ترامب يوظف اعتداءات لندن لإحياء قرارات "منع الدخول"

06 يونيو 2017
يسعى ترامب لتحقيق إنجاز ما لإدارته (براندون سيمالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -
قد يكون الاعتداء الإرهابي الذي ضرب لندن مساء السبت - الأحد، بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب من نوع "رب ضارة نافعة". جاءه في لحظة مواتية قد تخدمه لكسر اعتراض محاكم الاستئناف الفيدرالية على تنفيذ قراره بمنع مواطني ست دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة. فقد سارع في أول تعليق له بعد الاتصال التضامني مع رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، إلى استغلال الفرصة ومناشدة المحكمة العليا ولو بصورة غير مباشرة "لتعيد لنا حقنا بفرض المنع الذي نحتاجه كضمانة أمنية إضافية"، وفق قوله.
وكانت محاكم استئناف فيدرالية عدة قد أصدرت أحكامها في شهر مايو/ أيار الماضي، وأكدت فيها صحة قرار القضاة الفيدراليين المنفردين الذي سبق وقضوا بعدم السماح بتطبيق المنع، على أرضية أن القرار "يضرّ بمصالح" أطراف أميركية كانت قد لجأت إلى القضاء لوقفه باعتباره غير قانوني من هذه الناحية. يذكر أيضاً أن وزيرة العدل بالوكالة سالي ياتس كانت قد رفضت هي الأخرى في يناير/ كانون الثاني الماضي، العمل بقرار المنع "لعدم قانونيته"، ودفعت الثمن بإقالتها بقرار رئاسي من منصبها.
مع ذلك وعلى الرغم من قوة المأخذ القانوني على القرار، لوحظ أن محاكم الاستئناف التي نظرت في الموضوع وأكدت وقف القرار، تتشكّل في غالبيتها من قضاة سبق أن اختارهم رئيس ديمقراطي وينتمون عملياً إلى خطه. وقد استندت قراراتهم القانونية إلى حيثيات مختلفة، منها تصريحات ترامب ومستشاريه أثناء الحملة الانتخابية التي نضحت بالتمييز ضد المسلمين، وبما يفيد بأن قراره الرئاسي بالمنع جاء ليعكس مثل هذا التمييز، وبالتالي ليضعه في تعارض مع القانون.


لكن البيت الأبيض يقول عبر وزارة العدل، إنه لا يجوز لمحكمة الاستئناف الاستناد إلى مواقف سابقة بل كان عليها حصر حكمها بجدارة قرار المنع لجهة كونه حقاً قانونياً غير منازع به للرئيس. وتراهن الإدارة الآن على أن هذه الحيثية اجتهاد قابل للجدل وقد تنقضه المحكمة العليا. وهي مراهنة قد لا تكون خائبة إذا ما قبلت المحكمة العليا النظر في القضية وانتهت إلى الفصل فيها وفق تركيبتها السياسية، إذ إن أكثر من نصفها، خمسة قضاة من أصل تسعة، محسوبون على الجمهوريين. وكان آخرهم القاضي نيل غورساك، الذي اختاره ترامب ووافق عليه الجمهوريون لوحدهم كأكثرية في مجلس الشيوخ.
وإذا تم الاعتماد على هذا الأساس، فقد تقضي المحكمة العليا بتثبيت قانونية قرار المنع. فالأجواء مشحونة كفاية، وجاء إرهاب لندن المكرر في الآونة الأخيرة، ليرفع من درجة الخشية من وقوع أعمال إرهابية في الولايات المتحدة، ويعطي بالتالي المزيد من الزخم للاعتبارات الأمنية، بل يرجّحها على غيرها.
تبقى مسألة التوقيت، فوزارة العدل في صدد رفع القضية إلى المحكمة العليا. لكن هذه الأخيرة تدخل في إجازة الصيف مع أوائل يوليو/ تموز المقبل. وليس معروفاً ما إذا كانت في وارد النظر في هذه الدعوى، لو قبلتها في الشكل، قبل نهاية موسمها القضائي. لكن المعروف أن الإدارة الأميركية مستعجلة للبتّ في القرار، ففي يدها قضية قوية أمنياً وموضع جدل قانونياً. والرئيس الأميركي بحاجة إلى إنجاز في هذا الوقت المتعثر الذي تمر به إدارته، خصوصاً إلى إنجاز من النوع الذي يجري التأكيد على طابعه الأمني، مثل قرار المنع. وإذا حصل وجرت الأمور في هذا الاتجاه، يصبح قرار المنع نافذاً فوراً، لأن المحكمة العليا هي الملاذ الأخير لحسم هذا الموضوع الذي أثار الكثير من الجدل القانوني والسياسي منذ صدوره في وقت مبكر من ولاية ترامب.

المساهمون