العراق: قانون انتخابات "سانت ليغو" يُنذر بخيارات مفتوحة

06 اغسطس 2017
تظاهرة في بغداد ضد القانون الجمعة الماضي (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -

تفاقمت أزمة قانون انتخابات مجالس المحافظات في العراق المقررة العام المقبل، بعد موجة الرفض لآلية "سانت ليغو" المعدلة 1.9 التي اعتمدها القانون، والتي تؤدي، بحسب معترضين، إلى فوز الأحزاب الكبيرة وإقصاء الصغيرة. وفي الوقت الذي فشلت فيه الكتل السياسية العراقية في عقد اجتماع موسع لتلافي الأزمة، يلوح سياسيون وناشطون بتصعيد الاحتجاجات الشعبية في حال أصرت القوى السياسية المتنفذة على مواقفها الداعمة لقانون مجالس المحافظات، والذي صوّت البرلمان العراقي على عدد من فقراته الأسبوع الماضي، وتؤكد أن جميع الخيارات مفتوحة.

القيادي في التحالف المدني، وأحد منظمي التظاهرة التي خرجت في بغداد، الجمعة الماضي، لرفض قانون الانتخابات الجديد، جاسم الحلفي، أكد أن الكرة أصبحت في ملعب القوى السياسية التي يجب أن تجتمع لتنظر في مطالب المتظاهرين الداعية إلى تعديل قانون الانتخابات وجعله أكثر عدالة، موضحاً، لـ"العربي الجديد"، أن التظاهرات ستستمر إذا بقي القانون الحالي على ما هو عليه. وأشار إلى وجود إصرار لدى القوى المدنية العراقية على تغيير قانون "سانت ليغو 1.9"، ملوحاً بتصعيد مستوى الاحتجاجات الشعبية في حال أصرت القوى السياسية المتنفذة على مواقفها. ويقول الناشط في التظاهرات الشعبية ضد قانون الانتخابات، حيدر التميمي، إن التجارب السابقة أثبتت أن الطبقة السياسية الحالية لا يمكنأان تسمح لأحد أن يشاركها السلطة حتى وإن كان عن طريق الانتخابات، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، أنها جاءت بقانون انتخابات جديد يبقيها في السلطة أطول فترة ممكنة. وأشار إلى أن الاحتجاجات التي يشهدها العراق، منذ الجمعة الماضي، هي إحدى وسائل الضغط على البرلمان لتعديل القانون، مبيناً أن جميع الخيارات مفتوحة إذا لم تتم الاستجابة لمطالب المتظاهرين.

وشهدت العاصمة العراقية بغداد، الجمعة الماضي، تظاهرة شارك فيها الآلاف من أتباع التيار الصدري والقوى المدنية احتجاجاً على قانون الانتخابات الذي وصفوه بالمجحف، ما دفع القوى السياسية للإعلان عن عقد اجتماع قريباً لبحث مسألة تعديل القانون المثير للجدل. وأكد مصدر سياسي مقرب من التحالف الوطني الحاكم، والذي يمثل الكتلة الكبرى في البرلمان العراقي، وجود انقسام سياسي وصفه بـ"الخطير" داخل "التحالف" بشأن قانون انتخابات مجالس المحافظات، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، أن التحالف منقسم إلى معسكرين، الأول يضم "ائتلاف دولة القانون، والفضيلة، وبدر، والمجلس الأعلى الإسلامي، وتيار الحكمة"، ويؤيد هذا المعسكر آلية 1.9 الحالية. وأضاف "أما الطرف الآخر، والذي يضم التيار الصدري وبعض الكتل السياسية الصغيرة والمستقلين، فقد رفض بشكل قاطع هذه الآلية، وطالب بتعديل يضمن التصويت على قانون انتخابات عادل"، مبيناً أن خلافات التحالف الوطني عرقلت عقد اجتماع موسع للقوى السياسية العراقية لمناقشة أزمة قانون الانتخابات.


من جهته، قال رئيس كتلة "ائتلاف دولة القانون" البرلمانية، علي الأديب، إن القوى السياسية قررت تأجيل اجتماعها الذي كان مقرراً أمس السبت بشأن قانون الانتخابات، مؤكداً، في تصريح صحافي، أن ائتلافه ما يزال متمسكاً بـ"سانت ليغو 1.9". وأضاف أن "القوى التي ترغب باعتماد نظام 1.9 تعهده نموذجاً مهنياً للدولة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والتنموي ومنع حالة التشظي الموجودة حالياً في مجالس المحافظات والحكومة الاتحادية"، موضحاً أن "كثرة الأحزاب والكتل تدل على تضخم حالة الأنا والفردية". الحراك المناوئ لقانون الانتخابات الجديد لم يقتصر على الشارع، إذ أكد نائب رئيس "كتلة الأحرار" التابعة للتيار الصدري في البرلمان، محمد هوري، جمع تواقيع لعشرات النواب من أجل إعادة التصويت على عدد من فقرات قانون الانتخابات، بينها المتعلقة بتقسيم الأصوات على القاسم الانتخابي 1.9، مؤكداً، خلال مقابلة متلفزة، أن التيار الصدري قدم مقترحات بديلة عدة عن هذا القانون، تحقق العدالة النسبية، لكن البرلمان لم يأخذ بها.
وفي السياق، قال عضو كتلة "الوركاء" المسيحية، النائب جوزيف صليوا، إن برلمانيين جمعوا تواقيع لأكثر من مائة نائب من أجل إعادة التصويت على بعض فقرات قانون انتخابات مجالس المحافظات، مؤكداً، في حديث لعدد من وسائل الإعلام، أن "القانون الحالي ينتهج صيغة الدكتاتورية السياسية بأسلوب قانوني". وأشار إلى أن بعض الأقليات، مثل الأرمن في العراق، لم تحصل على أي مقعد في انتخابات مجالس المحافظات السابقة التي أجريت عام 2013، على الرغم من وجودهم بكثافة في بغداد والبصرة، موضحاً أن القانون الجديد، والذي صوت البرلمان على بعض فقراته، يقيّد فئة الشباب لأنه يشترط عمر ثلاثين سنة للمرشح إلى مجالس المحافظات.

قوى سياسية كردية، هي الأخرى، لم تكن راضية عن القانون الجديد لانتخابات مجالس المحافظات، إذ أكد رئيس كتلة "التغيير" الكردستانية في البرلمان، أمين بكر، أن الكتل السياسية الكبيرة ضربت بعرض الحائط شعارات الإصلاح، من خلال تمرير عدد من فقرات قانون الانتخابات، موضحاً، في بيان، أن هذه القوى كشفت عن وجهها الحقيقي المتستر خلف شعارات دعم الطاقات الشبابية. واعتبر أن "إصرار الكتل الكبيرة على أن يكون القاسم الانتخابي 1.9 إعلان واضح عن رغبة تلك الكتل بالتفرد وإزاحة جميع الأصوات الوطنية"، مشيراً إلى وجود صفقات فساد تجري خلف الكواليس بشأن القانون. وعلى الرغم من موجة الرفض العارمة للفقرة المتعلقة بالقاسم الانتخابي 1.9 في قانون انتخابات مجالس المحافظات إلا أن السلطة التشريعية لم تتخذ أي إجراء بهذا الشأن، واكتفت بتعديل فقرات أخرى، بحسب النائب حامد الخضري، والذي أكد إضافة بعض المقترحات إلى القانون تتعلق بتقليص عدد أعضاء مجالس المحافظات، ليكونوا بين عشرة و35 عضواً في كل محافظة. وكان البرلمان العراقي قد صوّت، الأسبوع الماضي، على عدد من فقرات قانون انتخابات مجالس المحافظات، بينها الفقرة المتعلقة باعتماد آلية "سانت ليغو 1.9" عند توزيع الأصوات، وتحويلها إلى مقاعد في المجالس المحلية. وقانون "سانت ليغو" المعدّل حوّل القاسم الانتخابي إلى 1.9، بينما في القانون الأصلي هو 1.4، ما معناه أنه في حال تنافست ثلاثة أحزاب في دائرة انتخابية واحدة، تكون أصوات الحزب الأقل في هذه الدائرة خارج التنافس وتذهب أصواته للحزب الأكبر أو الكتلة الكبرى. مع العلم أن العراق استخدم آلية "سانت ليغو" الأصلية، أي القاسم الانتخابي 1.4 في انتخابات مجالس المحافظات عام 2013، وحقق نوعاً من العدالة النسبية، بعد أن أتاح فرصة للأحزاب الصغيرة للوصول إلى الحكومات المحلية حينها، قبل أن تتدارك القوى السياسية المتنفذة هذا القانون في انتخابات البرلمان في عام 2014 حين غيّرت الآلية لتصبح 1.6، والتي صبّت في صالح الأحزاب الكبيرة، المسمّاة في العراق "حيتان العملية السياسية".