وبذلك يكون مشروع قانون بريكست على بعد خطوة واحدة من أن يصبح قانوناً ملزماً، وذلك عندما تمنحه الملكة إليزابيث الثانية الموافقة الملكية.
وكان مشروع قانون الخروج من الاتحاد الأوروبي قد دخل اليوم الأربعاء مرحلته ما قبل الأخيرة في البرلمان البريطاني، الذي تقاذفت غرفتاه المشروع في مرحلة تعرف مجازاً باسم "بينغ بونغ" تشبهاً بتنس الطاولة.
ورفض مجلس العموم، الذي يهيمن عليه المحافظون، اليوم الأربعاء، جميع التعديلات الخمسة التي أقرها مجلس اللوردات يومي الاثنين والثلاثاء على مشروع قانون بريكست، ليعود مشروع القانون مجدداً إلى اللوردات، والذي أقرّه بدون تعديلات، إذ كان يتوجب على البرلمان البريطاني إقرار القانون قبل نهاية الشهر الحالي.
ويلزم العرف السياسي البريطاني مجلس اللوردات غير المنتخب بالالتزام برغبة الغرفة الدنيا المنتخبة، والتي تنبثق منها الحكومة البريطانية.
ويجتمع وزراء دول الاتحاد الأوروبي الـ27 أيضاً اليوم، لمنح الموافقة الرسمية على إقرار اتفاق "بريكست"، والذي سيسمح بالطلاق بين لندن وبروكسل يوم 31 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وكان مشروع قانون "بريكست" قد تلقى خمس هزائم في مجلس اللوردات منذ يوم الإثنين، عندما صوت أعضاء الغرفة العليا من البرلمان البريطاني لصالح تعديلات على مشروع القانون الحكومي، كان قد رفضها مجلس العموم.
وبالرغم من تجاوز مشروع قانون "بريكست" مجلس العموم بسهولة، نظراً للأغلبية التي حصدها حزب المحافظين في الانتخابات الأخيرة، إلا أن الحزب يفتقد الأغلبية في مجلس اللوردات، إذ يجب على أي مشروع قانون أن يحصل على موافقة غرفتي البرلمان قبل حصوله على الختم الملكي.
وكانت كبرى الهزائم التي تلقتها الحكومة في مجلس اللوردات ما يتعلق بحق القاصرين من اللاجئين في لمّ الشمل مع عائلاتهم في المملكة المتحدة بعد "بريكست". وأجاز التعديل، الذي نجح بأغلبية 80 صوتاً (300 مقابل 220)، الحكومة البريطانية على استقبال الأطفال الفارين من مناطق النزاعات، والذين يمتلكون أقاربَ في بريطانيا.
وعلق صاحب المبادرة، اللورد ألف دابس، على نجاح التعديل بالقول: "لقد كشفنا بكل وضوح عن أن تصويت مجلس اللوردات مبني على أسس إنسانية. وحان الوقت ليكشف مجلس العموم عن معدنه".
وشملت التعديلات الأخرى، التي هزمت فيها الحكومة البريطانية، حق المواطنين الأوروبيين في الحصول على وثائق تثبت وضع إقامتهم القانوني في بريطانيا بعد "بريكست". كذلك أقر مجلس اللوردات تعديلاً يحرم الوزراء من إمكانية اختيار المحاكم التي تمتلك سلطة مخالفة أحكام محكمة العدل الأوروبية، وتحويل هذه السلطات لصالح المحكمة العليا. كذلك دعم المجلس أيضاً تعديلاً يدعم حماية السلطة المحلية في كل من اسكتلندا وويلز، قبل أن يعود ويمرره دون تعديلات.
وكان قد رد متحدث باسم رئاسة الوزراء بالقول: "إننا محبطون من اختيار مجلس اللوردات تعديل مشروع قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، والذي أقره مجلس العموم من دون أي تعديل وبأغلبية 99 صوتاً. ستظل حماية القاصرين ضمن أولوياتنا بعد بريكست، وستعكس اتفاقية الانسحاب التزاماتنا، كما ستوضح دور البرلمان والحكومة في المفاوضات. سنسعى لعكس هذه التعديلات عندما يعود مشروع القانون إلى مجلس العموم".
كذلك طلبت وزارة الداخلية البريطانية في وقت سابق من مجلس اللوردات عدم وضع المسألة على طاولة التصويت، مؤكدة أنها لن تتخلى عن التزاماتها تجاه لم شملّ الأطفال القاصرين من اللاجئين. وتشير الداخلية البريطانية إلى أن 41 ألف قاصر قد حصلوا على حماية بريطانيا منذ عام 2010.
وتستضيف بريطانيا القاصرين من اللاجئين عبر عدد من القنوات الرسمية، أهمهم طالبو اللجوء ممن دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية. وبلغ عدد هؤلاء أكثر من 3 آلاف قاصر عام 2018. كما تستقبل بريطانيا القاصرين عبر التزاماتها في إطار الاتحاد الأوروبي، وهو ما يشكل محور الجدل الحالي حول شمول قانون "بريكست" فقرة تجدد فيها بريطانيا تعهدها بقبول القاصرين ممن يمتلكون أقارب على أراضيها.
ويضاف إلى ما سبق أيضاً برنامج إعادة التوطين الذي تبنته الحكومة المحافظة عام 2016، استجابة لضغط الشارع البريطاني خلال ذروة "أزمة اللاجئين".
وكانت الانتخابات العامة التي أجريت في 12 ديسمبر/ كانون الأول الماضي قد أسفرت عن نصر المحافظين بأغلبية في البرلمان البريطاني، تمت ترجمتها بإقرار اتفاق "بريكست" في مجلس العموم قبل أسبوعين.