كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، ليل أمس الثلاثاء، أن رئيس جهاز "الموساد" يوسي كوهين، هو الذي تولى شخصياً مهمة إجراء الاتصالات مع كبار المسؤولين في دولة الإمارات، بهدف تنسيق إجراءات مشاركة إسرائيل في معرض "إكسبو 2020" في دبي العام المقبل.
وبحسب ما ذكرت المعلقة السياسية في القناة، غيلي كوهين، فإن الاتصالات التي أدارها "الموساد" مع المسؤولين الإماراتيين، شملت التفاصيل الفنية، وضمن ذلك إجراءات تأمين الوفد الإسرائيلي عند وصوله.
وعرضت كل من غيلي كوهين، وزميلتها دفوريا لابل، مقدمة نشرة الأخبار الرئيسة في "كان"، باستهجان واضح، خبر الكشف عن دور "الموساد" تحديداً في تنسيق المشاركة الإسرائيلية في المعرض بدبي، على اعتبار أن هذا التطور يأتي بعد حوالي تسع سنوات على عملية الاغتيال التي نفذها "الموساد" في دبي، والتي استهدفت القيادي في حركة "حماس" محمود المبحوح، والتي اعتبرت في حينه مسّاً كبيراً بسيادة الإمارات وأمنها.
وعندما يتولى رئيس "الموساد" مهمة إدارة الاتصالات السرية مع القيادة الإماراتية لتنسيق مشاركة إسرائيل في "إكسبو 2020"، فإن هذا يدل ليس فقط على أن الإمارات قد أغلقت ملف حادثة اغتيال المبحوح، بل أن قيادتها تتعاون مع الطرف الذي تولى مهمة الاغتيال، ومثل مصدر تهديد لأمنها.
ويعد انشغال "الموساد" بإدارة ملف التطبيع المهمةَ الأبسط ضمن الأدوار التي يتولاها في إدارة العلاقة مع الإمارات، إذ إن هذا الجهاز يستأثر بتصميم وتوجيه الشراكة الاستراتيجية مع أبو ظبي. فضمن سلسلة التحقيقات التي أعدها الصحافي الإسرائيلي بارك رفيد، وعرضتها أخيراً قناة التلفزة الإسرائيلية "13"، يبدو بوضوح الدور الحاسم، الذي أداه "الموساد" في بناء التعاون السري بين الإمارات وإسرائيل في مواجهة المشروع النووي الإيراني.
فقد كشف رفيد في أحد هذه التحقيقات أن "الموساد" كان المسؤول عن بناء العلاقة بين ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتمكينهما من إجراء اتصالات هاتفية عام 2015 للتباحث حول سبل مواجهة المشروع النووي الإيراني، ومحاولة التصدي لتبعات توصل إيران والقوى العظمى للاتفاق النووي.
ولعل أكثر ما أوضح التقارب الاستراتيجي بين إسرائيل والإمارات، يتمثل في دفاع وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد خلال مشاركته قبل ثلاثة أشهر في لقاء مغلق على هامش مؤتمر "وارسو" (عقد في فبراير/شباط 2019) الذي دعت إليه الولايات المتحدة بهدف مواجهة إيران، عن شنّ إسرائيل غارات في سورية بهدف ضرب الوجود العسكري لكل من إيران و"حزب الله" هناك على قاعدة أنه "لدى كل دولة الحق في الدفاع عن نفسها حين تتحداها دولة أخرى"، بحسب ما أظهر تسجيل مصور نشره مكتب نتنياهو يومها على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يعمد لاحقاً إلى حذفه.
لكن لا شك أن أكثر الأدوار الإقليمية التي تقوم بها الإمارات إلى جانب السعودية، وتلقى ترحيباً واسعاً في إسرائيل، هو دورها في دعم مخرجات الثورات المضادة في العالم العربي، إذ إن تل أبيب رأت في ثورات الربيع العربي مصدر تهديد كبير لمصالحها الاستراتيجية، لا سيما في أعقاب الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك.
وسبق لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن أصدر دراسات وأوراق تقدير موقف، أجمعت على أن الدور الإماراتي والسعودي في إسناد الثورات المضادة في العالم العربي، أفضى إلى صياغة بيئة إقليمية مريحة جداً لإسرائيل.
وقد رأى "مركز القدس للشؤون العامة" اليميني، الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد، الوكيل السابق للخارجية الإسرائيلية، أن الحرص الإماراتي على تكثيف مظاهر التطبيع مع إسرائيل، على الرغم من تحذيرات السلطة الفلسطينية، يندرج في إطار التمهيد لإعلان إدارة دونالد ترامب خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بـ "صفقة القرن".
وفي تقدير موقف أعده ونشر قبل أيام، نوه المركز إلى أن كل المؤشرات تدلل على أن توسيع دائرة التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، يعد أحد أهم المركبات الرئيسة في "صفقة القرن".
وقد لفت المركز إلى أن حرص وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على المطالبة "بانفتاح العالم العربي على إسرائيل من أجل تحسين فرص تحقيق التسوية السياسية للصراع"، يمثل خطوةً تندرج في إطار التمهيد لـ"صفقة القرن".