لبنان: رسائل مباشرة من بري إلى باسيل وحكومة دياب

22 مايو 2020
حذر بري من الأصوات التي تنادي بالفدرالية(حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
وضع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في كلمة له، اليوم الجمعة، بمناسبة عيد "المقاومة والتحرير" و"يوم القدس العالمي" وحلول عيد الفطر، خريطة طريق ضرورية لإعادة إنتاج الحياة السياسية في لبنان، تنطلق من إقرار قانون انتخابي جديد خارج القيد الطائفي، واعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، وإنشاء مجلس شيوخ، وتحرير القضاء.
ودعا بري إلى تحرير قطاع الكهرباء من عقلية المحاصصة المناطقية والطائفية والفدرالية، من خلال تعيين مجلس إدارة جديد نظيف الكف، وهيئة ناظمة للقطاع، في رسالةٍ واضحة إلى "التيار الوطني الحرّ" برئاسة النائب جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية)، الذي يضع يده على وزارة الطاقة والمياه منذ أكثر من عشر سنوات، ودائماً ما كان يشترط على الحكومات المتعاقبة الحصول على هذه الحقيبة الوزارية كشرطٍ لتشكيل الحكومة. وسبق أن عرقل باسيل تأليف الحكومة يوم تمسّك بهذا المركز لنفسه عام 2009، وكلّ ذلك بحجة متابعة تنفيذ خطة الكهرباء التي أعدّها، والتي تقضي بإنشاء معامل إنتاج تكفي لتأمين الكهرباء 24/24، الأمر الذي لم يحصل حتى اليوم، لا بل زادت ساعات التقنين، ما دفع اللبنانيين للنزول من جديد إلى الشارع والاحتجاج أمام وزارة الطاقة والمؤسسات المعنية على انقطاع التيار الكهربائي، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الهدر في "مغارة الفساد" التي فرضت العتمة على الشعب اللبناني، وكشف ملابسات "الفيول المغشوش" الذي يشهد تدخلات سياسية من أجل حرف الملف عن مساره.
كما دعا بري "الجميع، موالاة ومعارضة، إلى استحضار كل القيم التي صنعت التحرير من أجل إنجاز الجهاد الأكبر، واستكمال تحرير لبنان من الانتهاكات"، قائلاً إنه آن الأوان لوقف حفلات إلقاء التهم في زمن تحمّل المسؤوليات.
وكان لافتاً قول رئيس البرلمان اللبناني إنّ "المطلوب من الحكومة مغادرة محطة انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة، حيث إنّ المطلوب هو الأعمال بدلاً من الأقوال، والانطلاق بعمل ميداني بعيداً من البرامج الورقية"، في وقتٍ خصّص رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، يوم أمس الخميس، مساحة من وقت جلسة مجلس الوزراء للحديث عن "إنجازات المئة يوم" التي وعد بأنها ستكون على مستوى تطلعات المعتصمين على مساحة الوطن، علماً أنّ اللبنانيين لم يلمسوا أي شيء منها، لا بل اعتبروا فترة الثلاثة أشهر بمثابة مئة يوم من الذلّ على أبواب المصارف التي تحتجز ودائعهم، وعلى صناديق السوبرماركت التي تشهد على دموع الأمهات والآباء العاجزين عن شراء ما يكفي من الطعام لأفراد عائلاتهم بسبب الغلاء الفاحش الذي أنتجته فوضى سعر صرف الدولار، وتدهور العملة الوطنية، وغياب المسؤولين الذين لم يتحرّكوا جدياً من أجل وضع حدّ لطمع التجار، ومئة يوم من قمع الحريات والاعتداءات الأمنية التي طاولت المواطنين والناشطين وحتى الصحافيين، ومن الجوع و"نفاد المواد الغذائية" التي تحدّث عنها دياب في مقاله المنشور عبر صحيفة "واشنطن بوست" لاستعطاف أميركا والمجتمع الدولي لمساعدة لبنان مالياً، في حين لم يأتِ على ذكر هذه الأزمة في "برنامج إنجازاته".
وطلبت الحكومة اللبنانية، مطلع الشهر الحالي، مساعدة رسمية من صندوق النقد الدولي، غداة إقرارها خطة إصلاحية تأمل عبرها بالحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار. لكن هذه المساعدة مشروطة بجملة إصلاحات بنوية لم تطبَّق حتى الساعة، منها مكافحة الفساد والهدر في ملف الكهرباء خصوصاً، استقلالية القضاء، استرجاع الأموال المنهوبة وغيرها.
وحذر بري من "أصوات النشاز التي تعلو في لبنان وتنادي بالفدرالية لحلّ الأزمات التي يرزح تحتها، فلا الجوع أو أي عنوان آخر سيجعلنا نستسلم لأي مشروع صهيوني". (ودائماً ما يطرح باسيل اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة والتي تُعدّ بمثابة فدرالية مقنعة، كما يدعو حزب القوات اللبنانية إلى فدرالية مناطقية).
وجدّد رئيس مجلس النواب تأكيده أنّ "ودائع اللبنانيين في المصارف هي من الأقداس وحق لأصحابها، وأنّه سيتم التصدي لأي محاولة ترمي إلى التصرف بها تحت أي عنوان من العناوين، ولا يجوز ولا يُعقل أن يكون الأمن الغذائي والصحي وجنى عمر اللبنانيين ضحية لسياسة مصرفية خاطئة".
وهذه ليست المرّة الأولى التي يأتي فيها بري على ذكر هذا الموضوع، لكن أموال الناس لا تزال محجوزة في البنوك، وتحريرها مرتبط بشرط الحصول عليها بالعملة الوطنية وفق سعر السوق الموازية، أي 3200 ليرة للدولار الواحد، الذي يبقى أقلّ بكثير من السوق السوداء التي يصل فيها الدولار إلى 4000 ليرة لبنانية، ما يفقدهم قيمة أموالهم بأكثر من 60%.
وأكد مصرف لبنان المركزي، أمس الخميس، أنه سيبدأ باتخاذ "الإجراءات الضرورية" للدفاع عن العملة المحلية اعتباراً من 27 مايو/أيار، بما في ذلك توفير الدولارات لاستيراد المواد الغذائية الأساسية.
في سياق آخر، رأى بري أنّ "صفقة القرن هي وصفة سحرية لإعادة إحياء مشاريع التقسيم والفدرلة من بوابة فلسطين، ونحن كلبنانيين رفضنا هذه الصفقة المذلة والتوطين"، مشدداً على "شرعية مقاومة الفلسطينيين، وبقدر ما نكون مع فلسطين نكون مع أوطاننا". وقال إن "ترسيخ وحدة لبنان وسورية والأردن ومصر هي رهن النتائج المتوقفة على مقاومة فلسطين ولبنان وكلّ العرب لمشروع صفقة القرن".
المساهمون