزل الصعيدي. وأنقِذت زوجته غانية (32 عاماً)، وابنته خديجة ذات 18 شهراً من تحت الأنقاض. وغانية كانت حاملاً بالشهر الثامن، أصيبت بكسر في رجلها وحرق في ظهرها ورضة في جمجمتها، وخسرت الطفل.

كما دمر الهجوم خمسة منازل أخرى وضرر خمسة أخرى وفق الصعيدي. وخسر جار الصعيدي أربعة من أقاربه من ضمنهم ثلاثة من أولاده، تتراوح أعمارهم من 8 حتى 13 عاماً، وجدة زوجته السبعينية. وقال إن 6 أشخاص آخرين جُرحوا في الحي، من بينهم طفلان.