تلوح أزمة جديدة في الأفق بين المغرب والجزائر، بعدما شن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي المغربي ناصر بوريطة، يوم الاثنين، هجوما حادا على الجزائر، متهما إياها بـ"مواصلة تغذية الانفصال"، في إشارة إلى دعمها لجبهة البوليساريو.
وقال بوريطة، خلال قمة مجموعة الاتصال لحركة عدم الانحياز، الاثنين، عبر تقنية الفيديو، إن دولة مجاورة، لم يسمها، تواصل تغذية الانفصال بالرغم من الظروف الاستثنائية الحالية، وتحويل مواردها لصالح مبادرات تهدف إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي.
وعبر بوريطة، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية، عن أسفه لاستمرار دولة مجاورة "على الرغم من الظروف الاستثنائية الحالية، في تغذية الانفصال، وذلك في خرق للمبادئ المؤسسة لحركة عدم الانحياز".
وأضاف رئيس الدبلوماسية المغربية، في رد على إثارة الجزائر لقضية الصحراء خلال هذا الاجتماع، أن "هذه الدولة وعوض أن تستعمل مواردها لتحسين الوضعية الهشة لساكنتها في سياق جائحة كورونا، تعمل على تحويل هذه الموارد بهدف زعزعة الاستقرار الإقليمي".
وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، فقد دعا الرئيس عبد المجيد تبون، خلال
أشغال القمة الافتراضية لحركة دول عدم الانحياز، مجلس الأمن الدولي للاجتماع في أقرب الآجال واعتماد قرار ينادي من خلاله بصفة رسمية إلى الوقف الفوري لكل الأعمال العدائية عبر العالم، لا سيما في ليبيا، دون إغفال الأوضاع في الأراضي التي تعيش تحت الاحتلال، كما هو الحال في فلسطين والصحراء.
ولا تلبث العلاقات الجزائرية المغربية أن تتلمس طريقاً لحل الخلافات بين البلدين، حتى تعيد التصريحات السياسية الأزمة إلى نقطة بداية الخلاف الحاد.
ويشكل ملف الصحراء أبرز القضايا الخلافية بين الجزائر والمغرب، حيث تتهم الرباط الجزائر بتقديم الدعم لـ"جبهة البوليساريو"، فيما تعتبر الجزائر القضية مسألة أممية.
ولم تؤد دعوة العاهل المغربي محمد السادس، التي تضمنتها برقية التهنئة التي كان قد وجهها إلى الرئيس الجزائري الجديد في 15 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى "فتح صفحة جديدة" في العلاقات بين بلاده والجزائر وطي صفحة الخلافات، بعد اتهام تبون ما سماه اللوبي المغربي – الفرنسي بعرقلة تطور العلاقات بين الجزائر وباريس والحد من كل المبادرات خدمة لمصالح الرباط.
كما أدخلت التصريحات السياسية، خلال الأشهر الماضية، العلاقات بين البلدين إلى مرحلة الأزمة، على خلفية موقف الجزائر من فتح دول أفريقية لقنصلياتها في مدينة العيون، وسعيها لإفشال منتدى "كرانس مونتانا" في الداخلة، جنوب المغرب.
وبحسب إدريس لكريني، مدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات بكلية الحقوق في مراكش، فإن المواقف التي تبديها السلطات الجزائرية الحالية، أخيرا، بشأن المغرب وقضية الصحراء، تؤكد أن ذهاب الأشخاص لا يعني ذهاب المرتكزات التي بنيت عليها السياسة الخارجية الجزائرية، وأن القوى النافذة المتحكمة في مسارات السياسة الداخلية والخارجية ما زالت كما هي.
ويرى لكريني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "التحركات والمواقف الجزائرية المعبر عنها في الأسابيع الماضية تعكس حجم الانزعاج الذي يشعر به صانع القرار الجزائري وقادة البوليساريو إزاء النجاحات التي باتت تحققها التوجهات المغربية بإقناع عدد من الدول الأفريقية بافتتاح قنصليات لها في الأقاليم الجنوبية".
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن العلاقات المغربية الجزائرية ستعود إلى نقطة بداية الخلاف الحاد، يستبعد الخبير المغربي حدوث انفراج في العلاقات بين البلدين في ظل استمرار النخب الجزائرية الحالية في الحكم.
اقــرأ أيضاً
وتجمدت العلاقات بين البلدين الجارين منذ يناير/ كانون الثاني عام 1995، بعد اتهام الرباط للجزائر بالتورط في تفجير إرهابي لفندق "أطلس آسني" بمراكش في ديسمبر/ كانون الأول 1994، فيما ردت الجزائر حينها بغلق الحدود البرية التي لا تزال مغلقة حتى اليوم.